السبت، 13 أغسطس 2016

الفصل الخامس عشر

تحذيرات كتابية

الحقيقة التي لا مفر منها أن المسيحية  أُبتليت منذ عصرها الباكر، بالانقسامات،  فالرسول بولس يكتب إلى أهل كورنثوس قائلاً: «لاَ يَكُونَ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٌ.. لأَنِّي أُخْبِرْتُ عَنْكُمْ يَا إِخْوَتِي مِنْ أَهْلِ خُلُوِي أَنَّ بَيْنَكُمْ خُصُومَاتٍ، فَأَنَا أَعْنِي هَذَا: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَقُولُ: أَنَا لِبُولُسَ وَأَنَا لأَبُلُّوسَ وَأَنَا لِصَفَا وَأَنَا لِلْمَسِيحِ، هَلِ انْقَسَمَ الْمَسِيحُ؟» (1كورنثوس 1: 11-13). 
كما ابتليت بتضافر جحافل الظلمة للنيل من نقاء تعاليمها الإلهية، وتشويهها، بل وإبعادها عن مسارها الإلهي، الذي رسمه الرب لها، ورسله الكرام من بعده. وهذا ليس بغريب، أو عجيب، لأن المسيحية في نقاء تعاليمها تمثل خطورة على مملكة الظلمة، وكذلك تمثل تهديدًا لقوى الشر. لذلك اتبع عدو الخير.. إبليس، استراتيچية جهنمية من وجهتين في صراعه ضد المسيحية:
الوجهة الأولى اضطهاد المسيحيين من الذين هم من خارج دائرة المسيحية لإبادتهم، فهيج ضدهم عشرة أباطرة رومان لمحوهم من الوجود، وهو ما عُرف في التاريخ بـ «عصور الاستشهاد في المسيحية»، وهذا ما سبق وأخبر به الرب ملاك كنيسة سميرنا: «لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ. هُوَذَا إِبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضًا مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيْقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ..» (رؤيا 2: 10)، حيث تشير العشرة أيام إلى عشرة عصور حكم فيها الأباطرة الرومان  والتي بدأت بعصر نيرون (حكم من 54م - 68م) وأنتهت بعصر دقلديانوس (حكم من 284م - 305م)، لذلك بدأ الأقباط تقويمهم للشهداء من بداية حكم الإمبراطور دقلديانوس، الإمبراطور العاشر، وأيقنوا أن نهاية حكمه هي نهاية عصور إبادة المسيحيين على أيدي الأباطرة الرومان.
إن الاضطهاد لم يكن شيئًا عارضًا في حياة المسيحيين، لقد سبق وأخبرنا الرب في متى 24: 9 «حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ‍ضِيق وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي». وكذلك في لوقا 10: 3 «ِاِذْهَبُوا! هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ حُمْلاَنٍ بَيْنَ ذِئَابٍ».

أما الوجهة الثانية لإبليس في تدمير المسيحية، فهي دس رسل كذبة، وأنبياء كذبة، ومعلمين كذبة، وإخوة كذبة، داخل دائرة المسيحية لتخريبها وتقويض أركانها من الداخل، وهذا ما أشار إليه الرب في متى 13: 24، 25 «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا زَرَعَ زَرْعًا جَيِّدًا فِي حَقْلِهِ. وَفِيمَا النَّاسُ نِيَامٌ جَاءَ عَدُوُّهُ وَزَرَعَ زَوَانًا فِي وَسْطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى».
والرسول بولس أخبرنا بأن المسيحية تحولت إلى بيت كبير به أواني للكرامة وأخرى للهوان، فمكتوب: «وَلكِنْ فِي بَيْتٍ كَبِيرٍ لَيْسَ آنِيَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَقَطْ، بَلْ مِنْ خَشَبٍ وَخَزَفٍ أَيْضًا، وَتِلْكَ لِلْكَرَامَةِ وَهذِهِ لِلْهَوَانِ» (2 تيموثاوس 2: 20).

فهل نجح الشيطان في مسعاه؟

لا شك، أن الشيطان فشل في إبادة المسيحيين، وهناك قول مشهور للعلامة ترتليانوس (160-220م): “The blood of Christians is the seed of the Church” «إن دماء المسيحيين (الشهداء) هي بذار الكنيسة»، ولكن إبليس نجح إلى حد بعيد في تشويه صورة المسيحية الحقيقية، وإدخال تعاليم غريبة عن حق الإنجيل، فالرسول بولس حذر أهل كورنثوس قائلاً: «لأَنَّهُ لاَ بُدَّ (δει «ديي» = ضرورة حتمية) أَنْ يَكُونَ بَيْنَكُمْ بِدَعٌ (αιρεσεις «هيرسيس» = هرطقات)..» (1كورنثوس 11: 19).
إن دخول الهراطقة وسط المسيحيين، ونشر هرطقاتهم أمر كان حتمي، وعلل الرسول ذلك بقوله: «لِيَكُونَ الْمُزَكَّوْنَ ظَاهِرِينَ بَيْنَكُمْ» (1كورنثوس 11: 19).

كذلك جاءتنا تحذيرات من الرب نفسه إذ قال: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ» (متى 24: 4).
إن كلمة «انظروا»   βλέπετε (بليبيتي) تعني أيضًا: احذروا، احترسوا 
  beware,  take heed,
«لاَ يُضِلَّكُمْ»   πλανήσῃ (بلانيسي) وتعني أيضًا: الانحراف عن الطريق
 be out of the way
«أَحَدٌ». كان الرب يعلم بأن هناك مَنْ سيأتي ليُضل المسيحيين، لذلك منذ البداية سبق وحذرنا من المُضلّين، حتى لا يعتذر إنسان بالجهل، وعدم المعرفة.
ولا شك أن تحذير الرب لتلاميذه: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ»، هو تحذير لازم وضروري لكل المؤمنين في كل زمان ومكان أن يحترسوا على الدوام من أضاليل الشيطان وتقليده ومحاكاته لأمور الله، وذلك بفحص كل كتب التراث، وكل التعاليم، والعظات، والشروحات، والتفاسير بالرجوع إلى أقوال الله.
إن لسان حل المؤمن الحقيقي هو: ماذا يقول الرب، وماذا يقول الكتاب؟ أيضًا المبدأ الأساسي الذي يحكم ضمير المؤمن الحقيقي هو:
«لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًا وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا» (رومية 3: 4).
بكل أسف وحزن شديد نجد أشخاصًا، وهم  كُثر، من داخل دائرة المسيحية الإسمية يكذبون الله، ويصدقون الإنسان، ولسان حالهم  هو: أبونا قال.. أو سيدنا قال.. فإذا أتيت له بالنص الكتابي الواضح وضوح الشمس في كبد السماء والذي لا يحتاج إلى تأويل أو تفسير، يرفض عن إصرار وعمد الالتفات إلى النص الكتابي. ولماذا يلتفت إلى النص الكتابي، والمدعو أبونا أو ا لمدعو سيدنا قدم له تعليمًا بحسب التقليد، وليس بحسب الكتاب، بل وأكثر من ذلك يُقدم  له المسيح مذبوحًا على المذبح، لنوال الغفران والحياة الأبدية؟ فهل هذا المسيحي بالاسم في حاجة إلى كلمة الله، بعد ذلك؟ يا للحسرة.  

وإذا كان لنا تحذير من الرب، فلنا تحذير آخر من الرسول بطرس:
«فَأَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ قَدْ سَبَقْتُمْ فَعَرَفْتُمُ، احْتَرِسُوا مِنْ أَنْ تَنْقَادُوا بِضَلاَلِ الأَرْدِيَاءِ،
فَتَسْقُطُوا مِنْ ثَبَاتِكُمْ» (2بطرس 3 : 17).
يكتب الرسول بطرس في القرن الأول الميلادي مُحذرًا من المُضلّين الأردياء الذين يبثون ضلالهم، وينفثون سموم تعاليمهم وسط المؤمنين ليسقطوهم من ثباتهم.
وتحذير ثالث من الرسول بولس:
«اُنْظُرُوا أَنْ لاَ يَكُونَ أَحَدٌ يَسْبِيكُمْ بِالْفَلْسَفَةِ وَبِغُرُورٍ بَاطِل، حَسَبَ تَقْلِيدِ النَّاسِ،
حَسَبَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ، وَلَيْسَ حَسَبَ الْمَسِيحِ» (كولوسي 2 : 8).
لقد نسجت الكنائس التقليدية من الفلسفة الباطلة، التي هي نتاج عقل الإنسان الفاسد، قصص خرافية حول كل التعاليم النقية التي بحسب فكر الله ومقاصده، بحيث سُبي الناس بعيدًا عن كلمة الله، وانقادوا لتقاليد الناس التي تتمشى مع أنظمة العالم وليس حسب المسيح.
وهناك تحذيرات أخرى كثيرة، لا مجال لحصرها، في كلمة الله.

لقد فشل إبليس في إبادة المؤمنين، كما سبقت الإشارة، ولكنه نجح في استخدم أواني بشرية من داخل دائرة المسيحية، شغلت وظائف هامة داخل الكنيسة، أمكنها غرس بذور الضلال وسط المؤمنين منذ فجر المسيحية، تلك البذور التي انتجت على مر الأزمان مسيحية مشوهة، ممسوخة، كانت عثرة للذين هم من خارج، لأنها أبعد ما تكون عن المسيحية الحقيقية، ولقد أوضح الكتاب المقدس بعض هذه الفئات التي لها ألقاب دينية رنانة مثل رسل، أنبياء، معلمين، أساقفة...إلخ. ممن كانوا، ولا يزالوا أدوات في يد الشيطان لتخريب المسيحية من الداخل. وهم كالتالي:
1- رسل كذبة في شكل خدام للبر:
هؤلاء أشار إليهم الرسول بولس في 2كورنثوس 11: 13- 15 «لأَنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ هُمْ رُسُلٌ كَذَبَةٌ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ، مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إِلَى شِبْهِ رُسُلِ الْمَسِيحِ. وَلاَ عَجَبَ. لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ! فَلَيْسَ عَظِيمًا إِنْ كَانَ خُدَّامُهُ أَيْضًا يُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ كَخُدَّامٍ لِلْبِرِّ. الَّذِينَ نِهَايَتُهُمْ تَكُونُ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ».
هل يوجد رسل كذبة؟ 
نعم. ألم يكن يهوذا الأسخريوطي الذي أسلم الرب يسوع لليهود، ضمن رسل المسيح الاثني عشر؟
مَنْ هؤلاء المدعوين رسل كذبة؟  هل هم من خارج دائرة المسيحية؟
لا. إنهم عاملون في كرم الرب، وسط قطيع المسيح، ولكن ليس لحساب الرب بل لحساب الشيطان، يتظاهرون بالتقوى، والبر، لابسين قناع القداسة، يخدعون الناس بكلامهم المعسول، واتضاعهم الزائف، ولكنهم فعلة ماكرون، يتشبهون برسل المسيح، وجُلّ غايتهم التسلط على قطيع الرب، لكن سرعان ما تسقط الأقنعة، ويظهرون على حقيقتهم، وهذا يتضح من قول الرسول بولس للمؤمنين: «لأَنَّكُمْ تَحْتَمِلُونَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْتَعْبِدُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْكُلُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْخُذُكُمْ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَرْتَفِعُ! إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَضْرِبُكُمْ عَلَى وُجُوهِكُمْ!» (2كورنثوس 11: 20). هذا ما كان يفعله الرسل الكذبة بالمؤمنين، وهذا أيضًا ما نراه يحدث في المسيحية الإسمية، إذ نقرأ على صفحات الجرائد بعض المدعوين كهنة يضربون الفقراء من الأقباط ويمنعون الصدقة عنهم.
2- أنبياء كذبة:
لقد ابتليت المسيحية منذ نشأتها برسل كذبة كما رأينا، ولكن هذا لم يروِ غليل إبليس، فأقام وسط المسيحيين أنبياء كذبة، مكتوب:
« أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟
لأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى الْعَالَمِ» (1يوحنا 4: 1).
هل يوجد أنبياء كذبة داخل دائرة المسيحية؟
 نعم. أين كانوا قبل خروجهم؟
لقد كانوا وسط المؤمنين، وهؤلاء يقول عنهم الرسول يوحنا: «مِنَّا خَرَجُوا، ..» (1يوحنا 2: 19).
لكن في وقت كثر فيه الضلال وسط المسيحية الاسمية، وتحولت إلى ديانة طقسية.. كان على المؤمنين الحقيقيين أن يخرجوا إلى المسيح بعيدًا عن الضلال، طاعة لقول الكتاب:
«فَلْنَخْرُجْ إِذًا إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ» (عبرانيين 13: 13).
فبدلاً أن تكون الكنيسة هي عمود الحق وقاعدته (1تيموثاوس 3: 15)، أمست بيتًا كبيرًا اختلطت فيه أواني الهوان بأواني الكرامة (2تيموثاوس 2: 20)، لذلك كانت نصيحة الرسول بولس هي:
«فَإِنْ طَهَّرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ مِنْ هذِهِ، يَكُونُ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ، مُقَدَّسًا، نَافِعًا لِلسَّيِّدِ،
مُسْتَعَدًّا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ» (2تيموثاوس 2: 21).
3- معلمون كذبة في وسط شعب الله:
يقول الرسول بطرس في رسالته الثانية 2: 1
«وَلكِنْ، كَانَ أَيْضًا فِي الشَّعْبِ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، كَمَا سَيَكُونُ فِيكُمْ أَيْضًا مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ،
الَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ. وَإِذْ هُمْ يُنْكِرُونَ الرَّبَّ الَّذِي اشْتَرَاهُمْ،
يَجْلِبُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ هَلاَكًا سَرِيعًا».
ألا يوجد وسط المسيحية الإسمية، معلمون أنكروا كمال وكفاية ذبيحة المسيح على الصليب للخلاص من الدينونة الأبدية، وغفران الخطايا، ونوال الحياة الأبدية بالإيمان، وجعلوا الحصول على كل هذه البركات بالأكل فيما أسموه بذبيحة القداس، إذ يظنون أنهم يقدمون المسيح ذبيحة في كل مرة يقيمون فيه القداس.
 فبدلاً من نوال الخلاص وغفران الخطايا والحياة الأبدية بالإيمان بذبيحة المسيح التي قدمت مرة واحدة، كما قال الكتاب:
«فَبِهذِهِ الْمَشِيئَةِ نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً»
(عبرانيين 10: 4).
نجدهم يقدمون المسيح ذبيحة (كما يعتقدون) في كل مرة يتلون فيها صلوات القداس، ناسين، أو متجاهلين قول الكتاب:
«وَأَمَّا هذَا فَبَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إِلَى الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ»
(عبرانيين 10: 12).
وبناء على تقديم جسد يسوع المسيح ذبيحة مرة واحدة، يضع الكتاب أمامنا النتيجة النهائية بقوله:
«لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى الأَبَدِ الْمُقَدَّسِينَ» (عبرانيين 10: 14).
لقد داس التقليديون على قول الرب:
«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ» (يوحنا 6: 47).
أي أن نوال الحياة الأبدية  ليس بالأكل والشرب ولكن بالإيمان.
وقال أيضًا وهو الصادق الأمين:
«وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ»
(يوحنا 3: 14-16).
ألا ينطبق عليهم قول الكتاب:
«فَكَمْ عِقَابًا أَشَرَّ تَظُنُّونَ أَنَّهُ يُحْسَبُ مُسْتَحِقًّا مَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ،
وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِسًا، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ؟»
(عبرانيين 10: 29).
ألم يوبخ الرب أمثال هؤلاء، قائلاً:
«لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ.. رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ!.. مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ»
(مرقس 7: 8- 13).
4- إخوة كذبة:
رأينا رسل كذبة وأنبياء كذبة ومعلمين كذبة داخل دائرة المسيحية منذ بدايتها، والآن يحدثنا الكتاب عن إخوة كذبة، فمكتوب:
« ... بِأَخْطَارٍ مِنْ إِخْوَةٍ كَذَبَةٍ» (2كورنثوس 11: 26).
ومكتوب أيضًا:
«وَلكِنْ بِسَبَبِ الإِخْوَةِ الْكَذَبَةِ الْمُدْخَلِينَ خُفْيَةً، الَّذِينَ دَخَلُوا اخْتِلاَسًا لِيَتَجَسَّسُوا حُرِّيَّتَنَا الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ كَيْ يَسْتَعْبِدُونَا» (غلاطية 2: 4).
لاحظ كلمة «يستعبدونا»، أي أنهم أقاموا من أنفسهم أسيادًا على قطيع المسيح، ليستعبدوه، رغم إدعائهم بأنهم إخوة، ولكنهم إخوة كذبة. أليس هذا ما يحدث في المسيحية الإسمية منذ البداية إلى الآن؟

5- أساقفة يتكلمون بأمور ملتوية ومن بينهم ذئاب خاطفة:
في حديثه الوداعي حذر الرسول بولس شيوخ كنيسة أفسس قائلاً:
«اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ. لأَنِّي أَعْلَمُ هذَا: أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ. وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ» (أعمال 20: 28-30).
أساقفة وسط رعية المسيح يتكلمون بأمور ملتوية؟! يا للعجب.
لكن لماذا؟
لكي يجتذبوا المؤمنين وراءهم، بدلاً من أن يجتذبوهم للمسيح، فالمسيح غاب عن أعينهم الكليلة. يا للحسرة.
آخرون سيدخلون بينهم أي أساقفة مثلهم، ولكنهم ذئاب خاطفة لا تشفق على الرعية.. هؤلاء ينطبق عليهم قول الرب على لسان إرميا النبي:
«لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ عَنِ الرُّعَاةِ الَّذِينَ يَرْعَوْنَ شَعْبِي: أَنْتُمْ بَدَّدْتُمْ غَنَمِي وَطَرَدْتُمُوهَا وَلَمْ تَتَعَهَّدُوهَا. هأَنَذَا أُعَاقِبُكُمْ عَلَى شَرِّ أَعْمَالِكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ» (إرميا ٢٣:‏ 2).
 وقول الرب على لسان حزقيال النبي:
«هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَى الرُّعَاةِ وَأَطْلُبُ غَنَمِي مِنْ يَدِهِمْ،
وَأَكُفُّهُمْ عَنْ رَعْيِ الْغَنَمِ، وَلاَ يَرْعَى الرُّعَاةُ أَنْفُسَهُمْ بَعْدُ، فَأُخَلِّصُ غَنَمِي مِنْ أَفْوَاهِهِمْ فَلاَ تَكُونُ لَهُمْ مَأْكَلاً» (حزقيال ٣٤:‏ 10).
كلمات تقشعر لها الأبدان ويشيب من هولها الولدان..
الشكل الظاهر أمام الجماعات المسيحية أنهم أساقفة، يشعّون نورًا وتقوى واتضاعًا، ولكنهم في حقيقة الأمر هم ذئاب خاطفة.. الظلمة تلتحفهم، وأعمالهم المخزية تفضحهم، ذئاب في ثياب الحملان، تُفتح لهم البيوت على أنهم حملان، وتأتمنهم النفوس على المال والعرض، وتتعامل معهم النساء والشابات على أنهم حملان، فهم أبعد ما يكونوا عن دائرة الشك في سلوكهم، إنهم أصحاب القداسة والتقوى والورع، ولكن طبيعة الافتراس تجري في عروقهم مهما تخفّوا في ثياب الحملان، ألم يقل الرب:
«فَأُخَلِّصُ غَنَمِي مِنْ أَفْوَاهِهِمْ فَلاَ تَكُونُ لَهُمْ مَأْكَلاً». 
يحذرنا الرسول بولس منذ العصر الرسولي إلى الآن.. من بداية المسيحية إلى آخر الزمان.. من نوعين من الأساقفة، أولهما الأساقفة الذئاب الخاطفة، وثانيهما الأساقفة الذين يجمعون الناس من حولهم بكلمات ملتوية ليكوّنوا لهم شعبية. فالذي يُسرّ قلوبهم هو إلتفاف الجماهير من حولهم واجتذابها إلى أشخاصهم وليس إلى الرب.
6- أناس فجار:
لم يكتف إبليس بدس الفئات السابقة لتخريب وتقويض أركان المسيحية من الداخل بعد أن فشل في إبادة المسيحيين كما رأينا سابقًا، فقام بدس فئة أكثر خطرًا على المسيحية،  يقول عنهم يهوذا في رسالته:
«لأَنَّهُ دَخَلَ خُلْسَةً أُنَاسٌ قَدْ كُتِبُوا مُنْذُ الْقَدِيمِ لِهذِهِ الدَّيْنُونَةِ، فُجَّارٌ، يُحَوِّلُونَ نِعْمَةَ إِلهِنَا إِلَى الدَّعَارَةِ، وَيُنْكِرُونَ السَّيِّدَ الْوَحِيدَ: اللهَ وَرَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ» (يهوذا 4).
هؤلاء الفجّار دخلوا خلسة وسط المؤمنين دون أن ينتبه أحد لحالتهم الحقيقية، ربما  كانوا ملتحفين بالتقوى، وربما دخلوا زاحفين كالحيّات دون أن يدري بهم أحد، وربما كان المؤمنون يغطون في نوم عميق، وقد أوضح الرب ذلك في مثل الرجل الذي زرع زرعًا جيدًا، قال:
«إِنْسَانًا زَرَعَ زَرْعًا جَيِّدًا فِي حَقْلِهِ. وَفِيمَا النَّاسُ نِيَامٌ جَاءَ عَدُوُّهُ وَزَرَعَ زَوَانًا فِي وَسْطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى» (متى 13: 24، 25).
 لقد حولت هذه الفئة نعمة إلهنا إلى الدعارة، يقول الكتاب:
«.. يُحَوِّلُونَ نِعْمَةَ إِلهِنَا إِلَى الدَّعَارَةِ..» (يهوذا 4).
ألم نسمع في أيامنا هذه عن كنائس تبيح زواج المثليين (زواج الرجل برجل مثله والمرأة بامرأة مثلها)، وأن المثليين تجرى لهم مراسم الزواج داخل هذه الكنائس! هل هناك دعارة أسوأ من ذلك.
ألم يقرر المحفل العام للكنائس المشيخية الأمريكية بإباحة زواج المثليين، أي الشواذ جنسيًا، بدعوى احترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ورسامة هؤلاء المثليين قساوسة على منابر الكنيسة في أمريكا؟ 
 «اِبْهَتِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ مِنْ هذَا، وَاقْشَعِرِّي وَتَحَيَّرِي جِدًّا، يَقُولُ الرَّبُّ»
(إرميا ٢: ‏١٢).
عار على قادة دينيين يدّعون تبعية الإنجيل في اتخاذ مثل هذا القرار الفاجر، والذي يبيح الفجور بترخيص من كنيستهم المشيخية. يا للعار والحسرة.
ثم، لم يتوقف هذا القرار الفاجر عند إباحة زواج المثليين، بل أعطى ترخيصًا برسامة هؤلاء المثليين قساوسة بحجة احترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.  
ألم يقرأ أصحاب هذا المحفل المشئوم قول الكتاب:
«يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ» (أعمال 5: 29).
ألم يقرأ أصحاب هذا المحفل المشئوم وصية الرب:
«لاَ تَكُنْ زَانِيَةٌ مِنْ بَنَاتِ إِسْرَائِيلَ، وَلاَ يَكُنْ مَأْبُونٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ»
(تثنية 23: 17).
حيث كلمة «مأبون» تعني الشاذ جنسيًا، وقد وردت في كثير من ترجمات الكتاب المقدس بالإنجليزية Sodomite نسبة إلى أهل سدوم الذين قال عنهم الكتاب: «وَكَانَ أَهْلُ سَدُومَ أَشْرَارًا وَخُطَاةً لَدَى الرَّبِّ جِدًّا» (تكوين 13: 13). وكان شرّ أهل سدوم هو الشذوذ الجنسي ونستدل على ذلك من تكوين 19: 5. لذلك كان عقابهم أن الرب أمطر عليهم كبريتًا ونارًا من السماء (تكوين 19: 24).
إن المحفل العام للكنائس المشيخية الأمريكية يدوس على وصية الله احترامًا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان؟ يا للعار.  
إن الكتاب سبق وحذرنا من البداية من أمثال هؤلاء الفجّار الذين يحوّلون نعمة إلهنا إلى الدعارة.




أسئلة عن الفصل الخامس عشر


1- متى بدأت الانشقاقات داخل المسيحية؟
2-  ما هي خطة إبليس في القضاء على المسيحيين؟
3- ما هي خطة إبليس في تدمير المسيحية من الداخل؟
4- هل نجح إبليس في مسعاه؟
5- ممن حذّر الرب تلاميذه؟ وهل هذا التحذير يختص بنا أيضًا؟
6- ما هو المبدأ الأساسي الذي يحكم ضمائر المؤمنين؟
7- ممَنْ يحذرنا الرسول بطرس؟
8- ما هي الفئات التي دسها إبليس وسط المؤمنين، وما هي مهمة كل فئة من هذه الفئات؟
9- ما هو الشكل الذي يظهر به الرسل الكذبة؟
10- هل الشيطان يمكنه أن يظهر في شبه ملاك نور؟
11- ما هو الشكل الذي يظهر به خدامه؟
12- هل هناك ارتباط بين الشيطان الذي يظهر في شبه ملاك نور وبين الظهورات النورانية على قباب ومنارات بعض الكنائس التقليدية؟
13- هل هذه الظهورات تعود بالمجد للرب وحده أم لأشخاص آخرين غير الرب؟
14- ما رأيك في عدد الترنيمة الأرثوذكسية التي تقول:
مجد مريم يتعظم ... في المشارق والغروب
عظمـــوها مجدوها... ملّكــوها في القلـوب؟
15- هل عدد الترنيمة يتوافق مع قول الرب: «أَنَا الرَّبُّ هذَا اسْمِي، وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لآخَرَ..» (إشعياء 42: 8)؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق