حتمية تجسد الكلمة الأزلي
الفصل الثاني
الكتاب المقدس يعلن لنا أن الكلمة الأزلي تجسد في صورة إنسان، طبقًا لما جاء في الإنجيل كما دونه الرسول يوحنا 1: 14 "وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا" ؟ أو بحسب الترجمة القبطية الأدق: "والكلمة اتخذ جسدا (آف تشي ساركس Af[icarx ) وحل بيننا"
أو بعبارة أخرى : هل كان من الضروري أن يتجسد الله، طبقًا لما جاء في رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس 3: 16 "وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ" ؟
إننا كمسيحيين نؤمن بهذا الحق المعلن في كلمة الله، ونصدق أقوال الله، لأنه تحدث بها من يستحيل عليه الكذب، وأن "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ" (2تيموثاوس 3: 16).
ومكتوب أيضًا: "لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بطرس 1: 21).
"لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ" (2بطرس 1: 16).
رغم إيماننا هذا وتسليمنا بصحة كل ما جاء في كلمة الله، إلا أننا لابد أن نبحث ونفهم مقاصد الله العظيمة من نحونا، سيما في السر من وراء ظهور الكلمة الأزلي في صورة إنسان.
حتي يكون إيمانُنا مبنيًا على أساس متين، وحتى تكون لدينا المقدره على شرحه وتوضيحه للآخرين، "مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ، بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ" (1بطرس 3: 15).
فمن خلال ما سيضعه الرب أمامنا من كلمته الحيّة والفعّالة، سنجد أن التجسد الإلهي، أو ظهور الكلمة الأزلي في صورة إنسان هو ضرورة حتمية منطقية، تتوافق كل التوافق مع المنهاج العقلي والمنطقي السليم، كما سبق الحديث عن إيماننا بوحدانية الله، ورأينا أنه مما يتمشى مع المنطق والمنهاج العقلي السليم أن تقوم الذات الإلهية على الثالوث، الآب أصل الوجود والكائن بذاته، والكلمة (اللوغوس - العقل الإلهي) أو الابن، والحياة أي الروح القدس، جوهر واحد غير منقسم، ولاهوت واحد، وأشرنا إلى عبارة القديس أثناسيوس الرسولي الرائعة : " جوهر واحد وثلاثة أقانيم " (ميا أوسيا تريس هيبوستاسيس). "one Being, three Persons" المرجع :
T.F. TORRANCE ,THE TRINITARIAN FAITH, T&T CLARK, 2006, P. 10.
ورأينا أنه من المخالف للمنطق والتفكير العقلي السليم، أن يكون الله موجودًا دون عقل أو حياة، أو أن يكون موجودًا عاقلاً دون حياة...إلخ.
أيضًا سنتّبع نفس المنهاج العقلي والمنطقي في الإجابة عن السؤال موضوع دراستنا :
هل كانت هناك ضرورة لتجسد الكلمة الأزلي؟
أو هل كانت هناك ضرورة لظهور الله في صورة إنسان؟
رأينا المرة السابقة أن الإنسان خلق على صورة الله، وبعصيانه ومخالفته وصية الله وعدم الخضوع لسلطان الله، دخل الفساد إلى طبيعته، وتشوهت تلك الصورة الرائعة التي خلق عليها من حيث البراءة، والعشرة مع الله، وهذا ما نستنتجه من معرفته بصوت وقع أقدام الله في الجنة "وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ (في المساء)" (تكوين 3: 8)، وتعرى واختبأ من الله، ثم طرده الله من الجنة، وثارت الطبيعة ضده، فالأرض التي كانت تفيض له بالخير في الجنة، باتت ملعونة: "مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ" (تكوين 3: 17-19). والوحوش التي كانت أليفة معه في الجنة، صار البعض منها مفترسًا، ثم استشرى الفساد في البشرية كلها، ورأينا أول جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد، إذ قام قايين على أخيه هابيل وقتله (تكوين 4: 8)، أو بحسب رسالة يوحنا الأولى 3: 12 "ذبح أخاه".
وزاد شر الإنسان حتى أنه مكتوب : "وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ" (تكوين 6: 5)، حتى أن الرب أهلك العالم بالطوفان، ما عدا نوح وأسرته..والحيوانات والطيور التي كانت معه في الفلك. ارجع إلى سفر التكوين إصحاح 6، 7، 8.
وكون الشيطان استطاع بمكره وخداعه أن يوقع الإنسان الأول المخلوق على صورة الله، ومعه البشرية جمعاء في عصيان الله، فهذا يعتبر إهانة موجهة إلى الله، وكأن الشيطان بفعلته هذه قد كسب الجولة الأولى في معاداته لله، ومقاومته لكل ما هو إلهي، وصالح.
لكن قد يحتج البعض بالقول: وأنا مالي ومال آدم؟
لو أنا محل آدم ما كنت أخطأت؟
هو أخطأ أنا ذنبي إيه؟
إيه اللي يربطني بآدم؟
هو أنا كنت معاه لما أخذ الوصية من الله؟
ولا أنا كنت معاه لما خالف وصية الله؟
لماذا اتحمل وزر غيري؟
ثم يأتي لنا بآيات من القرآن:
قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [الأنعام : 164]
مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء : 15]
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ [فاطر : 18]
إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [الزمر : 7]
أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [النجم : 38]
تفسير الطبري :
حدثنا ابن حُميد, قال: حدثنا مهران, عن سفيان, عن عطاء, عن عكرمة, عن ابن عباس ( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى ) قال: كانوا قبل إبراهيم يأخذون الوليّ بالوليّ, حتى كان إبراهيم, فبلغ ( أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) لا يؤاخذ أحد بذنب غيره.
http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/Tafseer.asp?l=arb&t=tabary&nSora=53&nAya=38#53_38
أو يأتي لنا بشبهات من الكتاب المقدس:
اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. اَلابْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ، وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الابْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ، وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ (حزقيال 18: 20).
بالتأكيد لا يؤاخذ أحد بذنب غيره، وأن النفس التي تخطئ هي تموت، هذا حق معلن في الكتاب المقدس.
لكن القياس مختلف بالنسبة لخطيئة الإنسان الأول التي كانت موجهة ضد الله لا إنسان، والتي كان فيها آدم ممثلاً للبشرية جمعاء، ونائبًا عنها.
كيف يكون آدم ممثلاً للبشرية جمعاء، ونائبًا عنها؟
ذلك لأنه عندما شرع الله في خلق آدم قال: "نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ، فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ، وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ" (تكوين 1: 26- 28).
لا حظ الانتقال من صيغة المفرد في عبارة عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ إلى صيغة الجمع في عبارة "ذكرًا وأنثى خلقهم، وَبَارَكَهُمُ... وَقَالَ لَهُمْ... وَأَخْضِعُوهَا... وَتَسَلَّطُوا ".
رغم أن الحديث عن آدم بصيغة المفرد وكانت حواء ممثلة فيه، إلا أن الحديث أنتقل إلى صيغة الجمع ذلك لأن البشرية كلها كانت ممثلة في الإنسان الأول، وكان هو نائبها ورأسها.
نفس الأمر نجده في القرآن في سورة البقرة 36 : فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ [البقرة : 36].
وسورة الأعراف 24 : قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ [الأعراف : 24].
فرغم أن الحديث عن آدم وحواء اللذين هبطا من الجنة، إلا أن العبارة جاءت بصيغة الجمع لا المثنى ذلك لأن هبوط آدم وحواء من الجنة كان هبوطًا للبشرية جمعاء.
الطبري وابن كثير يفسرا صيغة الجمع "اهبطوا" عن آدم وحواء وإبليس والبعض أضاف والحية والبعض الآخر لا يذكر الحية، والله أعلم.
http://www.qurancomplex.org/Quran/tafseer/Tafseer.asp?nSora=7&t=katheer&l=arb&nAya=24#7_24
فبحسب الكتاب المقدس وهو مرجعنا الأساسي كان الإنسان الأول يمثل البشرية، التي كانت في صلبه حين أخطأ.
ويوجد مثال في الكتاب المقدس يوضح لنا ذلك، في الرسالة إلى العبرانيين أصحاح 7
مكتوب: "إِنَّ لاَوِي أَيْضًا الآخِذَ الأَعْشَارَ قَدْ عُشِّرَ بِإِبْرَاهِيمَ، لأَنَّهُ كَانَ بَعْدُ فِي صُلْبِ أَبِيهِ حِينَ اسْتَقْبَلَهُ مَلْكِي صَادَقَ" (عبرانيين 7: 9، 10). ارجع إلى هذه القصة في سفر التكوين إصحاح 14: 18-20.
وَمَلْكِي صَادِقُ، مَلِكُ شَالِيمَ، أَخْرَجَ خُبْزًا وَخَمْرًا. وَكَانَ كَاهِنًا ِللهِ الْعَلِيِّ. وَبَارَكَهُ وَقَالَ: «مُبَارَكٌ أَبْرَامُ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ فِي يَدِكَ». فَأَعْطَاهُ عُشْرًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
لكن لماذا كانت خطية الإنسان الأول هي سلب لمجد الله؟
وكيف فسدت صورة الإنسان الأول المخلوق على صورة الله؟
1- لأنه كان مخلوقًا على صورة الله، وشبهه.
وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ (تكوين 1: 26، 27).
هل توقفنا مرة لنسأل أنفسنا ما معنى أن الإنسان مخلوق على صورة الله؟
وهل الله له صورة؟
وقد يتساءل البعض، وما هي صورة الله؟
لكن السؤال الأصح هو : مَنْ هو صورة الله؟
سنرى أن صورة الله شخص، وليس شئ.
لكن ربما يعترض أحد إخوتنا المسلمين ويقول كيف تقولون أن لله صورة؟
إن قولكم أن لله صورة يعد كفرًا. سبحان الله، ......... حاشا أن تكون له صورة!
في القرآن يقول في سورة التين وهي مكية فقرة 4 " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ".
وهنا المعترضون يقولون نعم خلق الإنسان في أحسن تقويم ولكن ليس على صورة ا لله.
إذن لنذهب إلى الأحاديث الصحيحة....
روى البخاري (6227) ومسلم (2841) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمَّا خَلَقَهُ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنْ الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حَتَّى الآن".
وروى مسلم (2612) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ ".
وروى ابن أبي عاصم في السنة (517) عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقبحوا الوجوه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن" . قال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله : ( هذا حديث صحيح صححه الأئمة ، الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية وليس لمن ضعفه دليل إلا قول ابن خزيمة ، وقد خالفه من هو أجل منه ).
وروى ابن أبي عاصم (516) أيضا عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله تعالى خلق آدم على صورة وجهه" وقال الشيخ الألباني : إسناده صحيح .
وهذان الحديثان يدلان على أن الضمير في قوله " على صورته " راجع إلى الله تعالى .
وروى الترمذي (3234) عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أتاني ربي في أحسن صورة فقال يا محمد قلت لبيك ربي وسعديك قال فيم يختصم الملأ الأعلى..." الحديث ، صححه الألباني في صحيح الترمذي .
: "أتاني ربي في احسن صورة، فقال: يا محمد، قلت: لبيك ربي وسعديك، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: ربي لا أدري ، فوضع يده بين كتفي ، فوجدت بردها بين ثديي ، فعلمت ما بين المشرق والمغرب، قال: يا محمد ، فقلت لبيك ربي وسعديك، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الدرجات، والكفارات، وفي تقل الأقدام إلي الجماعات، وإسباغ الوضوء في المكروهات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ومن يحافظ عليهن عاش بخيرٍ، ومات بخير، وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - لصفحة أو الرقم: 3234
خلاصة حكم المحدث: حسن غريب من هذا الوجه وهناك راو اخر هو أبو أمامة المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - لصفحة أو الرقم: 7/181
خلاصة حكم المحدث: فيه ليث بن أبي سليم وهو حسن الحديث على ضعفه وبقية رجاله ثقات وصححه الالباني في صحيح الترمذي 3234
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - لصفحة أو الرقم: 3234
خلاصة حكم المحدث: حسن غريب من هذا الوجه وهناك راو اخر هو أبو أمامة المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - لصفحة أو الرقم: 7/181
خلاصة حكم المحدث: فيه ليث بن أبي سليم وهو حسن الحديث على ضعفه وبقية رجاله ثقات وصححه الالباني في صحيح الترمذي 3234
وفي حديث الشفاعة الطويل : " فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة" رواه البخاري (7440) ومسلم (182).
ومن هذه الأحاديث يُعلم أن الصورة ثابتة لله تعالى ، على ما يليق به جل وعلا ، فصورته صفة من صفاته لا تشبه صفات المخلوقين ، كما أن ذاته لا تشبه ذواتهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( لفظ الصورة في الحديث كسائر ما ورد من الأسماء والصفات ، التي قد يسمى المخلوق بها ، على وجه التقييد ، وإذا أطلقت على الله اختصت به ، مثل العليم والقدير والرحيم والسميع والبصير ، ومثل خلقه بيديه ، واستواءه على العرش ، ونحو ذلك) نقض التأسيس 3/396
والصورة في اللغة : الشكل والهيئة والحقيقة والصفة. فكل موجود لابد أن يكون له صورة .
قال شيخ الإسلام : ( وكما أنه لابد لكل موجود من صفات تقوم به ، فلابد لكل قائم بنفسه من صورة يكون عليها ، ويمتنع أن يكون في الوجود قائم بنفسه ليس له صورة يكون عليها ).
وقال : ( لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير في الحديث عائد إلى الله تعالى ، فإنه مستفيض من طرق متعددة ، عن عدد من الصحابة ، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك ... ولكن لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعل طائفة الضمير فيه عائدا إلى غير الله تعالى ، حتى نقل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم ، كأبي ثور وابن خزيمة وأبي الشيخ الأصفهاني وغيرهم ، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة ) نقض التأسيس 3/202
موقع الاسلام سؤال وجواب : http://www.islamqa.com/ar/ref/20652
من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال :احتبس عنّا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة من صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس، فخرج سريعا فثوب بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجوز في صلاته، فلما سلم دعا بصوته فقال لنا: على مصافكم كما أنتم.. ثمّ انفتل إلينا فقال: أما إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة أني قمت من الليل فتوضأت فصليت ما قدر لي فنعست في صلاتي فاستثقلت فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال يا محمد قلت رب لبيك قال فيم يختصم الملأ الأعلى قلت لا أدري رب قالها ثلاثا قال فرأيته وضع كفه بين كتفي وجدت برد أنامله بين ثديي فتجلى لي كل شيء وعرفت فقال يا محمد قلت لبيك رب قال فيم يختصم الملأ الأعلى قلت في الكفارات قال ما هن قلت مشي الأقدام إلى الجماعات والجلوس في المساجد بعد الصلاة وإسباغ الوضوء في المكروهات قال ثم فيم قلت إطعام الطعام ولين الكلام والصلاة بالليل والناس نيام قال سل قل اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقرب إلى حبك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها حق فادرسوها ثم تعلموها .
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=16461&highlight=%C7%E1%E3%E1%C3+%C7%E1%C3%DA%E1%EC+%C7%E 1%E3%D3%CC%CF
2- لأنه كان في حالة البراءة التامة.
وَكَانَا كِلاَهُمَا عُرْيَانَيْنِ، آدَمُ وَامْرَأَتُهُ، وَهُمَا لاَ يَخْجَلاَنِ (تكوين 2: 25).
لم يعرفا الخطيئة والعصيان وليست لديهما أي خبرات شريرة.
3- لأن الوصية كانت سهلة التنفيذ.
وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ» (تكوين 2: 16-17).
4- لأنه صدق الشيطان وأطاعة وكذب الله وعصاه، وأراد أن يكون مثل الله.
وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلهُ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ:
«أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟»
قَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ، وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلاَّ تَمُوتَا».
فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ».
فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ.
لقد كانت خطية الإنسان الأول هي سلب لمجد الله، لأنها كانت تعدي على وصية الله، وعدم الخضوع لسلطانه.
فهل يصمت الله إزاء ما أفسده الشيطان؟
ومَنْ من البشر يستطيع أن يرد لله اعتبارات مجده التي سلبتها خطية الإنسان الأول؟
ومَنْ من البشر يستطيع أن يستعيد الصورة الإلهية التي خُلق عليها الإنسان الأول؟
الإجابة:
ليس ولا واحد.
إذن ما هي خطة الله لإصلاح ما أفسده الشيطان؟
وهل هذه الخطة وضعت بعد سقوط الإنسان، وكأن الله قد فوجئ بعصيان الإنسان الأول، أم أنها خطة أزلية مرتبة بعلم الله السابق في الأزل؟
وهل علاج الله لإصلاح ما أفسده الإنسان الأول في شئ مادي، أم في شخص حيّ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق