الفصل الرابع عشر
النظام الإلهي لكنيسة الله الحيّ
بعد أن تبين لنا زيف النظام البابوي الرئاسي.. السلطوي.. السيادي من الناحيتين الكتابية والتاريخية، تأتي التساؤلات المنطقية التالية:
ما هو إذن النظام الإلهي لكنيسة الله الحيّ؟
هل ترك الرب كنيسته بلا نظام؟
هل ترك الرب للبشر اختيار النظام الذي تدار به كنيسته؟
بداية، لابد أن نبحث عن معنى كلمة كنيسة، لأن البعض يعتقد بأن الكنيسة هي المبنى المُشيّد من الحجارة الصماء البكماء، وكلما كان البناء شاهقًا وجاذبًا للأنظار، كلما كان دليلاً على عظمة الكنيسة، وكم من الأموال أُنفقت على تشييد هذه المباني والكاتدرائيات التي مصيرها الفناء، مكتوب: «وَلَكِنْ سَيَأْتِي كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ، يَوْمُ الرَّبِّ، الَّذِي فِيهِ تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ الأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي فِيهَا» (2بطرس 3: 10).
وكما سيتضح من الشواهد التالية لم يرد نص في الكتاب المقدس يشير إلى أن الكنيسة هي بناء من حجارة صماء بكماء، ولكنه بناء من حجارة حية أي شعب الله المفدي بالدم الكريم، مكتوب: «كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ بَيْتًا رُوحِيًّا، كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بطرس 2: 5)، كما لم يشر أي نص في العهد الجديد إلى بناء مُشيّد من حجارة صماء بكماء أنه بيت الله، لأنه مكتوب: «.. وَبَيْتُهُ نَحْنُ» (عبرانيين 3: 6).
إن كلمة كنيسة في النص اليوناني هي ἐκκλησία (إككليسيا) وقد وردت 114 مرة في العهد الجديد في متى 16: 18؛ 18: 17؛ أعمال 2: 47؛ 5: 11؛ 7: 38؛ 8: 1، 3؛ 9: 31؛ 11: 22، 26؛ 12: 1، 5؛ 13: 1؛ 14: 23، 27؛ 15: 3، 4، 22، 41؛ 16: 5؛ 18: 22؛ 19: 32، 39، 41؛ 20: 17، 28؛ رومية 16: 1، 4، 5، 16، 23؛ 1كورنثوس 1: 2؛ 4: 17؛ 6: 4؛ 7: 17؛ 10: 32؛ 11: 16، 18، 22؛ 12: 28؛ 14: 4، 5، 12، 19، 23، 28، 33، 34، 35؛ 15: 9؛ 16: 1، 19 (مرتان)؛ 2كورنثوس 1: 1؛ 8: 1، 18، 19، 23، 24؛ 11: 8، 28، 12: 13؛ غلاطية 1: 2، 13، 22؛ أفسس 1: 22؛ 3: 10، 21؛ 5: 23، 24، 25، 27، 29، 32؛ فيلبي 3: 6؛ 4: 15؛ كولوسي 1: 18، 24؛ 4: 15، 16؛ 1تسالونيكي 1: 1؛ 2: 14؛ 2تسالونيكي 1: 1، 4؛ 1تيموثاوس 3: 5، 15؛ 5: 16؛ فليمون 2؛ عبرانيين 2: 12؛ 12: 23؛ يعقوب 5: 14؛ 3يوحنا 6، 9، 10؛ رؤيا 1: 4، 11، 20 (مرتان)؛ 2: 1، 7، 8، 11، 12، 17، 18، 23، 29؛ 3: 1، 6، 7، 13، 14، 22؛ 22: 16.
وكلمة ἐκκλησία تشير عمومًا إلى:
أ- جماعة من المواطنين دُعو للخروج مِنْ بيوتِهم إلى بَعْض الأماكن العامِّة، جماعة مجتمعة. مثلما جاء في أعمال 19 : 32 «..لأَنَّ الْمَحْفَلَ ἐκκλησία كَانَ مُضْطَرِباً وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَدْرُونَ لأَيِّ شَيْءٍ كَانُوا قَدِ اجْتَمَعُوا!». وبهذا المفهوم - أن الكنيسة جماعة مدعوة للخروج - قيل عن إسرائيل بعد خروجهم من أرض مصر، وترحالهم في البرية (برية سيناء) «الْكَنِيسَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ» (أعمال 7: 38).
ب- جماعة مدعوة للاجتماع في مكان عام بغرض التشاور.
مثلما جاء في أعمال 19: 39 «وَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَ شَيْئاً مِنْ جِهَةِ أُمُورٍ أُخَرَ فَإِنَّهُ يُقْضَى فِي مَحْفِلٍ ἐκκλησία شَرْعِيٍّ».
أما المفهوم المسيحي لكلمة ἐκκλησία في العهد الجديد فيشير إلى:
جماعة من المسيحيين (المؤمنين الحقيقيين) تجتمع معًا للعبادة. مثلما جاء في 1كورنثوس 14: 26 «.. مَتَى اجْتَمَعْتُمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لَهُ مَزْمُورٌ لَهُ تَعْلِيمٌ لَهُ لِسَانٌ لَهُ إِعْلاَنٌ لَهُ تَرْجَمَةٌ: فَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ لِلْبُنْيَانِ».
وفي إطار المعاني السابقة لكلمة ἐκκλησία نلاحظ التالي:
1- أن الكنيسة هي جماعة المؤمنين الحقيقيين، وليس مكانًا مُشيّد من الحجارة الصماء البكماء.
2- أن هذه الجماعة مدعوة للخروج. والمؤمنون الحقيقيون مدعوون للخروج من الأنظمة الدينية الفاسدة التي نشأوا وتربوا فيها، لتبعية الرب وحده، مكتوب: «فَلْنَخْرُجْ إِذاً إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ» (عبرانيين 13: 13).
قد يحتج البعض بما ورد في أعمال 11: 26 «فَحَدَثَ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي الْكَنِيسَةِ سَنَةً كَامِلَةً وَعَلَّمَا جَمْعاً غَفِيراً»، بأن الكنيسة مكان، فيقولون مكتوب: «اجْتَمَعَا فِي الْكَنِيسَةِ». وهنا نجد خطأً آخر وقع فيه مترجمو الترجمة البيروتية (الڤـاندايك) إذ كان ينبغي ترجمة العبارة السابقة كالتالي: «اجْتَمَعَا مع الْكَنِيسَةِ»،
«they assembled themselves with the church»
وهذا يتوافق مع ما جاء في الترجمات التالية (على سبيل المثال لا الحصر):
(KJV). (NAB), (ASV), (RV), (ESV), (ALT), (CEV), (MSG), (RSVA).
وكذلك يتوافق مع معنى الكنيسة ἐκκλησία أنها جماعة المؤمنين المجتمعين معًا.
ونقول للمحتجين، من غير المعقول ولا المقبول أن تصاغ العبارة بالشكل التالي: «يجتمعا في الجماعة المجتمعة معًا»، لأن الأصح هو «يجتمعا مع الجماعة المجتمعة معًا (الكنيسة)».
هناك نص آخر قد يثيره التقليديون في 1كورنثوس 11: 18 «.. حِينَ تَجْتَمِعُونَ فِي الْكَنِيسَةِ،..»، بأن الكنيسة مكان يجتمع فيه المسيحيون. ونرد على هؤلاء بما جاء في ترجمة (NAB):
«when you meet as a church».
فالترجمة الدقيقة للنص السابق: «حِينَ تَجْتَمِعُونَ بصفتكم الْكَنِيسَةِ،..»، وهذه الترجمة تتوافق مع معنى كلمة «كنيسة»، أنها جماعة المؤمنين الحقيقيين.
يوجد نص آخر قد يستند عليه التقليديون في أن الكنيسة هي مبنى من حجارة صماء بكماء، ورد في 1تيموثاوس 3: 15 «وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أُبْطِئُ، فَلِكَيْ تَعْلَمَ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي بَيْتِ اللهِ، الَّذِي هُوَ كَنِيسَةُ اللهِ الْحَيِّ، عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ». فيقولون مكتوب: «فِي بَيْتِ اللهِ»، أي أن الكنيسة بناء مُشيد من حجارة صماء بكماء.
ونقول لهؤلاء: ما معنى بيت الله في العهد الجديد؟
هناك نص صريح لا يقبل التأويل أو التفسير في عبرانيين 3: 6 «وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَكَابْنٍ عَلَى بَيْتِهِ. وَبَيْتُهُ نَحْنُ..»، لاحظ عبارة «وَبَيْتُهُ نَحْنُ»، والسؤال هنا: هل للمسيح بيتان، بيت من حجارة حية بيتًا روحيًّا (1بطرس 2: 5)، وبيت آخر من حجارة صماء بكماء؟
إن عبارة «فِي بَيْتِ اللهِ» في النص اليوناني هي: ἐν οἴκῳ Θεοῦ (إن إيكو ثيو) كلمة «ἐν» تترجم in, at, by about, after, against ثم كلمة «οἴκῳ» تتضمن معنى العائلة وتترجم home, house, household, temple أما كلمة «Θεου» تترجم God.
من خلال المفردات السابقة يمكن للمترجم المُغرض أن يختار المفردات التي تطوّع النص لصالح طائفته أو مذهبه، أو معتقده، أو الكنيسة التي يدين لها بالولاء، أو إذا كان حسن النيّة، ربما يكون جاهلاً بالسياق العام للعهد الجديد فيختار مفردات تؤدي في النهاية إلى تعارض بل وتضاد نصوص العهد الجديد بعضها البعض.
إن العهد الجديد يتحدث عن الكنيسة جماعة المؤمنين الحقيقيين المجتمعين معًا للعبادة، وهي بناء من حجارة حية روحية، وأن بيت الله هو «نحن» المؤمنون الحقيقيون. لذلك عند ترجمة العبارة اليونانية ἐν οἴκῳ Θεοῦ يجب اختيار المفردات التي تتمشى مع السياق العام للعهد الجديد، لذلك كان يجب أن يترجم النص السابق هكذا:
«وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أُبْطِئُ، فَلِكَيْ تَعْلَمَ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَتَصَرَّفَ من نحو عائلة اللهِ، التي هي كَنِيسَةُ اللهِ الْحَيِّ، عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ».
إذن، الكنيسة هي جماعة المؤمنين الحقيقيين الذين خرجوا من الأنظمة الدينية الفاسدة ليتبعوا الرب وحده، وأن العهد الجديد كله لم يتحدث عن الكنيسة كمكان مُشيد من حجارة صماء بكماء، وإلا لكان الوحي ذكر لنا أوصاف هذا المكان وأبعاده والمواد التي يصنع منها.. إلخ. كما كان الحال في بناء خيمة الاجتماع في العهد القديم.
ولنا في حديث الرب مع تلاميذه ما يقطع كل شك، وأمامه يستد كل فم، يقول الرب: «وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَخُذْ مَعَكَ أَيْضاً وَاحِداً أَوِ اثْنَيْنِ لِكَيْ تَقُومَ كُلُّ كَلِمَةٍ عَلَى فَمِ شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ. وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَالْوَثَنِيِّ وَالْعَشَّارِ» (متى 18: 15 - 17).
لاحظ قول الرب: «فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ» و«إِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ»، هل كان الرب يقصد بالكنيسة هنا المبنى المُشيد بالحجارة الصماء البكماء، أم جماعة المؤمنين الحقيقيين؟
هل هناك عاقل يتحدث إلى حجارة صماء بكماء أو يسمع من حجارة صماء بكماء، إلا إذا كانت هذه الحجارة أصنامًا يتعبد لها؟
أليس مكتوب: «أَصْنَامُهُمْ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ عَمَلُ أَيْدِي النَّاسِ. لَهَا أَفْوَاهٌ وَلاَ تَتَكَلَّمُ. لَهَا أَعْيُنٌ وَلاَ تُبْصِرُ. لَهَا آذَانٌ وَلاَ تَسْمَعُ. لَهَا مَنَاخِرُ وَلاَ تَشُمُّ. لَهَا أَيْدٍ وَلاَ تَلْمِسُ. لَهَا أَرْجُلٌ وَلاَ تَمْشِي وَلاَ تَنْطِقُ بِحَنَاجِرِهَا» (مزمور 115: 4 - 7).
إذن، الرب يقصد بقوله: «فَقُلْ لِلْكَنِيسَةِ» و«إِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الْكَنِيسَةِ»، أن الكنيسة هنا هي جماعة ا لمؤمنين الحقيقيين المجتمعين معًا للعبادة.
لذلك نقرأ في أعمال 2: 47 «وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ». وفي أعمال 5: 11 نقرأ «فَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الْكَنِيسَةِ..».
وفي أعمال 11: 22 نقرأ أيضًا «فَسُمِعَ الْخَبَرُ عَنْهُمْ فِي آذَانِ الْكَنِيسَةِ..».
والسؤال المطروح على التقليديين، هل الكنيسة المصنوعة من حجارة صماء بكماء لها آذان تسمع بها؟ أم أن المقصود هنا جماعة المؤمنين الحقيقيين؟
إن عبارة «آذَانِ الْكَنِيسَةِ» تنفي نفيًا قاطعًا أيضًا، أن تكون الكنيسة بناء من حجارة صماء بكماء. (انظر على سبيل المثال لا الحصر أعمال 12: 5؛ 14: 27؛ 15: 3، 4، 22؛ 18: 22؛ 1كورنثوس 14: 3، 4، 5، 12؛ أفسس 5: 23، 24، 25، 32؛ فيلبي 3: 6؛ كولوسي 1: 18، 24؛ 1تيموثاوس 5: 16). كل هذه الشواهد وغيرها تؤكد أن الكنيسة ليست بناءً من حجارة صماء بكماء، ولكنها جماعة المؤمنين الحقيقيين.
ويجب ملاحظة أن تدبير الكنيسة في العهد الجديد كان سرًّا مكتوما في الأزمنة الأزلية، مكتوب: «وَلِلْقَادِرِ أَنْ يُثَبِّتَكُمْ، حَسَبَ إِنْجِيلِي وَالْكِرَازَةِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، حَسَبَ إِعْلاَنِ السِّرِّ الَّذِي كَانَ مَكْتُومًا فِي الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ» (رومية 16: 15)، وقد أعلن هذا السرّ للرسول بولس بصفة خاصة، مكتوب: «أَنَّهُ بِإِعْلاَنٍ عَرَّفَنِي بِالسِّرِّ» (أفسس 3: 3). لذلك لم يعد تدبير كنيسة العهد الجديد سرّا بالنسبة للمؤمنين الحقيقيين، مكتوب: «السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ وَمُنْذُ الأَجْيَالِ، لكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ لِقِدِّيسِيهِ» (كولوسي 1: 26).
لذلك من الخطأ التعليم بأن الكنيسة في العهد الجديد هي امتداد لإسرائيل في العهد القديم، ومن الخطأ تطبيق النبوات التي قيلت عن إسرائيل في العهد القديم على كنيسة العهد الجديد، فيجب التمييز بين المفهوم العام لكلمة ἐκκλησία والذي قيل عن إسرائيل «الْكَنِيسَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ» (أعمال 7: 38). وبين تدبير كنيسة العهد الجديد. ومن الخطأ تطبيق ما جاء في غلاطية 6: 16 «إِسْرَائِيلِ اللهِ» على مؤمني العهد الجديد، لأن «إِسْرَائِيلِ اللهِ» المراد بهم هنا المؤمنون الحقيقيون من اليهود الذين يسلكون بموجب قانون الخليقة الجديدة.
بعد استعراض مفهوم الكنيسة، وأنها ليست بناءًا من حجارة صماء بكماء، ولكنها جماعة المؤمنين الحقيقيين في العهد الجديد، يمكن أن تثار عدة تساؤلات منطقية من الواجب الإجابة عنها، وهي:
* أين تجتمع الكنيسة (جماعة المؤمنين الحقيقيين)؟
* متى تجتمع الكنيسة (جماعة المؤمنين الحقيقيين) للعبادة؟
* كيفية العبادة المقدمة من الكنيسة (جماعة المؤمنين الحقيقيين)؟
* مَنْ الذي يترأس المجتمعين للعبادة؟
* مَنْ الذي يقود المجتمعين في عبادتهم؟
* ما هي أنواع الخدمات والمواهب الموجودة بين جماعة المؤمنين الحقيقيين؟
* مًنْ الذي يقوم بـ: المعمودية، الزواج، عشاء الرب (التناول)، الصلاة على الموتى..إلخ؟
1- أين تجتمع الكنيسة (جماعة المؤمنين الحقيقيين)؟
إذا بحثنا في كل العهد الجديد لا نجد مكانًا حدّده الرب لاجتماع المؤمنين، بخلاف العهد القديم، إذ كانت خيمة الاجتماع، هي المكان الذي حدّده الرب للعبادة، وتقديم الذبائح التي أمر بها...إلخ. (ارجع إلى سفر الخروج الإصحاحات من 35 إلى 40)، ثم الهيكل الذي بناه سليمان والذي حلّ محل الخيمة (ارجع إلى 1ملوك الإصحاحات من 7 إلى 9).
ولنا في حديث الرب مع المرأة السامرية ما ينفى نفيًا قاطعًا وجود مكان محدد للعبادة في العهد الجديد.
قالت المرأة للرب: «آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هَذَا الْجَبَلِ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ» (يوحنا 4: 20).
قال لها الرب: «يَا امْرَأَةُ صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ... وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ. اَللَّهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا» (يوحنا 4: 21 - 24).
أيضًا قول الرب: «لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ» (متى 18: 20) يؤكد عدم تحديد للمكان.
فكلمة «حَيْثُمَا where» لا تعنى مكانًا محددًا.
فأينما اجتمع المؤمنون، في أي مكان، حتى لو وصل عددهم «اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ» فَهُنَاكَ يكون الرب فِي وَسْطِهِمْ.
لذلك يذكر لنا العهد الجديد أن المؤمنين الأولين كانوا يعقدون اجتماعاتهم في أي مكان، دون أن يحدد لنا الشروط الواجب توافرها في هذا المكان، مكتوب: «فَإِنِ اجْتَمَعَتِ الْكَنِيسَةُ كُلُّهَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ..» (1كورنثوس 14: 23). فضلاً عن أن هذا النص يتحدث عن شيئين مختلفين، الكنيسة كجماعة المؤمنين الحقيقيين، والمكان الذي تجتمع فيه، فهو أيضًا لم يحدد لنا شكل هذا المكان.
لذلك نجد أن المؤمنين الأوائل كانوا يجتمعون في البيوت لكسر الخبز، مكتوب: «وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ، كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ» (أعمال 2: 46).
ثم كان الرسل يدخولون البيوت للتعليم والتبشير، مكتوب: «وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ وَفِي الْبُيُوتِ مُعَلِّمِينَ وَمُبَشِّرِينَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ» (أعمال 5: 42).
لذلك نجد أن الرسول بولس يخاطب شيوخ كنيسة أفسس قائلاً: «كَيْفَ لَمْ أُؤَخِّرْ شَيْئًا مِنَ الْفَوَائِدِ إِلاَّ وَأَخْبَرْتُكُمْ وَعَلَّمْتُكُمْ بِهِ جَهْرًا وَفِي كُلِّ بَيْتٍ، شَاهِدًا لِلْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّينَ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ وَالإِيمَانِ الَّذِي بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (أعمال 20: 20، 21).
ويرسل سلامه إلى الكنيسة التي في بيت فليمون: «بُولُسُ،... إِلَى فِلِيمُونَ الْمَحْبُوبِ وَالْعَامِلِ مَعَنَا،... وَإِلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِكَ» (فليمون 1، 2).
ويسلم على بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ وعلى الكنيسة التي في بيتهما «سَلِّمُوا عَلَى بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ الْعَامِلَيْنِ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ ... وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا» (رومية 16: 4، 5).
ويرسل سلامة إلى الإخوة في لاودكية، وإلى الكنيسة التي في بيت نمفاس: «سَلِّمُوا عَلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ فِي لاَوُدِكِيَّةَ، وَعَلَى نِمْفَاسَ وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِ» (كولوسي 4: 15).
إذن ليس هناك مكان محدد بأوصاف وأبعاد وشكل معين لاجتماعات المؤمنين في العهد الجديد، ويظل قول الرب للمرأة السامرية هو المبدأ الأساسي للعبادة المسيحية: «لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ... وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ».
2- متى تجتمع الكنيسة (جماعة المؤمنين الحقيقيين) للعبادة؟
لم يحدد العهد الجديد مواقيتًا لاجتماع الكنيسة للعبادة، مكتوب: «.. مَتَى اجْتَمَعْتُمْ ..» (1كورنثوس 14: 26).
إن كلمة «متى» لا تعطينا وقتًا محددًا، فيمكن للمؤمنين أن يجتمعوا في الصباح أو في المساء أو في أي وقت آخر من اليوم، كما لا تعطينا يومًا محددًا، فيمكن للمؤمنين أن يجتمعوا في أي يوم من أيام الأسبوع، أو في كل أيام الأسبوع، ولكن من سفر أعمال الرسل نستطيع أن نتبين أن اجتماع «كسر الخبز (عشاء الرب)» على وجه الخصوص، كان يتم في أول الأسبوع، مكتوب: «وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ إِذْ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِيَكْسِرُوا خُبْزًا،..» (أعمال 20: 7). ومن 1كورنثوس 11: 20 - 25 نجد أن اجتماع المؤمنين لكسر الخبز كان يتم وقت العشاء. كما أن الرب صنع الفصح مع تلاميذه وقت المساء (متى 26: 20 - 29).
إذن، ليس هناك أوقات أو أيام محددة لاجتماعات المؤمنين، باستثناء اجتماع كسر الخبز الذي يتم أول كل أسبوع في وقت المساء.
3- كيفية العبادة المقدمة من الكنيسة (جماعة المؤمنين الحقيقيين)؟
مكتوب: «فَمَا هُوَ إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ؟ مَتَى اجْتَمَعْتُمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لَهُ مَزْمُورٌ، لَهُ تَعْلِيمٌ، لَهُ لِسَانٌ، لَهُ إِعْلاَنٌ، لَهُ تَرْجَمَةٌ. فَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ لِلْبُنْيَانِ» (1كورنثوس 14: 26).
أولاً، يخاطب الرسول المؤمنين كافة المجتمعين معًا للعبادة بصفتهم إخوة «فَمَا هُوَ إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ؟» أي ليس فيهم أساقفة بالمعنى التقليدي أو بابوات (أسياد)، وكهنة أو قسوس وشمامسة وشعب (عبيد)، وكذلك ليس فيهم فئة تسمى الأكليروس، وفئة تسمى الشعب، وكذلك ليس فيهم قسيس يقود الاجتماع كما في الطوائف البروتستانتية، إذ يستحيل أن يُقام عشاء الرب بدون قسيس.
ثانيًا، عبارة: «فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ»، تنفي نفيًا قاطعًا أن يكون من بينهم مَنْ يترأس الاجتماع، أو مَنْ يقود الاجتماع، كما تبين المشاركة التامة للمجتمعين للعبادة. أما في الكنائس التقليدية فيستحيل أن تقام العبادة (القداس) بدون المدعو كاهن أو أسقف أو بابا حتى ولو حضر الآلاف من المسيحيين، وكأن المسيح ليس له وجود وسط شعبه، أو إذا كان موجودًا فوجوده بلا فاعلية بدون المدعوين «رجال الكهنوت».
يلاحظ القارئ والباحث أن ما يجرى في العالم المسيحي عكس ما هو مرسوم بالروح القدس في كلمة الله.
4- مَنْ الذي يترأس المجتمعين للعبادة؟
الرب هو رأس ورئيس المجتمعين إلى اسمه للعبادة:
مكتوب: «وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، ..» (إشعياء 9: 6).
ومكتوب أيضًا: «وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْسًا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ، الَّتِي هِيَ جَسَدُهُ،..» (أفسس 1: 22، 23).
ويقول الرب وهو الصادق الأمين: «لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ» (متى 18: 20). فإذا كان رأس الكنيسة ورئيسها في الوسط، فمن الذي يجرؤ أن يزيحه من الوسط؟ لكن المسيحية الإسمية كذّبت الصادق الأمين، وداست على أقواله، وأقامت من البشر من يحل محل الرب في الوسط، وأزاحت الرب من المشهد. فالمسيحيون بالاسم لا يرون سوى شخص البابا أو الأسقف أو الكاهن أو القس.
ونسأل الصادق الأمين، أين أنت يارب من المسيحية الإسمية؟
والرب يجيب: «هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ..» (رؤيا 3: 20).
ألا يرتعب هؤلاء الذين اغتصبوا مكان الرب وسط شعبه، وأزاحوه عن المشهد، وطرودوه خارج الباب؟
5- مَنْ الذي يقود المجتمعين في عبادتهم؟
إن الرب الذي في وسط المؤمنين المجتمعين باسمه (أو إلى اسمه)، والذي هو رأس الجسد (الكنيسة)، هو الذي يقود المؤمنين في عبادتهم بالروح القدس الساكن فيهم، مكتوب: «أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟» (1كورنثوس 3: 16). لذلك قال للمرأة السامرية: «.. السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ. اَللهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا» (يوحنا 4: 23، 24).
أما الكنائس التقليدية فهي تصلي من كتابات مدونة تُسمى «قداسات»، يتلونها في كل مرة، وكأنهم يُسمّعون محفوظات أمام الله، وكأنهم يتلونها على الله لأول مرة، أو كأن الله أمرهم بأن يتلونها أمامه، أو قل أنها مسرحية ما يقال اليوم يقال غدًا، وما يقال اليوم، سبق وقيل من مئات السنين، فأين السجود بالروح والحق؟ وأين قول الكتاب: «الَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا». أليست إحدى الكنائس السبع المذكورة في سفر الرؤيا كانت في «ثياتيرا θυατειρα» (رؤيا 1: 11؛ 2: 18)، ومن منطوق الاسم نستدل على أن ثياتيرا من Theater (ثييتر، مسرح) وفي زمن ليس ببعيد كان المسرح يُسمى «تياترو» فـ (ثياتيرا وثييتر Theater، وتياترو كلها واحد). إذن، العبادة في هذه الكنيسة عبادة مسرحية، الأدوار فيها موزعة بعضها يؤديه الكاهن أو الأسقف أو البابا، والبعض الآخر يؤديه المدعون شمامسة، أما الشعب فهو جمهور المتفرجين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في تلك المسرحية التي يشاهدونها ربما للمرة الألف، وبعد أن تنتهي المسرحية يخرجون وأنفسهم هانئة مستريحة لأنهم كانوا في رحاب بيت من بيوت الله، أو بالحري كانوا في رحاب القديس أو الشهيد المُسمى باسمه الكنيسة.
أين قول الكتاب: «مَتَى اجْتَمَعْتُمْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ لَهُ مَزْمُورٌ، لَهُ تَعْلِيمٌ، لَهُ لِسَانٌ، لَهُ إِعْلاَنٌ، لَهُ تَرْجَمَةٌ. فَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ لِلْبُنْيَانِ» (1كورنثوس 14: 26)؟
حسنًا قال الرب عن المتمسكين بالتقاليد: «.. رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ» (مرقس 7: 9).
6- ما هي أنواع الخدمات والمواهب الموجودة بين جماعة المؤمنين الحقيقيين؟
بداية، قد يتسأل البعض، إذا لم يكن هناك نظام بابوي، أو أي نظام رئاسي آخر - كما هو مُتّبع في آلاف الطوائف المنتشرة في العالم المسيحي - فكيف تدار الكنيسة؟
ونقول لهؤلاء، ألم تقرأوا في الكتاب المقدس عن حشرة «الجراد»؟
أليس مكتوب: «الْجَرَادُ لَيْسَ لَهُ مَلِكٌ، وَلكِنَّهُ يَخْرُجُ كُلُّهُ فِرَقًا فِرَقًا» (أمثال 30: 27).
مَنْ الذي يُخرج الجراد، ويقسمه فرقًا فرقًا؟ أليس الخالق العظيم، مُنظم هذا الكون، والذي له السيادة والسلطان المُطلق على مخلوقاته، والمكتوب عنه: «حَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ» (عبرانيين 1: 3).
إن الذين يتمسكون برئاسة البشر على شعب الرب إنما ينكرون ليس فقط سيادة وسلطان الخالق العظيم على مخلوقاته، بل ينكرون وجود رب الكنيسة وبانيها ومقتنيها بدمه الكريم وسط شعبه، والذي وعد المؤمنين في كل زمان ومكان قائلاً: «.. هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» (متى 28: 20). و«حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ» (متى 18: 20).
إن رب الكنيسة هو الذي يديرها بالروح القدس، بواسطة أواني بشرية أقامها للخدمة وليس للرئاسة والسيادة والتسلط على شعبه، مكتوب عنه:
«إِذْ صَعِدَ إِلَى الْعَلاَءِ سَبَى سَبْيًا وَأَعْطَى النَّاسَ عَطَايَا.. وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ، لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ،..» (أفسس 4: 8، 11، 12).
من المعلوم - من كلمة الله - أن الرسل والأنبياء هم الذين الذين استخدمهم الرب في تأسيس الكنيسة، مكتوب: «مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ،..» (أفسس 2: 20). ودورالرسل والأنبياء قد انتهى بنشر المسيحية في أرجاء المسكونة، أيضًا بكتابة الأسفار المقدسة تحت قيادة وإرشاد الروح القدس.
ورأينا فيما سبق بطلان الادعاء بوجود خلافاء للرسل، ورأينا أيضًا أن التعليم بوجود خلافة رسولية هو تعليم فاسد غير مبني على أساس كتابي.
أما عمل المبشرين والرعاة والمعلمين فهو «لأَجْلِ تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ»، وبنيان جسد المسيح (الكنيسة جماعة المؤمنين الحقيقيين) يتم على الأساس الذي وضعه الرسل والأنبياء، وليس من حق أي إنسان أيّ مَنْ كان، أن يضع أساسًا آخر، فالرسول بولس يقول: «.. فَإِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاسًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي وُضِعَ، الَّذِي هُوَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ» (1كورنثوس 3: 10، 11).
لا شك أن النُظم المنتشرة في العالم المسيحي ومنها النظام البابوي، هي أساس آخر، لم يضعه الرب له المجد، ولم يضعه رسله الكرام كما رأينا فيما سبق.
إن رب الكنيسة (جماعة المؤمنين الحقيقيين) لم يترك شعبه لحال سبيلهم، لينطبق عليهم القول: «كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ» (قضاة 17: 6)، بل أعطى الكنيسة «مُبَشِّرِينَ» ليكرزوا بالإنجيل في عالم تسوده الوثنية والإلحاد لِيُضِيءَ نور الإنجيل عَلَى الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ،.. ولكي يهدوا الضالين في طريق السلام، ومن ثمّ يعرفوا المسيح المخلص والفادي العظيم فينعموا بغفران الخطايا والحياة الأبدية.
أيضًا أعطى الكنيسة «رُعَاةً»، تحقيقًا لقوله في القديم: «وَأُعْطِيكُمْ رُعَاةً حَسَبَ قَلْبِي فَيَرْعُونَكُمْ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْفَهْمِ» (إرميا 3: 15).
«رُعَاةً» يقودون القطيع إلى المراعي الخضراء، مثلما قيل عن راعي الخراف العظيم: «فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي» (مزمور 23: 2).
«رُعَاةً» غير طامعين في الربح القبيح، مكتوب: «ارْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ الَّتِي بَيْنَكُمْ نُظَّارًا، لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ بَلْ بِالاخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ، وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى الأَنْصِبَةِ، بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ» (1بطرس 5: 2).
«رُعَاةً» لا يضربون الفقراء من الرعية، ويمنعون عنهم الصدقات. بكل أسف وأسى وحزن شديد، هكذا يفعل الرعاة المُقامين من الناس وليس من الله، وتنشر تلك الفضائح على صفحات الجرائد.
ألا يوجد رعاة داخل دائرة المسيحية ينطبق عليهم قول الرب: «الْمَرِيضُ لَمْ تُقَوُّوهُ، وَالْمَجْرُوحُ لَمْ تَعْصِبُوهُ، وَالْمَكْسُورُ لَمْ تَجْبُرُوهُ، وَالْمَطْرُودُ لَمْ تَسْتَرِدُّوهُ، وَالضَّالُّ لَمْ تَطْلُبُوهُ، بَلْ بِشِدَّةٍ وَبِعُنْفٍ تَسَلَّطْتُمْ عَلَيْهِمْ» (حزقيال 34: 4)؟ لقد كان نتيجة إهمال هؤلاء الرعاة في رعاية شعب المسيح تشتيت الرعية: «فَتَشَتَّتَتْ بِلاَ رَاعٍ وَصَارَتْ مَأْكَلاً لِجَمِيعِ وُحُوشِ الْحَقْلِ، وَتَشَتَّتَتْ» (حزقيال 34: 5). أليس الرعاة مسئولون عن الشباب الذي يهجر قريته ووطنه ليسافر إلى بلاد بعيدة سعيًا في الحصول على لقمة العيش، ويذبح هناك. ألا ينطبق على هؤلاء الشباب: «صَارَتْ مَأْكَلاً لِجَمِيعِ وُحُوشِ الْحَقْلِ»؟ دم هؤلاء الشباب ممَنْ يُطلب؟
كيف يهنأ المدعوون رعاة بالكراسي الرئاسية التي يجلسون عليها، والتمتع بما لذ وطاب من أفخر المأكولات والمشروبات، وأغلى الملابس والسيارات، وتغمض أعينهم وضمائرهم مستريحة، ويوجد في رعيتهم مَنْ لا يجد قوت يومه؟
وليس ذلك فقط، بل أين هؤلاء الرعاة من الذين يتركون المسيح، ويجحدونه، ويُلحدون؟
سوف يأتي الوقت وهو قريب حين يتحقق قول الرب:
«وَأُقِيمُ عَلَيْهَا رُعَاةً يَرْعَوْنَهَا فَلاَ تَخَافُ بَعْدُ وَلاَ تَرْتَعِدُ وَلاَ تُفْقَدُ، يَقُولُ الرَّبُّ»
(إرميا 23: 4).
أيضًا أعطى الكنيسة (جماعة المؤمنين الحقيقيين) «مُعَلِّمِينَ» أمناء، يقولون مع الرسول بولس: «لأَنَّنَا لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، لَكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلاَصٍ، بَلْ كَمَا مِنَ اللهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ» (2كورنثوس 2: 17)، وأيضًا: «بَلْ قَدْ رَفَضْنَا خَفَايَا الْخِزْيِ، غَيْرَ سَالِكِينَ فِي مَكْرٍ، وَلاَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، بَلْ بِإِظْهَارِ الْحَقِّ، مَادِحِينَ أَنْفُسَنَا لَدَى ضَمِيرِ كُلِّ إِنْسَانٍ قُدَّامَ اللهِ» (2كورنثوس 4: 2).
يوجد كثيرون من المُعلّمين الكذبة الذين يسلكون بمكر، ويغشون كلمة الله، ويأولونها بما يتمشى مع عقيدتهم وطائفتهم، وإشباع نهمهم من محبة المال، والأمور الخفية الحادثة منهم سرًا ذكرها أيضاً قبيح (أفسس 5: 12)..
ولكن هناك مَنْ يفصلون كلمة الحق بالاستقامة، وها هي نصيحة الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس: «اجْتَهِدْ أَنْ تُقِيمَ نَفْسَكَ ِللهِ مُزَكُى، عَامِلاً لاَ يُخْزَى، مُفَصِّلاً كَلِمَةَ الْحَقِّ بِالاسْتِقَامَةِ» (2تيموثاوس 2: 15).
بالإضافة إلى عطايا الرب لبنيان جسده (جماعة المؤمنين الحقيقيين) المذكورة في أفسس 4: 8، 11، 12، كما رأينا، أعطى الرب أيضًا مواهب روحية لأعضاء جسده، (ارجع إلى رومية 12: 6 - 8؛ 1كورنثوس 12: 8 - 11؛ 14: 1 - 5؛ أفسس 4: 10 12)، وكذلك أعطى للبعض أن يقوموا بالخدمات التدبيرية مثل النظّار (الأساقفة) والخدام (الشمامسة)، وهناك موهبة خاصة بالتدبير، مكتوب: «.. الْمُدَبِّرُ فَبِاجْتِهَادٍ..» (رومية 12: 8). والرسول بولس يوصي تيموثاوس بخصوص إكرام «الشُّيُوخُ الْمُدَبِّرُونَ حَسَنًا»، يقول له: «أَمَّا الشُّيُوخُ الْمُدَبِّرُونَ حَسَنًا فَلْيُحْسَبُوا أَهْلاً لِكَرَامَةٍ مُضَاعَفَةٍ، وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ فِي الْكَلِمَةِ وَالتَّعْلِيمِ» (1تيموثاوس 5: 17).
فماذا بقى لكنيسة الله الحي لبنائها روحيًا وإدارتها تدبيريًا والرب لم يفعله؟
«مَاذَا يُصْنَعُ أَيْضًا لِكَرْمِي وَأَنَا لَمْ أَصْنَعْهُ لَهُ؟» (إشعياء 5: 4).
إن الذين أدخلوا نُظمًا لإدارة «كَنِيسَةُ اللهِ الْحَيِّ، عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ» (1تيموثاوس 3: 15) يكونوا بفعلتهم هذه قد «َقَرَّبَا أَمَامَ الرَّبِّ نَارًا غَرِيبَةً لَمْ يَأْمُرْهُمَا بِهَا» (لاويين 10: 1). مثلما فعلا ابنا هارون، وماذا كانت النتيجة؟
يقول الكتاب: «فَخَرَجَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ وَأَكَلَتْهُمَا، فَمَاتَا أَمَامَ الرَّبِّ» (لاويين 10: 2). كان ذلك في عصر الناموس، حيث كان قضاء الله ينصب فورًا على المخطئ، أما في زمان النعمة فأناة الله تنتظر عودة الذين ضلوا بعيدًا عن كلمته، وتوبتهم ورجوعهم إلى الرب وإلى كلمته المقدسة. أما المستهينون بإمهال الله، مكتوب عنهم:
«أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟ وَلَكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَباً فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ» (رومية 2: 4، 5).
7- أخيرًا، قد يحتج البعض بأنه إن لم يكن بالكنيسة كهنة بالمفهوم التقليدي، وقسوس بالمفهوم البروتستانتي، فمًنْ الذي يقوم (على سبيل المثال) بـ :
1- المعمودية
2- الزواج
3- عشاء الرب
4- الصلاة على الموتى.. إلخ.
لم يذكر العهد الجديد أشخاصًا بعينهم يقومون بهذه الأعمال، ولكن لكي يحكم رجال الكهنوت والأكليروس، بمختلف رتبهم المزعومة، قبضتهم على الرعية وإخضاعهم لسلطانهم الوهمي غير المؤسس على كلمة الله، وأن بيدهم سلطان الحل والربط، وسلطان غفران الخطايا، وأنهم خلفاء الرسل، استلموا تابعيهم من المهد إلى اللحد.
إن كلمة الله موجودة بين أيدينا، وعلى المحتجين أن يأتوا منها بما يدل على أن هناك شخصًا محددًا ذو رتبة كهنوتية، أو كنسية، عليه القيام بتعميد الآخرين، وتزويجهم، ومناولتهم من عشاء الرب (الأفخارستيا).. إلخ.
إن المعمودية قام بها فيلبس خادم الموائد (أعمال 6: 1- 6)، والذي كانت لديه موهبة التبشير، يذكر الكتاب أنه كرز في السامرة وآمن أهل السامرة بكرازته واعتمدوا (أعمال 8: 5 - 12)، وكذلك عمّد الخصي الحبشي وزير كنداكة ملكة الحبشة ( أعمال 8: 26 - 39).
فالذي يقوم بعماد الذين قبلوا الإيمان هو الشخص الذي بشرهم بالمسيح وآمنوا بكرازته، مثل فيلبس الخادم والمُبشّر، أو أي شيخ مُعلّم أو مُبشّر نظير فيلبس مشهودًا له بالتقوى وسط جماعة المؤمنين. والإيمان يسبق العماد طبقًا لقول الرب: «مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ» (مرقس 16: 16).
أما بخصوص الزواج، فلنا أن نسأل:
مَنْ الذي قام بمراسم زواج موسى النبي من صفورة؟ (خروج 2: 21).
ومَنْ الذي قام بمراسم زواج يوسف ابن يعقوب من أسنات بنت فوطي فارع كاهن أون؟ (تكوين 41: 45).
ربما يحتج البعض بأن هذه الأمثلة هي من العهد القديم، ونقول لهؤلاء، إذن، من الذي قام بمراسم زواج إخوة الرب وصفا وباقي الرسل؟ (1كورنثوس 9: 5).
ربما يستند التقليديون على أن الزواج سرّ، ويستدلون على ذلك من حضور الرب في عرس قانا الجليل (يوحنا 2). ونقول لهؤلاء إن الرب حاضر في كل زمان ومكان، ولكن مَنْ الذي قام بمراسم الزواج في عرس قانا الجليل؟ بالقطع، لم يقم الرب بمراسم الزواج في عرس قانا الجليل، ولم يقم أحد من تلاميذ الرب بتلك المراسم في ذلك العرس، وإلا لذكر لنا الكتاب، وإنما عُقد العُرس بحسب التشريعات والقوانين اليهودية المعروفة في ذلك الوقت.
فالزواج ليس سرًّا فيه الروح القدس يحل على العروسين باستدعاء المدعو كاهن، ليُتحدهم ببعض، لأن العلاقة الجسدية هي التي تُتحد الاثنين معًا كجسد واحد، وليس شرطًا أن تكون هذه العلاقة شرعية، بدليل قول الكتاب عن الزاني:
«أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنِ الْتَصَقَ بِزَانِيَةٍ هُوَ جَسَدٌ وَاحِدٌ؟ لأَنَّهُ يَقُولُ:
يَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا» (1كورنثوس 6: 16).
فالزواج، بصفة عامة، هو عقد اجتماعي يربط رجل بامرأة (حسب الشريعة التي ينتميان إليها)، وثمرة هذا الزواج هو نسل شرعي، وفي المسيحية، َقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ» (تكوين 2: 18). «مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ» (متى 19: 5، 6؛ انظر أيضًا مرقس 10: 7- 9). فالله هو الذي يُجمّع الرجل والمرأة معًا، مثلما أحضر حواء إلى آدم (تكوين 2: 22)، وإذا كان الله هو الذي يقوم بهذا، فمَنْ الذي يجرؤ ويغتصب عمل الله، ويدّعي أن له سلطة القيام بمراسم الزواج؟
الكتاب يُعلمنا أنه لا دخل لما يسمون أنفسهم برجال الدين أيّ كانت مراكزهم الدينية، وأيّ كانت كنائسهم أو طوائفهم التي ينتسبون إليها في القيام بمراسم الزواج، طالما كان الله هو الذي يجمع الاثنين معًا.
ومن المتعارف عليه بين البشر أن يتم الزواج في محفل عام، كما في عرس قانا الجليل حيث دُعي الرب وتلاميذه لحضور هذا الحفل (يوحنا 2: 2)، حتى يكون الحضور شهودًا على اتمام الزواج، وحتى إذا كان أحد الحاضرين له اعتراض شرعي على أحد العروسين يمنع إتمام العقد، يبدي اعتراضه.
وبحسب التشريعات المعاصرة يتم تسجيل عقد الزواج في الجهات الحكومية المختصة، ليكون سندًا شرعيًا يُقدم لمن يهمه الأمر. فعقد الزواج لا يكون سندًا شرعيًا أيًّ كانت الكنيسة أو الطائفة التي عُقد فيها، وأيًّ كان الشخص الذي قام بمراسمه، إلا بتسجيله أمام الجهات الحكومية ذات الشأن.
أما «عشاء الرب» أو «كسر الخبز» أو «التناول» أو «الأفخارستيا».. إلخ.
فيمارسه المؤمنون دون حاجة إلى وجود ما يُسمى بالكاهن، أو ما يُسمى بالقس البروتستانتي، مكتوب: «لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا..» (1كورنثوس 11: 23). فالرسول هنا يخاطب المؤمنين، ولا يخاطب فئة معينة منهم، لأنه في بداية الرسالة يوجه خطابه إلى المؤمنين كافة، في كل زمان ومكان، مكتوب: «إِلَى كَنِيسَةِ اللهِ الَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ، الْمُقَدَّسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الْمَدْعُوِّينَ قِدِّيسِين مَعَ جَمِيعِ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِي كُلِّ مَكَانٍ» (1كورنثوس 1: 2).
لاحظ عبارة «مَعَ جَمِيعِ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِي كُلِّ مَكَانٍ».
فالرسول لم يحدد فئة معينة من المؤمنين عندما قال: «لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا..».
إن عشاء الرب أو التناول.. إلخ. يقوم به المؤمنون الحقيقيون ولا يقتصر على مَنْ يمارسون مواهب معينة، أو يقومون بخدمات معينة وسط كنيسة الله.
أما الصلاة على الموتى، فهي بدعة شيطانية، فيها يدّعي رجال الدين أنهم يصلّون على الميت ليخففوا عنه عذاب المطهر (بحسب تعاليم الكنيسة الكاثوليكية) أو يطلبون له نياحًا (راحة) «نيحهم في فردوس النعيم».. في أحضان إبراهيم وإسحق ويعقوب.. إلخ. (بحسب الكنيسة الأرثوذكسية)، ويطلبون أن يفتح له الرب أبواب الفردوس، وكأن الرب سوف يلبي طلبهم على الفور حتى ولو كان الميت شريرًا، أما إذا كان الميت مؤمنًأ حقيقيًا فالرب ليس في انتظار أن يطلب منه أحد لأجل راحة روح هذا المؤمن.
لم يأمر الرب بالصلاة على الموتى، بل هي ضد كلمة الله. فالكتاب يُعلمنا أنه عندما يغمض الإنسان عينيه على الأرض يفتحهما في إحدى مكانين، إما في الجحيم (مكان انتظار أرواح الأشرار)، وإما في الفردوس (مكان انتظار أرواح الأبرار). قال الرب على الصليب للصّ الذي آمن به: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ».
وفي قصة الغني ولعازر قال الرب: «فَمَاتَ الْمِسْكِينُ (لعازر) وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضًا وَدُفِنَ، فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الجَحِيمِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ..» (لوقا 16: 22، 23).
وهذه القصة تظهر ضلال تعليم الكنائس التقليدية والطوائف البروتستانتية التي تُعلّم بأن المسيح نزل إلى الجحيم (مكان عذاب الأشرار)، وأن أبانا إبراهيم وكل قديسي العهد القديم كان مقبوضًا عليهم من إبليس في السجن في الجحيم، ونزل المسيح إليهم إلى الجحيم ليحررهم من السجن. فهل قديسي العهد القديم كانوا في مكان عذاب الأشرار؟ وهل يترك الرب قديسيه ليقبض عليهم إبليس ويسجنهم في الجحيم؟
هل بعد ما أظهروه من إيمان وأمانه يُلقي بهم الرب في يد إبليس ليسجنهم في الجحيم؟ أي تعليم شرير هذا؟
أسئلة عن الفصل الرابع عشر
1- ما معنى كلمة كنيسة في العهد الجديد؟
2- ما المقصود بـ «بيت الله» في العهد الجديد؟
3- ما هي حجج التقليديين بأن الكنيسة بناء من حجارة صماء بكماء، وما هو الرد على هذه الحجج؟
4- هل ترك الرب كنيسته دون نظام يديرها؟
5- هل ترك الرب إدارة كنيسته حسب استحسان كل إنسان؟
6- هل وضع الرب نظامًا لإدارة كنيسته؟
7- في مقابلة الرب مع المرأة السامرية، هل حدد مكانًا للعبادة؟
8- أين كان يجتمع المؤمنون الأوائل، وأين كانوا يكسرون الخبز؟
9- هل حدد العهد الجديد أوقاتًا معينة لاجتماعات الكنيسة بخلاف اجتماع كسر الخبز؟
10- ماذا قال الكتاب عن كيفية عبادة المؤمنين؟
11- مَنْ الذي يترأس اجتماع المؤمنين؟
12- مَنْ الذي يقود المؤمنين في عبادتهم؟
13- ما هي المواهب والخدمات التي منحها الرب لكنيسته (جماعة المؤمنين الحقيقيين)؟
14- هل من حق أيًّ مَنْ كان أن يضع أساسًا آخر لكنيسة المسيح؟
15- ما هي صفات الرعاة الكذبة؟ اذكر ثلاث صفات لهؤلاء الرعاة.
16- ما هي صفات الراعي الذي بحسب فكر الرب؟ اذكر ثلاث صفات لهذا الراعي.
17- هل ذكر الكتاب شخصًا محددًا يقوم بتعميد الآخرين، وتزويجهم، ومناولتهم عشاء الرب (الأفخارستيا)، والصلاة على موتاهم.. إلخ؟
18- هل الزواج سرّ؟
19- هل سرّ الزواج هو الذي يتحد العروسين معًا كجسد واحد؟
20- كيف ترد من كلمة الله أن الزواج ليس سرًّا؟
19- مَنْ الذي يجمع العروسين معًا؟
20- هل قام الرب بمراسم الزواج في عرس قانا الجليل؟
21- هل قام أحد تلاميذ الرب بمراسم الزواج في عرس قانا الجليل؟
22- ما الحكمة في عُرف الناس بإقامة الزواج في حفل عام؟
23- ما الذي يعطي الزواج شرعيته في وقتنا الحاضر؟
24- ما رأيك في المتاجرين بالدين، الذين يستلمون الناس من المهد إلى اللحد؟
25- كيف ترد على إدعاءات هؤلاء الكذبة؟
26- هل ورد في الكتاب المقدس، ما يُسمى بالصلاة على الموتى؟
27- أين تذهب أرواح الموتى، بحسب تعاليم الكتاب؟
28- هل حقًا قبض إبليس على أرواح قديسي العهد القديم وسجنها في الجحيم؟
29- ما هو الشر المُنطوي على هذا التعليم؟
30- ما الشرّ والتجديف المُنطوي على التعليم القائل بأن المسيح نزل إلى الجحيم؟