الأربعاء، 20 أبريل 2011

مُحَاكمة البــابوية في ضوء الأسفار الإلهية

مقدمة
ليس الغرض من هذا البحث هو محاكمة (judgment) البابوات كأشخاص، ولكن محاكمة (trial)[1] النظام البابوي.
فالأشخاص لهم التاريخ الذي سيحكم على سلوكهم وأفعالهم، وكذلك لهم الديان العادل الذي وحده له سلطان الدينونة، والحكم في اليوم الأخير.
لكن الغرض من هذا البحث هو وضع النظام البابوي تحت مجهر كلمة الله لبيان مدى صحته أو عدم صحته، وإذا لم يكن له أساس في كلمة الله فلا بد من الرجوع إلى التاريخ لمعرفة منابع ومصادر هذا النظام، متى نشأ، وكيف تطور.
والمنهاج المتبع في هذا البحث هو منهاج البحث العلمي، نظرًا لأهمية موضوعه. لذلك سيجد المُطّلع على هذا البحث أن كل تعاليم وردت فيه هي مُثْبتة بالدليل والبرهان من الكتاب المقدس أولاً في أصوله العبرية واليونانية متى كان ذلك ضروريًا، مع بعض الترجمات المعتمدة، ثم بالرجوع إلى مجموعة كتابات الآباء المعروفة باسم:
Ante-Nicene Fathers, Nicene and Post-Nicene Fathers
وهي موجودة بمكتبة معهد الدراسات القبطية، بالأنبا رويس بالعباسية، وكذلك موجودة على شبكة المعلومات الدولية، على الموقع التالي: http://www.ccel.org/fathers.html
 وكذلك الرجوع إلى دوائر المعارف المعتبرة، مثل:
Encyclopedia Britannica
Encyclopedia of Religion
وأيضًا الرجوع إلى كتب التاريخ الموثوق بها، مثل كتاب تاريخ البطاركة للأنبا ساويرس ابن المقفع أسقف الأشمونيين (عاش في القرن العاشر للميلاد 915-987م)، والذي قام بتحرير النَصّ العربي، وترجمته إلى اللغة الإنجليزية  وشرحه ب. إيفتس B. EVETTS (1904)، وهو موجود بمكتبة معهد الدراسات القبطية، وكذلك على شبكة المعلومات الدولية، وكتاب تاريخ الكنيسة ليوسابيوس أسقف قيصرية (ترجمة القمص مرقس داود)، وهذا المرجع موجود بالمكتبات المسيحية، وكذلك على شبكة المعلومات الدولية، وغيرها من كتب معتبرة سيتم الإشارة إليها عند الاقتباس منها، وكذلك سيرد ذكرها في مراجع البحث.
وإذ أضع هذا الجهد المتواضع بين يدي سيدي الوحيد، ومخلصي يسوع المسيح، كشهادة  أمام الله والتاريخ، أصلي أن يكون هذا البحث بمثابة شمعة صغيرة، تضيء الطريق أمام الكثيرين من محبي الحق والمعرفة التي بحسب كلمة الله.
سعيد مرقص

تمهيد

1- ملاحظات وتساؤلات منطقية
الملاحظة الدقيقة[2]، ثم طرح التساؤلات، وإعطاء العقل فرصة للتأمل فيما تمت ملاحظته، ومحاولة الإجابة عن هذه التساؤلات، يضع الإنسان في طريق الفهم والمعرفة. فما أصعب أن يحمل الإنسان فوق كتفيه رأس به عقل، والذي هو أعظم هبات الله للإنسان، ثم يكون هذا الإنسان منقادًا، مُساقًا، مُسلِّمًا زمام أمره لغيره؛ ليقودوه إلى حيث لا يدري، وهو مُعصب العينين مُغلق الذهن.
لذلك قبل الدخول في لب موضوع هذا البحث، لابد من طرح بعض التساؤلات المنطقية، والتي يمكن أن تخطر ببال أي إنسان، وهي:

* هل أسس المسيح النظام البابوي؟ 
وإذا كان المسيح هو مؤسس هذا النظام، فما هي المناسبة التي أسس فيه هذا النظام، وما هو النص الكتابي الذي يشير إلى ذلك، وفي أي موضع من الكتاب المقدس ورد؟ ومن هو أول بابا رسمه المسيح؟ وعلى أي مدينة رسمه؟

* وإذا لم يكن المسيح هو الذي أسس النظام البابوي، فهل رسله هم الذين أسسوا هذا النظام؟
وهل كان رسل المسيح بابوات؟ أم أن الرسول بطرس وحده هو البابا الأول؟ وهل أقام نفسه بابا، أم أن المسيح رسمه بابا؟ أم الرسل اجتمعوا ورسموه بابا؟ وما هو النص الكتابي الذي يشير إلى ذلك، وفي أي موضع من الكتاب المقدس ورد؟
وإذا كان الآباء الرسوليون (تلاميذ الرسل) هم الذين أسسوا هذا النظام، في القرن الثاني الميلادي، فمن هو الشخص الذي قام بذلك، وما هو النص الكتابي الذي استند عليه، وكان أساسًا لهذا النظام؟ وإذا كان هناك بالفعل شخص قام بذلك، لابد وأن يكون ورد ذكره في مجموعة كتابات آباء ما قبل نيقية     Ante-Nicene Fathers.

* هل نشأ النظام البابوي فجأة في التاريخ، أم أن له بذار سلوكية تمت الإشارة إليها في كلمة الله، أنشأت تعليمًا فيما بعد؟ أليس بالرجوع إلى سفر الرؤيا إصحاح 2 وبمقابلة عدد 6 بعدد 15، نجد أن أعمال النيقولاويين تحولت إلى تعليم.

* هل كان الرسول بطرس، هو أول من كرز بالمسيحية في روما، وهو أول بابا لروما؟

* هل كان البشير مرقس ضمن رسل المسيح؟
* وإن لم يُذكر البشير مرقس ضمن الاثني عشر رسولاً، فهل تمت الإشارة إليه ضمن السبعين رسولاً (لوقا 10: 1)؟
* متى تمت الإشارة أول مرة للبشير مرقس في العهد الجديد؟
* هل كان البشير مرقس هو أول من نشر المسيحية في مصر؟
* هل كان البشير مرقس هو البابا الأول ومؤسس كرسي الأسكندرية؟
تساؤلات منطقية مطروحة، ربما ليست هذه هي كل التساؤلات، ولكن على الأقل هذه أهمها (من وجهة نظر الباحث)، وربما تنطوي في الإجابة عنها، إجابات لتساؤلات أخرى لم يتم طرحها هنا.
     إن الإيمان الصحيح، لا يخشى التساؤلات المطروحة عليه، وليس في المسيحية ما يمنع أو يُحرِّم ذلك، بل من واجب كل مؤمن أن يكون مستعدًا للمجاوبة، فمكتوب: "... مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ، بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ" (1بطرس 3 : 15).
   2- تحذيرات كتابية

   أُبتليت المسيحية منذ عصرها الباكر، بتضافر جحافل الظلمة للنيل من نقاء تعاليمها الإلهية، وتشويهها، بل وإبعادها عن مسارها الإلهي، الذي رسمه الرب لها، ورسله الكرام من بعده.
وهذا ليس بغريب، أو عجيب، لأن المسيحية في نقاء تعاليمها تمثل خطورة على مملكة الظلمة، وكذلك تهديدًا لقوى الشر. لذلك اتبع عدو الخير.. إبليس استراتيجية جهنمية من وجهتين في صراعه ضد المسيحية، الوجهة الأولى اضطهاد من الخارج لإبادة المسيحيين وهو ما عرف في التاريخ بعصور الاستشهاد، والوجهة الثانية دس رسل كذبة، وأنبياء كذبة، ومعلمين كذبة، وإخوة كذبة، داخل دائرة المسيحية لتخريبها وتقويض أركانها من الداخل.
فهل نجح الشيطان في مسعاه؟
لا شك، أن الشيطان قد فشل في إبادة المسيحيين، وهناك قول مشهور للعلامة ترتليانوس (160-220م): "إن دماء المسيحيين (الشهداء) هي بذار الكنيسة"[3]، ولكنه نجح إلى حد بعيد في تشويه صورة المسيحية الحقيقية.. الإيمان المُسلَّم مرة للقديسين.
ولقد جاءتنا التحذيرات من الرب نفسه إذ قال: "انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ" (متى 24: 4).
إن كلمة "انظروا"  βλεπετε (بليبيتي) تعني أيضًا: احذروا، احترسوا    beware  take heed,
(Strong's Hebrew and Greek Dictionaries)
"لاَ يُضِلَّكُمْ"   πλανηση (بلانيسي) وتعني أيضًا: الانحراف عن الطريق be out of the way
(Strong's Hebrew and Greek Dictionaries)
  أَحَدٌ". كان  الرب يعلم بأن هناك مَنْ سيأتي ليضل المؤمنين، لذلك منذ البداية سبق وحذر من المُضلّين، حتى لا يعتذر إنسان بالجهل، وعدم المعرفة.
    وإذا كان تحذير الرب لتلاميذه: "انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ"، فكم يكون هذا التحذير لازمًا وضروريًا لكل المؤمنين في كل زمان ومكان أن يحترسوا على الدوام من خدع الشيطان وتقليده ومحكاته لأمور الله، وذلك بفحص كل شيء بالرجوع إلى أقوال الله، ولسان الحال هو: ماذا يقول الكتاب؟
وإذا كان لنا تحذير من الرب، فلنا تحذير آخر من الرسول بطرس:
"فَأَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ قَدْ سَبَقْتُمْ فَعَرَفْتُمُ، احْتَرِسُوا مِنْ أَنْ تَنْقَادُوا بِضَلاَلِ الأَرْدِيَاءِ، فَتَسْقُطُوا مِنْ ثَبَاتِكُمْ" (2بطرس 3 : 17).
وتحذير ثالث من الرسول بولس:
"اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِالْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِل، حَسَبَ تَقْلِيدِ النَّاسِ، حَسَبَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ الْمَسِيحِ" (كولوسي 2 : 8).
وهناك تحذيرات كثيرة أخرى، لا مجال لحصرها.

لقد فشل إبليس في إبادة المؤمنين، كما سبقت الإشارة، ولكنه نجح في استخدم أواني بشرية من داخل دائرة المسيحية، شغلت وظائف هامة داخل الكنيسة، أمكنها أن تغرس بذور الضلال وسط المؤمنين منذ فجر المسيحية، تلك البذور التي انتجت على مر الأزمان مسيحية مشوهة، ممسوخة، هي أبعد ما تكون عن المسيحية الحقيقية، لكن الرب كان يحفظ له بقية أمينة، على مر العصور، حفظت في قلبها وبدماءها الإيمان المُسلَّم مرة للقديسين.. حفظت الوديعة الصالحة في نقائها، وبهائها ولمعانها الإلهي.
ولقد أوضح الكتاب بعض هذه الفئات التي لها ألقاب دينية رنانة مثل رسل، أنبياء، معلمون، أساقفة...إلخ. ممن كانوا، ولا يزالوا أدوات في يد الشيطان لتخريب المسيحية من الداخل. وهم كالتالي:

1- رسل كذبة في شكل خدام للبر:
"لأَنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ هُمْ رُسُلٌ كَذَبَةٌ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ، مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إِلَى شِبْهِ رُسُلِ الْمَسِيحِ.
وَلاَ عَجَبَ. لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ!
فَلَيْسَ عَظِيمًا إِنْ كَانَ خُدَّامُهُ أَيْضًا يُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ كَخُدَّامٍ لِلْبِرِّ. الَّذِينَ نِهَايَتُهُمْ تَكُونُ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ" (2كورنثوس 11: 13-15).
مَنْ هؤلاء المدعوين رسل كذبة؟ إنهم عاملون في كرم الرب، وسط قطيع المسيح، ولكن ليس لحساب الرب بل لحساب الشيطان، ملتحفين بالتقوى، والبر، ولابسين قناع القداسة، ولكنهم فعلة ماكرون، يتشبهون برسل المسيح، وكانت غايتهم التسلط على قطيع الرب، وهذا يتضح من قول الرسول بولس للمؤمنين: "لأَنَّكُمْ تَحْتَمِلُونَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْتَعْبِدُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْكُلُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْخُذُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَرْتَفِعُ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَضْرِبُكُمْ عَلَى وُجُوهِكُمْ!" (2كورنثوس 11: 20). هذا ما كان يفعله الرسل الكذبة بالمؤمنين، وهذا أيضًا ما نراه يحدث في المسيحية الإسمية.

2- أنبياء كذبة:
" أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟ لأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى الْعَالَمِ" (1يوحنا 4: 1). أين كانوا قبل خروجهم؟ لقد كانوا وسط المؤمنين، وهؤلاء يقول عنهم الرسول يوحنا: "مِنَّا خَرَجُوا، لكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا لَبَقُوا مَعَنَا. لكِنْ لِيُظْهَرُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا جَمِيعُهُمْ مِنَّا" (1يوحنا 2: 19).
    لكن في وقت كثر فيه الضلال وسط المسيحية الإسمية، كان على المؤمنين الحقيقيين أن يخرجوا إلى المسيح بعيدًا عن الضلال، طاعة لقول الكتاب: "فَلْنَخْرُجْ إِذًا إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ" (عبرانيين 13: 13). فبدلاً أن تكون الكنيسة هي عمود الحق وقاعدته (1تيموثاوس 3: 15)، باتت بيتًا كبيرًا اختلطت فيه أواني الهوان بأواني الكرامة (2تيموثاوس 2: 20)، لذلك كانت نصيحة الرسول بولس هي: "فَإِنْ طَهَّرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ مِنْ هذِهِ، يَكُونُ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ، مُقَدَّسًا، نَافِعًا لِلسَّيِّدِ، مُسْتَعَدًّا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ" (2تيموثاوس 2: 21).

3- معلمون كذبة في شعب الله:
"وَلكِنْ، كَانَ أَيْضًا فِي الشَّعْبِ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، كَمَا سَيَكُونُ فِيكُمْ أَيْضًا مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ، الَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ. وَإِذْ هُمْ يُنْكِرُونَ الرَّبَّ الَّذِي اشْتَرَاهُمْ، يَجْلِبُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ هَلاَكًا سَرِيعًا" (2بطرس 2: 1). ألم يكن آريوس )حوالي 250- 336 م.) معلمًا كاذبًا. وكذلك غيره من الهراطقة، ممن يذكرهم التاريخ، إلى يومنا هذا. ألا يوجد وسط المسيحية الإسمية، معلمون أساءوا إلى كمال وكفاية ذبيحة المسيح على الصليب لغفران الخطايا، ونوال الحياة الأبدية بالإيمان، كما قال الرب نفسه: "اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ" (يوحنا 6: 47). وقال أيضًا وهو الصادق الأمين: "وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنا 3: 14-16). ألم يوبخ الرب أمثال هؤلاء، قائلاً: "لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ... رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ!... مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ" (مرقس 7: 8- 13).

4- إخوة كذبة:
" ... بِأَخْطَارٍ مِنْ إِخْوَةٍ كَذَبَةٍ" (2كورنثوس 11: 26).
"وَلكِنْ بِسَبَبِ الإِخْوَةِ الْكَذَبَةِ الْمُدْخَلِينَ خُفْيَةً، الَّذِينَ دَخَلُوا اخْتِلاَسًا لِيَتَجَسَّسُوا حُرِّيَّتَنَا الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ كَيْ يَسْتَعْبِدُونَا" (غلاطية 2: 4). لاحظ كلمة "يستعبدونا"، أي أنهم أقاموا من أنفسهم أسيادًا على قطيع المسيح، ليستعبدوه، رغم إدعائهم بأنهم إخوة، ولكنهم إخوة كذبة.

5- أساقفة يتكلمون بأمور ملتوية ومن بينهم ذئاب خاطفة:
"اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ. لأَنِّي أَعْلَمُ هذَا: أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ. وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ" (أعمال 20: 28-30).

6- أناس فجار:
"لأَنَّهُ دَخَلَ خُلْسَةً أُنَاسٌ قَدْ كُتِبُوا مُنْذُ الْقَدِيمِ لِهذِهِ الدَّيْنُونَةِ، فُجَّارٌ، يُحَوِّلُونَ نِعْمَةَ إِلهِنَا إِلَى الدَّعَارَةِ، وَيُنْكِرُونَ السَّيِّدَ الْوَحِيدَ: اللهَ وَرَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ" (يهوذا 4).

هذه بعض الفئات التي اندست داخل دائرة المسيحية منذ عصر الرسل، وقام الرسل بالتحذير منها، ولم يخف الرسول بولس خوفه على المؤمنين من الخداع الذي قد يتعرضون له من مثل هؤلاء المدخلين خلسة ليفسدوا التعاليم النقية للمسيحية الحقيقية، إذ يقول لهم:
"وَلكِنَّنِي أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ" (2كورنثوس 11: 3). فالعدو لم يتوقف عن أساليب الخداع منذ أن أوقع الإنسان الأول في العصيان، وإلى اليوم، حتى يُقضى عليه في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت.

3- تحريضات رسولية
   إن التحذير والاحتراس من تلك الفئات الضالة والمضلِّلة أمر واجب على كل مؤمن بحسب ما ورد في كلمة الله، لكن هناك قاعدة كتابية ينبغي النهج بها لتجنب الانحراف بعيدًا عن كلمة الله، وهي تلك النصيحة الغالية التي نصح بها الرسول بولس المؤمنين في تسالونيكي إذ قال لهم:

أ-  "امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ"
(تسالونيكي الأولى 5: 21).

"امتحنوا كل شيء" مبدأ كتابي يصح على مجالات الحياة كافة، فليس هناك شيء مستثنى من الامتحان، وإن كان الأمر كذلك، فبالأحرى كل ما يختص بالتعاليم، والتقاليد الموروثة.. إلخ.
ولقد طبق هذا المبدأ أهل بيرية، إذ شهد الكتاب عن أمانتهم للمكتوب إذ قال:
"وَكَانَ هؤُلاَءِ (أهل بيرية) أَشْرَفَ مِنَ الَّذِينَ فِي تَسَالُونِيكِي، فَقَبِلُوا الْكَلِمَةَ بِكُلِّ نَشَاطٍ فَاحِصِينَ الْكُتُبَ كُلَّ يَوْمٍ: هَلْ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا؟" (أعمال 17 : 11).
نتعلّم من أهل بيرية أننا لا نسلّم بصحة ما نسمعه من تعاليم لكون المتحدث بها شخص يشغل منصبًا دينيًا كبيرًا، فعلى الرغم من أن المتحدث إليهم كان الرسول بولس، إلا أنهم رجعوا إلى جهة الاختصاص التي بيدها إصدار القرار بصحة أو عدم صحة التعليم المقدم لهم، وليس من جهة مختصة سوى الكتاب المقدس، عملاً بقول الكتاب: "إِلَى الشَّرِيعَةِ وَإِلَى الشَّهَادَةِ. إِنْ لَمْ يَقُولُوا مِثْلَ هذَا الْقَوْلِ فَلَيْسَ لَهُمْ فَجْرٌ!" (إشعياء 8 : 20).
إن الكثيرين ممن وقعوا في البدع والهرطقات كانوا يشغلون مراكز دينية عالية، فضلاً عن تميّزهم بالقداسة، فآريوس ونسطور وأوطاخي وغيرهم كانوا قادة كبار في كنائسهم، فعندما أخطأوا في التعليم أضلوا الكثيرين من أتباعهم، والمطيعين لتعاليمهم طاعة عمياء.

ب- الاجتهاد من أَجْلِ الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ
"أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ كُنْتُ أَصْنَعُ كُلَّ الْجَهْدِ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنِ الْخَلاَصِ الْمُشْتَرَكِ، اضْطُرِرْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ وَاعِظًا أَنْ تَجْتَهِدُوا لأَجْلِ الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ" (يهوذا 3).
"لأَنَّهُ دَخَلَ خُلْسَةً أُنَاسٌ قَدْ كُتِبُوا مُنْذُ الْقَدِيمِ لِهذِهِ الدَّيْنُونَةِ، فُجَّارٌ، يُحَوِّلُونَ نِعْمَةَ إِلهِنَا إِلَى الدَّعَارَةِ، وَيُنْكِرُونَ السَّيِّدَ الْوَحِيدَ: اللهَ وَرَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ" (يهوذا 4).
حيث أن كلمة "تجتهدوا" في اليونانية هي επαγωνιζεσθαι (إيباجونيزيسثاي) وتعني:
    يكافح من أجل، يجتهد، يناضل من أجل   Struggle for, earnestly, contend for, 
(Strong's Hebrew and Greek Dictionaries)
كان يهوذا يريد جاهدًا أن يكتب لهم عن الخلاص المشترك، لكنه رأى بالروح القدس المخاطر المعاصرة له، والمستقبلية، التي تتعرض لها حقائق الإيمان المسيحي، فوجد أنه من الأهمية بمكان أن يحرض المؤمنين المعاصرين له، والمؤمنين في كل عصر، على الكفاح والنضال من أجل الحفاظ والتمسك بالإيمان المُسلَّم مرة للقديسين، دون إضافة تعاليم أو مبادئ جديدة، الأمر الذي حذر منه الرسول بولس المؤمنين في غلاطية إذ قال لهم: "وَلكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا» ( أي ملعونًا أو غير مرحوم)!" (غلاطية 1: 8). وكذلك التحذير الذي ورد في سفر الرؤيا: "لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هذَا، يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هذَا الْكِتَابِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هذِهِ النُّبُوَّةِ، يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا الْكِتَابِ" (رؤيا 22: 18، 19).
 لذلك قال الرسول يوحنا: "أَمَّا أَنْتُمْ فَمَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ فَلْيَثْبُتْ إِذًا فِيكُمْ. إِنْ ثَبَتَ فِيكُمْ مَا سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ، فَأَنْتُمْ أَيْضًا تَثْبُتُونَ فِي الابْنِ وَفِي الآبِ" (يوحنا 1: 24).

ج-  حْفَظِ الْوَدِيعَةَ، والتَمَسَّكْ بِصُورَةِ الْكَلاَمِ الصَّحِيحِ

"يَا تِيمُوثَاوُسُ، احْفَظِ الْوَدِيعَةَ، مُعْرِضًا عَنِ الْكَلاَمِ الْبَاطِلِ الدَّنِسِ، وَمُخَالَفَاتِ الْعِلْمِ الْكَاذِبِ الاسْمِ" (1تيموثاوس 6: 20).
"تَمَسَّكْ بِصُورَةِ الْكَلاَمِ الصَّحِيحِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنِّي، فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. اِحْفَظِ الْوَدِيعَةَ الصَّالِحَةَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ السَّاكِنِ فِينَا" (2تيموثاوس 1: 13، 14).
كانت مشغولية قلب الرسول بولس أن يحرض تيموثاوس على حفظ الوديعة أي أقوال الله الصادقة التي سمعها منه، وهو تحريض يصدق على كل المؤمنين في كل زمان ومكان.
فهل حفظ المؤمنون، عبر الأجيال، أقوال الله الصادقة.. الإيمان المُسلَّم مرة للقديسين، دون إضافة أو حذف؟

اعتراضان من الواجب مناقشتهما
الاعتراض الأول ومناقشته:
يقول البعض: إن ليس كل ما علَّم به المسيح مدون في الأناجيل، استنادًا على قول الرسول يوحنا : "وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. آمِينَ" (يوحنا 21 : 25).
لنلاحظ القول: " وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ"، لم يقل "علَّم بها"، ولكنه قال: " صَنَعَهَا"، وحقيقة الأمر، أن ما صنعه الرب يسوع بصفته الكلمة الأزلي، الذي "كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ" (يوحنا 1: 3)، والمكتوب عنه أيضًا: " فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشًا أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ" (كولوسي 1: 16). فلو تم تسجيل كل ما صنعه الرب يسوع، لكان قول الرسول يوحنا: " فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. آمِينَ" هو قول حق وصدق، ولا مبالغة فيه. ويكفي ما تخبرنا به التلسكوبات الفضائية من مليارات المجرات الموجودة في الكون، وكل مجرة بها مليارات النجوم والكواكب..إلخ.
أيضًا يستندون على قول الرسول يوحنا: "وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ" (يوحنا 20: 30). الحديث هنا عن آيات صنعها الرب يسوع لم يدونها الرسول يوحنا لأنها تفوق الحصر، فمكتوب عن الرب: "الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ" (أعمال 10: 38). فكل يوم من أيام خدمة الرب على الأرض، كان يجول يصنع خيرًا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس، فمن يستطيع أو يقدر أن يحصي ويسجل كل أعمال الخير التي صنعها الرب أيام خدمته؟ لذلك كتب الرسول يوحنا على الفور: "وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ" (يوحنا 20: 31)، أي أن ما دونه الرسول يوحنا من آيات صنعها الرب يسوع كانت كافية لإيماننا بأن يسوع هو المسيح ابن الله، وأن هذا الإيمان كاف لمنحنا حياة باسمه.  
 
الاعتراض الثاني ومناقشته:
يقول البعض أن الرب كان يظهر لتلاميذه مدة أربعين يومًا وسلمهم تعاليم وتقاليد لم تدون استنادًا على ما جاء في سفر الأعمال 1: 3 "اَلَّذِينَ أَرَاهُمْ أَيْضًا نَفْسَهُ حَيًّا بِبَرَاهِينَ كَثِيرَةٍ، بَعْدَ مَا تَأَلَّمَ، وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ".
فما هي الأمور المختصة بملكوت الله التي تحدث بها الرب لرسله الكرام؟
مما لا شك فيه، بل ومن المؤكد، أن كل الأمور المختصة بملكوت الله، والتي سمعها الرسل من الرب، قد وردت في تعاليمهم، ورسائلهم، وكتاباتهم المدونة بوحي من الله، بعد أن حلَّ عليهم الروح القدس في يوم الخمسين.
وهذا التأكيد مبني على قول الرسول يوحنا: "الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ ..." (1يوحنا 1: 3).
وكذلك استنادًا على قول الرسول بطرس: "وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ" (2بطرس 1: 19).
والذين يتخذون من أعمال 1: 3 تكأة لإضافة كل ما عنَّ لهم من تعاليم خرافية إلى كلمة الله أو الحذف منها، لهم دينونة عظيمة، لأنهم داسو على تحذير الرسول بولس في 1كورنثوس 3: 11: "فَإِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاسًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي وُضِعَ، الَّذِي هُوَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ". ولم يتحذروا لقول كاتب الرؤيا: "لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هذَا، يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هذَا الْكِتَابِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هذِهِ النُّبُوَّةِ، يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا الْكِتَابِ" (رؤيا 22: 18، 19).
فمن المؤكد أن ما تحدث به الرب لتلاميذه مدة الأربعين يومًا بعد قيامته، قام التلاميذ بتسجيله في كتاباتهم تحت قيادة الروح القدس: "لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بطرس 1: 21).
إن القول بأن هناك تعاليم لم تدون في الكتاب المقدس بحجة ما جاء في أعمال 1: 3، فضلاً عن أنه ينسب النقص إلى أقوال الله، وكتاب الله، وكما هو معلوم أن النقص على الله محال، أيضًا يفتح المجال أمام مَن يدسون بدع الهلاك.

الخلاصة
كان من الضروري التمهيد السابق، من تساؤلات منطقية، وتحذيرات كتابية، وتحريضات رسولية، والتي هي بمثابة الحيثيات التي سيبنى عليها محاكمة النظام البابوي.


1- هناك فرق شاسع بين كلمة محاكمة بمعنىjudgment ، وبين  كلمة محاكمة بمعنى trial ، فالتعبير الأول (judgment) منهي عنه – بالنسبة للمؤمنين في تعاملاتهم مع الآخرين، بعبارة صريحة من الرب نفسه، إذ قال: "لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا
 Do not judge, or you too will be judged" (متى 7: 1)، أما التعبير الثاني  (trial) وإحدى معانيها:
 " "the action or process of trying or putting to the proof(قاموس ويبستر)، أي إجراء اختبار أو تجربة أو الطرح للامتحان. والامتحان هنا توضحه كلمة ""proof والتي إحدى معانيها بحسب قاموس ويبستر:
"the cogency of evidence that compels acceptance by the mind of a truth or a fact" أي قوة الحجة المقنعة التي تُرغم العقل على قبول حق أَو حقيقة.

2 سر اكتشاف قانون الجاذبية للسير إسحق نيوتن (4يناير 1643-31مارس1727) هو ملاحظته لسقوط تفاحة إلى الأرض.
3 “The blood of Christians is the seed of the Church.” Ante-Nicene Fathers, Vol. 3. p. 51.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق