الفصل الثالث
هل أسس رسل المسيح النظام البابوي؟
رأينا في الفصل السابق أن الرب لم يقم بتأسيس النظام البابوي، ولم يُلّمّح، لا من قريب ولا من بعيد، في أقواله أو تعاليمه أو أعماله إلى مثل هذا النظام، بل على العكس حذّر تلاميذه من التمثل بأنظمة العالم (متى 20: 25 - 28). لكن الكنائس التقليدية تدعي - دون سند كتابي أو تاريخي - بأن رسل المسيح هم مَنْ أسسوا النظام البابوي، فتنسب تأسيس النظام البابوي في روما إلى الرسول بطرس، وسنكتشف بهتان هذا الادعاء بشهادة من علماء الكاثوليك أنفسهم، وتنسب تأسيس النظام البابوي في مصر إلى مرقس الإنجيلي رغم إنه لم يكن من رسل المسيح الوارد ذكرهم في متى 10 الذين أخذوا وصية مباشرة من الرب وتكليف واضح بالكرازة في العالم أجمع «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا» (مرقس 16: 15)، وسيأتي تفصيل ذلك فيما بعد.
ولكن إذا تتبعنا أعمال وتعاليم هؤلاء الرسل في الأناجيل وسفر أعمال الرسل، والرسائل لا نجد أدنى إشارة أن أحدًا منهم ادعى البابوية وتسيّد على المؤمنين، أو أنهم اسسوا النظام البابوي، أو علّموا برئاسة إنسان على باقي المؤمنين، بل على العكس كانت أعمالهم وتعاليمهم تحض على التواضع وإنكار الذات، وخدمة المؤمنين وليس السيادة والتسلط عليهم.
أما عن أعمالهم فنجد في معجزة شفاء الأعرج من بطن أمه، قال الرسول بطرس لليهود الذين ألتفوا من حوله مندهشين:
«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ تَتَعَجَّبُونَ مِنْ هذَا؟ وَلِمَاذَا تَشْخَصُونَ إِلَيْنَا، كَأَنَّنَا بِقُوَّتِنَا أَوْ تَقْوَانَا قَدْ جَعَلْنَا هذَا يَمْشِي؟» (أعمال 3: 12).
ثم أخبرهم بسرّ شفاء المقعد:
«فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ،
أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ،
الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِذَاكَ وَقَفَ هذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحًا» (أعمال 4: 10).
لم يستغل الرسول بطرس هذه المعجزة والتفاف الناس من حوله أن يصنع من نفسه سيدًا على الآخرين، وأن يدعوه الآخرون بسيدنا، أو بصاحب القداسة والغبطة، بل وجّه نظر المُلتفين من حوله إلى صاحب المعجزة الحقيقي لكي بالحري يلتفوا من حوله.
وفي موضع آخر، نراه يعلن بأنه رفيق الشيوخ الذين بين المؤمنين - الذين يوجّه إليهم رسالته - وليس سيدًا عليهم: «أَطْلُبُ إِلَى الشُّيُوخِ الَّذِينَ بَيْنَكُمْ، أَنَا الشَّيْخَ رَفِيقَهُمْ» (1بطرس 5: 1).
لو كان لدى الرسول بطرس مبدأ السيادة والرئاسة لقال: «أنا الشيخ رئيسهم» أو «أنا الشيخ سيدهم» بدلاً من «أَنَا الشَّيْخَ رَفِيقَهُمْ».
إن رسول بهذه الصفات والسمات من غير المقبول ولا المعقول أن يؤسس نظامًأ بابويًا رئاسيًا سياديًا سلطويًا.. فضلاً أنه لم يشر إلى ذلك لا بالتلميح أو بالتصريح أنه بابا، أو أنه أسس نظامًا بابويًا في أي مكان كرز فيه.
وفي أعمال 14: 8 - 18 نرى تواضع الرسول بولس عندما استخدمه الرب في شفاء المقعد من بطن أمه وكان معه برنابا، وأراد كاهن زفس أن يقدم لهما ذبائح بصفتهما آلهة، يقول الكتاب:
«فَلَمَّا سَمِعَ الرَّسُولاَنِ، بَرْنَابَا وَبُولُسُ، مَزَّقَا ثِيَابَهُمَا، وَانْدَفَعَا إِلَى الْجَمْعِ صَارِخَيْنِ وَقَائِلِينَ: أَيُّهَا الرِّجَالُ، لِمَاذَا تَفْعَلُونَ هذَا؟ نَحْنُ أَيْضًا بَشَرٌ تَحْتَ آلاَمٍ مِثْلُكُمْ.. ».
لاحظ ماذا قال الرسولان للجموع: «نَحْنُ أَيْضًا بَشَرٌ تَحْتَ آلاَمٍ مِثْلُكُمْ»، ولم يستغلا الفرصة في أن يقيما من أنفسهما ليس فقط أسيادًا بل أنصاف آلهة، ويقبلا الذبائح المقدّمة لهما ويدّعيا أنهما أصحاب القداسة، وأنه لولا قداستهما ما تمت المعجزة.. إلخ.
لم يفعل الرسولان ذلك، بل رفضا التمجيد المُقدّم لهما، ومَزَّقَا ثِيَابَهُمَا، وقالا للجموع: «نَحْنُ أَيْضًا بَشَرٌ تَحْتَ آلاَمٍ مِثْلُكُمْ»، تلك الحقيقة التي سجلها الوحي أيضًا عن إيليا النبي والذي كان يردد قولته المشهورة «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي وَقَفْتُ أَمَامَهُ،..» (1ملوك 17: 1)، والذي صعد إلى السماء دون أن يذُق الموت، مكتوب عنه: «كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا» (يعقوب 5: 17).
هذه هي أخلاقيات رسل المسيح.
أما ما يحدث في الكنائس التقليدية إنما هو على العكس من ذلك تمامًا، فنجد أن البابا يقبل أن يُقدّم له البخور من المطارنة والأساقفة والكهنة، وكذلك المطران أو الأسقف يقبل أن يُقدم له البخور من الكهنة، وكأن البابوات والمطارنة والأساقفة آلهة يُقدم لها البخور.. بل وصل الضلال أن هؤلاء جميعًا يُقدمون البخور أمام الصور والأيقونات وأجساد القديسين في مشهد هزلي يراه الملايين على الفضائيات، وهو أقرب إلى الوثنية منه إلى المسيحية الحقيقية.
أما عن تعاليم الرسل وكتاباتهم، فهي تعلن بكل وضوح وجلاء أنهم لم يكونوا أسيادًا على المؤمنين، ولم يدّعو أنهم بابوات.. ولم يلقّبوا بأصحاب القداسة والغبطة، ولم يقبلوا أن يسجد لهم المؤمنون ويقبّلوا أياديهم، بل كانوا خدامًا للمسيح، ووكلاء سرائر الله:
يكتب الرسول بولس لأهل كورنثوس قائلاً:
«هكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا الإِنْسَانُ كَخُدَّامِ الْمَسِيحِ، وَوُكَلاَءِ سَرَائِرِ اللهِ»
(1كورنثوس ٤: ١).
لقد أدرك الرسل أنهم خدام المسيح، والخدام لا يسودوا ولا يتسلطوا، وكذلك ليسوا أربابًا وأسيادًا حتى يقبلوا أن يُقدم لهم البخور وأن يسجد لهم تابعيهم.
والخدام أيًّا كانت خدمتهم في الكنيسة وأيّا كانت مواهبهم، لهم دينونة عظيمة إذا تكبروا واختلسوا مكان ومكانة السيد الوحيد ربنا يسوع المسيح وسط شعبه، والويل كل الويل - في يوم الدينونة العظيم - لمن يعظّمون هؤلاء الخدام (إن كانوا حقًا خدامًا للمسيح)، ويخلعون عليهم من الألقاب والصفات، ما يختص به الرب وحده.
كذلك الخدام هم وكلاء أُستئمنوا على وكالة (1كورنثوس 9: 17)، وليسوا مُلّاكًا، والوكيل لا يتصرف فيما أؤتمن عليه، وعليه طاعة أوامر صاحب الشأن، ولا يتصرف حسب استحسانه الشخصي، لأنه يومًا سوف يُقدِّم حسابًا عن وكالته، مكتوب: «أَعْطِ حِسَابَ وَكَالَتِكَ» (لوقا 16: 2).
فالكنيسة هي كنيسة الله وليست كنيسة المدعو بصاحب القداسة، أو المدعو برئيس الكنيسة أو الطائفة حتى يتصرف كما يحلو له، أو كما يُخيّل إليه أنه حسن، ومن ثمّ يضيف أصوامًا وطقوسًا وأنظمة.. إلخ. لم يأمر بها الرب، وليست كنيسة أحد المدعوين قديسين، كما يحلوا للتقليديين بإطلاق أسماء المدعوين قديسين على كنائسهم كشفعاء لها، ورأينا أن الشفعاء لم يهبوا لنجدة كنائسهم التي حُرقت ودُمِّرت، لأنها تعاليم من خيال ذهن الإنسان الفاسد، والتي تهدف إلى إبعاد المسيح عن المشهد.
أيضًا يكتب لهم:
«فَمَنْ هُوَ بُولُسُ؟ وَمَنْ هُوَ أَبُلُّوسُ؟ بَلْ خَادِمَانِ آمَنْتُمْ بِوَاسِطَتِهِمَا» (1كورنثوس 3: 5).
لاحظ أدب واتضاع الرسول بولس لا يقول فمن هو أبلوس في بداية حديثه، لكنه يشير أولاً إلى نفسه «فمن هو بولس؟»، ثم لاحظ تواضع الرسول إذ يضع أبلوس ندًا له في الخدمة «خادمان آمنتم بواسطتهما»، أي لم يكونا رؤساء كنيستين أو طائفتين متنافسين.. متناحرتين تسعى كل منهما لخطف رعية الأخرى، لم يكونا من البابوات الأحبار، أو البطاركة أصحاب القداسة والغبطة، بل كانا خادمين للمسيح.
ولو أن الرسل كانوا بابوات، لكتب الرسول بولس لأهل كورنثوس: «من صاحب القداسة والغبطة البابا المعظم الأنبا بولس الأول.. العظيم في البطاركة، وثالث عشر الرسل.. بابا وبطريرك الكرازة البولسية في آسيا وأوربا وسائر بلاد الإمبراطورية الرومانية ».
أليست هذه هي الصفات التي خلعها المنافقون على مَنْ يُفترض أنهم خدام المسيح؟
لقد حسب الرسول بولس أنه من التشريف له، والذي لا يدانيه تشريف آخر، ومبعث افتخاره أن يكون خادمًا ليسوع المسيح، وليس ذلك فقط بل «عبدًا ليسوع المسيح» (انظر رومية 1: 1؛ غلاطية 1: 10؛ فيلبي 1: 1؛ تيطس 1: 1).
كما أن الروح القدس يخاطب المُنافقين المُزورين الذين يخلعون على خدام المسيح (أو من المفترض أنهم خدام المسيح) من الألقاب والصفات والميزات ما لا طاقة لمؤمن حقيقي أن يحملها أو يتحملها، فيقول:
«فَمَنْ هُوَ بُولُسُ؟ وَمَنْ هُوَ أَبُلُّوسُ؟ بَلْ خَادِمَانِ آمَنْتُمْ بِوَاسِطَتِهِمَا».
إذن من الناحية الكتابية لم يؤسس رسل المسيح النظام البابوي، وهذا مؤكد من سلوكهم، ورسائلهم وتعاليمهم المدونة في أسفار العهد الجديد بوحي من الروح القدس.
فإذا فحصنا أسفار العهد الجديد لا نجد أدنى إشارة أو تلميح من قريب أو بعيد أو تصريح إلى قيام الرسل بتمجيد وتعظيم أنفسهم، فكيف يقومون بتأسيس نظام رئاسي سيادي سلطوي بابوي؟ لقد كانوا خدامًا ووكلاء وعبيدًا ليسوع المسيح، وكان هذا شرفًا لا يدانيه شرف آخر.
كما أن أسفار العهد الجديد لم تسجل لنا أن أحدًا خاطب الرسول بطرس أو أحد الرسل بصاحب القداسة والغبطة البابا المعظم..
ولأن النظام البابوي نظام رئاسي.. رئاسة الكنيسة.. رئاسة الكهنوت..إلخ. بل وصل إلى رئاسة دويلة (عاهل دولة الفاتيكان) داخل دولة إيطاليا، لذلك سبق الرب وحذر تلاميذه من التمثل بنظام العالم من رئاسة وسيادة وتسلط.
وعندما خطرت فكرة السيادة والتسلط على بال أم ابني زبدي إذ تقدمت إلى الرب مَعَ ابْنَيْهَا وقَالَتْ لَهُ:«قُلْ أَنْ يَجْلِسَ ابْنَايَ هذَانِ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَالآخَرُ عَنِ الْيَسَارِ فِي مَلَكُوتِكَ» (متى 20: 20، 21).
فما أن سمع الرب مثل هذا الكلام، إلا والتفت إلى تلاميذه ليحذرهم من أساليب العالم من سيادة ورئاسة وتسلط على الرعية، إذا قال لهم:
«أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْعُظَمَاءَ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ.
فَلاَ يَكُونُ هكَذَا فِيكُمْ. بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ عَظِيمًا فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِمًا،
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ أَوَّلاً فَلْيَكُنْ لَكُمْ عَبْدًا،
كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ»
(متى 20: 25-28).
إن كان الرب في تجسده قد جاء ليجلس على كرسي ويترأس ويحكم ويملك، ويقاضي ويدين، وهذا من حقه كالكلمة الأزلي الذي له الرياسة والأولوية، والتقدم في كل شيء، وهو المعبود والمسجود له من ربوات الملائكة، إلا أنه لم يفعل ذلك، بل أعلن لتلاميذه عن مبدأ أساسي لكل مَنْ يريد الخدمة، وهو المثال والنموذج الذي يجب أن يُحتذى به، إذ قال لهم:
«.. ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ».
وفي لوقا 22: 27 قال لتلاميذه:
«لأَنْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ: أَلَّذِي يَتَّكِئُ أَمِ الَّذِي يَخْدُمُ؟ أَلَيْسَ الَّذِي يَتَّكِئُ؟
وَلكِنِّي أَنَا بَيْنَكُمْ كَالَّذِي يَخْدُمُ».
لذلك قال عنه الرسول بولس لأهل فيلبي الذين بدأ يدخل بينهم التحزب والعُجب، والانشقاق:
«فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ،
لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ،
صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ،
وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ» (فيلبي 2: 5-8).
بل إن الرب حذرهم من التمثل بالكتبة والفريسيين - الذين قال عنهم:
«يُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي!» (متى 23: 6، 7).
قائلاً:
«وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ»
(متى 23: 8).
كيف يقبل خادم حقيقي للرب، أن يدعوه الناس سيدنا .. سيدنا، والرب قد نهى عن ذلك؟
هل المدعو سيدنا هذا، يجهل وصايا المسيح؟ فإذا كان يجهل وصايا المسيح، فهذا عار، أما إذا كان يعلم الوصايا ويقبل على نفسه أن يدعوه الناس سيدنا.. سيدنا.. فالعار والخزي أكثر وأكثر بما لا يقاس؛ لأنه سلب واغتصب لقبًا من ألقاب المسيح له المجد، الذي قال لتلاميذه:
« أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّمًا وَسَيِّدًا، وَحَسَنًا تَقُولُونَ، لأَنِّي أَنَا كَذلِكَ» (يوحنا 13: 13).
بل قال عنه يهوذا في رسالته أنه:
«السَّيِّدَ الْوَحِيدَ: اللهَ وَرَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ» (يهوذا 4).
فإذا كان الكتاب يعلن أن الرب هو السيد الوحيد، فهل يقبل المسيحيون سيدًا آخر غيره؟
أليس مبدأ الرئاسة يتعارض مع مبادئ الرب نفسه، الذي «صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَل، وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التَّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِرًا بِهَا» (يوحنا 13: 5)؟
انظر بماذا يشهد الروح القدس عنه قبل أن يغسل أرجل تلاميذه:
«يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ الآبَ قَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَى يَدَيْهِ،
وَأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَرَجَ، وَإِلَى اللهِ يَمْضِي» (يوحنا 13: 3).
فرغم علم الرب بأن الآب قد دفع كل شيء إلى يديه، ورغم علمه أنه من عند الله خرج وإلى الله يمضى، ماذا يقول الكتاب:
«قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ، وَخَلَعَ ثِيَابَهُ، وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا، ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَل، وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التَّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِرًا بِهَا» (يوحنا 13 : 4، 5).
انظر ماذا قال الرب لتلاميذه بعد أن غسل أرجلهم:
«فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ، فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ، لأَنِّي أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالاً، حَتَّى كَمَا صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ»
(يوحنا 13: 14- 16).
فهل بعد كل ما عمله المسيح وعلَّم به، يمكن أن يخطر ببال رسله أن يؤسسوا نظامًا بابويًا رئاسيًا سياديًا تسلطيًا؟
إن الذين ينسبون النظام البابوي إلى رسل المسيح، ويدّعون زورًا وبهتانًا، أن رسل المسيح هم من أسسوا النظام البابوي، عليهم أن يأتوا بالدليل الكتابي.
لقد هرب أحدهم عندما حوصر بالمطالبة بالإتيان بنص كتابي يثبت صحة عقيدته المنحرفة عن حق الإنجيل بالقول: «لا تقل لي أريد نصًا كتابيًا لأنه يوجد إنجيل آخر».
وآخر قال: «إن للكنيسة جناحين، أحدهما الكتاب المقدس، والآخر التقليد».
فهل يوجد أشرّ من الادعاء بأنه يوجد إنجيل آخر، أو أن يكون التقليد الذي هو تعاليم من نتاج عقل الإنسان الفاسد، ندًّا للكتاب المقدس، ويكون دستورًا لكنيسة المسيح؟
ألم يقل الرب عن التقليد أنه «تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ» (مرقس 7: 7).
ألم يوبخ الرب الفريسيين على تمسكهم بالتقليد وتركهم لوصية الله، قائلاً لهم:
«لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ» (مرقس 7: 8).
أيضًا، وبخهم الرب لأنهم لم يتركوا وصية الله فقط بل رفضوها في سبيل تمسكهم بالتقليد:
«حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ» (مرقس 7: 9).
وكذلك وبخهم لأنهم لم يتركوا وصية الله، ولم يرفضوها فقط، بل أيضًا أبطلوها:
«مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ» (مرقس 7: 13).
هل في سبيل الدفاع عن تقاليد باطلة يُهان الكتاب المقدس، وتداس تعاليمه. يا للحسرة.
يرد الرسول بولس على مَنْ يدّعون بوجود إنجيل آخر، قائلاً:
«إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هكَذَا سَرِيعًا عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيل آخَرَ!
لَيْسَ هُوَ آخَرَ (أي ليس إنجيلاً بالمرّة بل هو شيء مختلف تمامًا عن الإنجيل)، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ.
وَلكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا
كَمَا سَبَقْنَا فَقُلْنَا أَقُولُ الآنَ أَيْضًا: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُبَشِّرُكُمْ بِغَيْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا»
(غلاطية 1: 6-9).
إن الكتاب المقدس يحذّر الذين يزعجون المؤمنين بالإنجيل الآخر أي التقليد:
«وَلكِنَّ الَّذِي يُزْعِجُكُمْ سَيَحْمِلُ الدَّيْنُونَةَ أَيَّ مَنْ كَانَ» (غلاطية 5: 10).
فالتقيلد يحوي تعاليم تهين كمال وكفاية ذبيحة المسيح على الصليب لغفران الخطايا، ويستبدلها بذبيحة القداس كما يدعون، ولهؤلاء يقول الكتاب:
«فَكَمْ عِقَابًا أَشَرَّ تَظُنُّونَ أَنَّهُ يُحْسَبُ مُسْتَحِقًّا مَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ،
وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِسًا، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ» (عبرانيين 10: 29).
كما يحوي تعاليم تزعج المؤمنين من جهة ضمان مستقبلهم الأبدي، ويدوس على قول الرب:
«خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي.
وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي»
(يوحنا 10: 27، 28).
هناك تعاليم كثيرة في التقليد تهين شخص الرب يسوع المسيح، وتهين الكتاب المقدس، سوف نفرد لها أبحاثًا مستقلة بمشيئة الرب.
أسئلة عن الفصل الثالث
1- هل أسس رسل المسيح النظام البابوي؟ ما هو دليلك الكتابي، إن كانت إجابتك بالإيجاب أو بالنفي؟
2- هل تعاليم المسيح لرسله كانت تنُم عن بث روح التسلط والسيادة في نفوسهم، أم روح التواضع؟
3- ماذا تفهم من غسل المسيح لأرجل تلاميذه؟ وما هو التعليم وراء ذلك؟
4- ما هو رد فعل الرسل عند التفاف الناس من حولهم بعد أن أجرى الرب معجزات على يدهم؟
أ- هل نسبوا المعجزات لقداستهم الشخصية؟
ب- هل قبلوا التفاف الناس من حولهم وانتفخوا وتكبروا وتعظموا بذلك؟
جـ- أم أنهم أشاروا إلى المسيح صاحب الفضل في إجراء المعجزات؟
هل أسس رسل المسيح النظام البابوي؟
رأينا في الفصل السابق أن الرب لم يقم بتأسيس النظام البابوي، ولم يُلّمّح، لا من قريب ولا من بعيد، في أقواله أو تعاليمه أو أعماله إلى مثل هذا النظام، بل على العكس حذّر تلاميذه من التمثل بأنظمة العالم (متى 20: 25 - 28). لكن الكنائس التقليدية تدعي - دون سند كتابي أو تاريخي - بأن رسل المسيح هم مَنْ أسسوا النظام البابوي، فتنسب تأسيس النظام البابوي في روما إلى الرسول بطرس، وسنكتشف بهتان هذا الادعاء بشهادة من علماء الكاثوليك أنفسهم، وتنسب تأسيس النظام البابوي في مصر إلى مرقس الإنجيلي رغم إنه لم يكن من رسل المسيح الوارد ذكرهم في متى 10 الذين أخذوا وصية مباشرة من الرب وتكليف واضح بالكرازة في العالم أجمع «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا» (مرقس 16: 15)، وسيأتي تفصيل ذلك فيما بعد.
ولكن إذا تتبعنا أعمال وتعاليم هؤلاء الرسل في الأناجيل وسفر أعمال الرسل، والرسائل لا نجد أدنى إشارة أن أحدًا منهم ادعى البابوية وتسيّد على المؤمنين، أو أنهم اسسوا النظام البابوي، أو علّموا برئاسة إنسان على باقي المؤمنين، بل على العكس كانت أعمالهم وتعاليمهم تحض على التواضع وإنكار الذات، وخدمة المؤمنين وليس السيادة والتسلط عليهم.
أما عن أعمالهم فنجد في معجزة شفاء الأعرج من بطن أمه، قال الرسول بطرس لليهود الذين ألتفوا من حوله مندهشين:
«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ تَتَعَجَّبُونَ مِنْ هذَا؟ وَلِمَاذَا تَشْخَصُونَ إِلَيْنَا، كَأَنَّنَا بِقُوَّتِنَا أَوْ تَقْوَانَا قَدْ جَعَلْنَا هذَا يَمْشِي؟» (أعمال 3: 12).
ثم أخبرهم بسرّ شفاء المقعد:
«فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِكُمْ وَجَمِيعِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ،
أَنَّهُ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمُ،
الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِذَاكَ وَقَفَ هذَا أَمَامَكُمْ صَحِيحًا» (أعمال 4: 10).
لم يستغل الرسول بطرس هذه المعجزة والتفاف الناس من حوله أن يصنع من نفسه سيدًا على الآخرين، وأن يدعوه الآخرون بسيدنا، أو بصاحب القداسة والغبطة، بل وجّه نظر المُلتفين من حوله إلى صاحب المعجزة الحقيقي لكي بالحري يلتفوا من حوله.
وفي موضع آخر، نراه يعلن بأنه رفيق الشيوخ الذين بين المؤمنين - الذين يوجّه إليهم رسالته - وليس سيدًا عليهم: «أَطْلُبُ إِلَى الشُّيُوخِ الَّذِينَ بَيْنَكُمْ، أَنَا الشَّيْخَ رَفِيقَهُمْ» (1بطرس 5: 1).
لو كان لدى الرسول بطرس مبدأ السيادة والرئاسة لقال: «أنا الشيخ رئيسهم» أو «أنا الشيخ سيدهم» بدلاً من «أَنَا الشَّيْخَ رَفِيقَهُمْ».
إن رسول بهذه الصفات والسمات من غير المقبول ولا المعقول أن يؤسس نظامًأ بابويًا رئاسيًا سياديًا سلطويًا.. فضلاً أنه لم يشر إلى ذلك لا بالتلميح أو بالتصريح أنه بابا، أو أنه أسس نظامًا بابويًا في أي مكان كرز فيه.
وفي أعمال 14: 8 - 18 نرى تواضع الرسول بولس عندما استخدمه الرب في شفاء المقعد من بطن أمه وكان معه برنابا، وأراد كاهن زفس أن يقدم لهما ذبائح بصفتهما آلهة، يقول الكتاب:
«فَلَمَّا سَمِعَ الرَّسُولاَنِ، بَرْنَابَا وَبُولُسُ، مَزَّقَا ثِيَابَهُمَا، وَانْدَفَعَا إِلَى الْجَمْعِ صَارِخَيْنِ وَقَائِلِينَ: أَيُّهَا الرِّجَالُ، لِمَاذَا تَفْعَلُونَ هذَا؟ نَحْنُ أَيْضًا بَشَرٌ تَحْتَ آلاَمٍ مِثْلُكُمْ.. ».
لاحظ ماذا قال الرسولان للجموع: «نَحْنُ أَيْضًا بَشَرٌ تَحْتَ آلاَمٍ مِثْلُكُمْ»، ولم يستغلا الفرصة في أن يقيما من أنفسهما ليس فقط أسيادًا بل أنصاف آلهة، ويقبلا الذبائح المقدّمة لهما ويدّعيا أنهما أصحاب القداسة، وأنه لولا قداستهما ما تمت المعجزة.. إلخ.
لم يفعل الرسولان ذلك، بل رفضا التمجيد المُقدّم لهما، ومَزَّقَا ثِيَابَهُمَا، وقالا للجموع: «نَحْنُ أَيْضًا بَشَرٌ تَحْتَ آلاَمٍ مِثْلُكُمْ»، تلك الحقيقة التي سجلها الوحي أيضًا عن إيليا النبي والذي كان يردد قولته المشهورة «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي وَقَفْتُ أَمَامَهُ،..» (1ملوك 17: 1)، والذي صعد إلى السماء دون أن يذُق الموت، مكتوب عنه: «كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا» (يعقوب 5: 17).
هذه هي أخلاقيات رسل المسيح.
أما ما يحدث في الكنائس التقليدية إنما هو على العكس من ذلك تمامًا، فنجد أن البابا يقبل أن يُقدّم له البخور من المطارنة والأساقفة والكهنة، وكذلك المطران أو الأسقف يقبل أن يُقدم له البخور من الكهنة، وكأن البابوات والمطارنة والأساقفة آلهة يُقدم لها البخور.. بل وصل الضلال أن هؤلاء جميعًا يُقدمون البخور أمام الصور والأيقونات وأجساد القديسين في مشهد هزلي يراه الملايين على الفضائيات، وهو أقرب إلى الوثنية منه إلى المسيحية الحقيقية.
أما عن تعاليم الرسل وكتاباتهم، فهي تعلن بكل وضوح وجلاء أنهم لم يكونوا أسيادًا على المؤمنين، ولم يدّعو أنهم بابوات.. ولم يلقّبوا بأصحاب القداسة والغبطة، ولم يقبلوا أن يسجد لهم المؤمنون ويقبّلوا أياديهم، بل كانوا خدامًا للمسيح، ووكلاء سرائر الله:
يكتب الرسول بولس لأهل كورنثوس قائلاً:
«هكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا الإِنْسَانُ كَخُدَّامِ الْمَسِيحِ، وَوُكَلاَءِ سَرَائِرِ اللهِ»
(1كورنثوس ٤: ١).
لقد أدرك الرسل أنهم خدام المسيح، والخدام لا يسودوا ولا يتسلطوا، وكذلك ليسوا أربابًا وأسيادًا حتى يقبلوا أن يُقدم لهم البخور وأن يسجد لهم تابعيهم.
والخدام أيًّا كانت خدمتهم في الكنيسة وأيّا كانت مواهبهم، لهم دينونة عظيمة إذا تكبروا واختلسوا مكان ومكانة السيد الوحيد ربنا يسوع المسيح وسط شعبه، والويل كل الويل - في يوم الدينونة العظيم - لمن يعظّمون هؤلاء الخدام (إن كانوا حقًا خدامًا للمسيح)، ويخلعون عليهم من الألقاب والصفات، ما يختص به الرب وحده.
كذلك الخدام هم وكلاء أُستئمنوا على وكالة (1كورنثوس 9: 17)، وليسوا مُلّاكًا، والوكيل لا يتصرف فيما أؤتمن عليه، وعليه طاعة أوامر صاحب الشأن، ولا يتصرف حسب استحسانه الشخصي، لأنه يومًا سوف يُقدِّم حسابًا عن وكالته، مكتوب: «أَعْطِ حِسَابَ وَكَالَتِكَ» (لوقا 16: 2).
فالكنيسة هي كنيسة الله وليست كنيسة المدعو بصاحب القداسة، أو المدعو برئيس الكنيسة أو الطائفة حتى يتصرف كما يحلو له، أو كما يُخيّل إليه أنه حسن، ومن ثمّ يضيف أصوامًا وطقوسًا وأنظمة.. إلخ. لم يأمر بها الرب، وليست كنيسة أحد المدعوين قديسين، كما يحلوا للتقليديين بإطلاق أسماء المدعوين قديسين على كنائسهم كشفعاء لها، ورأينا أن الشفعاء لم يهبوا لنجدة كنائسهم التي حُرقت ودُمِّرت، لأنها تعاليم من خيال ذهن الإنسان الفاسد، والتي تهدف إلى إبعاد المسيح عن المشهد.
أيضًا يكتب لهم:
«فَمَنْ هُوَ بُولُسُ؟ وَمَنْ هُوَ أَبُلُّوسُ؟ بَلْ خَادِمَانِ آمَنْتُمْ بِوَاسِطَتِهِمَا» (1كورنثوس 3: 5).
لاحظ أدب واتضاع الرسول بولس لا يقول فمن هو أبلوس في بداية حديثه، لكنه يشير أولاً إلى نفسه «فمن هو بولس؟»، ثم لاحظ تواضع الرسول إذ يضع أبلوس ندًا له في الخدمة «خادمان آمنتم بواسطتهما»، أي لم يكونا رؤساء كنيستين أو طائفتين متنافسين.. متناحرتين تسعى كل منهما لخطف رعية الأخرى، لم يكونا من البابوات الأحبار، أو البطاركة أصحاب القداسة والغبطة، بل كانا خادمين للمسيح.
ولو أن الرسل كانوا بابوات، لكتب الرسول بولس لأهل كورنثوس: «من صاحب القداسة والغبطة البابا المعظم الأنبا بولس الأول.. العظيم في البطاركة، وثالث عشر الرسل.. بابا وبطريرك الكرازة البولسية في آسيا وأوربا وسائر بلاد الإمبراطورية الرومانية ».
أليست هذه هي الصفات التي خلعها المنافقون على مَنْ يُفترض أنهم خدام المسيح؟
لقد حسب الرسول بولس أنه من التشريف له، والذي لا يدانيه تشريف آخر، ومبعث افتخاره أن يكون خادمًا ليسوع المسيح، وليس ذلك فقط بل «عبدًا ليسوع المسيح» (انظر رومية 1: 1؛ غلاطية 1: 10؛ فيلبي 1: 1؛ تيطس 1: 1).
كما أن الروح القدس يخاطب المُنافقين المُزورين الذين يخلعون على خدام المسيح (أو من المفترض أنهم خدام المسيح) من الألقاب والصفات والميزات ما لا طاقة لمؤمن حقيقي أن يحملها أو يتحملها، فيقول:
«فَمَنْ هُوَ بُولُسُ؟ وَمَنْ هُوَ أَبُلُّوسُ؟ بَلْ خَادِمَانِ آمَنْتُمْ بِوَاسِطَتِهِمَا».
إذن من الناحية الكتابية لم يؤسس رسل المسيح النظام البابوي، وهذا مؤكد من سلوكهم، ورسائلهم وتعاليمهم المدونة في أسفار العهد الجديد بوحي من الروح القدس.
فإذا فحصنا أسفار العهد الجديد لا نجد أدنى إشارة أو تلميح من قريب أو بعيد أو تصريح إلى قيام الرسل بتمجيد وتعظيم أنفسهم، فكيف يقومون بتأسيس نظام رئاسي سيادي سلطوي بابوي؟ لقد كانوا خدامًا ووكلاء وعبيدًا ليسوع المسيح، وكان هذا شرفًا لا يدانيه شرف آخر.
كما أن أسفار العهد الجديد لم تسجل لنا أن أحدًا خاطب الرسول بطرس أو أحد الرسل بصاحب القداسة والغبطة البابا المعظم..
ولأن النظام البابوي نظام رئاسي.. رئاسة الكنيسة.. رئاسة الكهنوت..إلخ. بل وصل إلى رئاسة دويلة (عاهل دولة الفاتيكان) داخل دولة إيطاليا، لذلك سبق الرب وحذر تلاميذه من التمثل بنظام العالم من رئاسة وسيادة وتسلط.
وعندما خطرت فكرة السيادة والتسلط على بال أم ابني زبدي إذ تقدمت إلى الرب مَعَ ابْنَيْهَا وقَالَتْ لَهُ:«قُلْ أَنْ يَجْلِسَ ابْنَايَ هذَانِ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَالآخَرُ عَنِ الْيَسَارِ فِي مَلَكُوتِكَ» (متى 20: 20، 21).
فما أن سمع الرب مثل هذا الكلام، إلا والتفت إلى تلاميذه ليحذرهم من أساليب العالم من سيادة ورئاسة وتسلط على الرعية، إذا قال لهم:
«أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ، وَالْعُظَمَاءَ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ.
فَلاَ يَكُونُ هكَذَا فِيكُمْ. بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ عَظِيمًا فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِمًا،
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ أَوَّلاً فَلْيَكُنْ لَكُمْ عَبْدًا،
كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ»
(متى 20: 25-28).
إن كان الرب في تجسده قد جاء ليجلس على كرسي ويترأس ويحكم ويملك، ويقاضي ويدين، وهذا من حقه كالكلمة الأزلي الذي له الرياسة والأولوية، والتقدم في كل شيء، وهو المعبود والمسجود له من ربوات الملائكة، إلا أنه لم يفعل ذلك، بل أعلن لتلاميذه عن مبدأ أساسي لكل مَنْ يريد الخدمة، وهو المثال والنموذج الذي يجب أن يُحتذى به، إذ قال لهم:
«.. ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ».
وفي لوقا 22: 27 قال لتلاميذه:
«لأَنْ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ: أَلَّذِي يَتَّكِئُ أَمِ الَّذِي يَخْدُمُ؟ أَلَيْسَ الَّذِي يَتَّكِئُ؟
وَلكِنِّي أَنَا بَيْنَكُمْ كَالَّذِي يَخْدُمُ».
لذلك قال عنه الرسول بولس لأهل فيلبي الذين بدأ يدخل بينهم التحزب والعُجب، والانشقاق:
«فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا: الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ،
لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ،
صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ،
وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ» (فيلبي 2: 5-8).
بل إن الرب حذرهم من التمثل بالكتبة والفريسيين - الذين قال عنهم:
«يُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ، وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي!» (متى 23: 6، 7).
قائلاً:
«وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ»
(متى 23: 8).
كيف يقبل خادم حقيقي للرب، أن يدعوه الناس سيدنا .. سيدنا، والرب قد نهى عن ذلك؟
هل المدعو سيدنا هذا، يجهل وصايا المسيح؟ فإذا كان يجهل وصايا المسيح، فهذا عار، أما إذا كان يعلم الوصايا ويقبل على نفسه أن يدعوه الناس سيدنا.. سيدنا.. فالعار والخزي أكثر وأكثر بما لا يقاس؛ لأنه سلب واغتصب لقبًا من ألقاب المسيح له المجد، الذي قال لتلاميذه:
« أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّمًا وَسَيِّدًا، وَحَسَنًا تَقُولُونَ، لأَنِّي أَنَا كَذلِكَ» (يوحنا 13: 13).
بل قال عنه يهوذا في رسالته أنه:
«السَّيِّدَ الْوَحِيدَ: اللهَ وَرَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ» (يهوذا 4).
فإذا كان الكتاب يعلن أن الرب هو السيد الوحيد، فهل يقبل المسيحيون سيدًا آخر غيره؟
أليس مبدأ الرئاسة يتعارض مع مبادئ الرب نفسه، الذي «صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَل، وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التَّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِرًا بِهَا» (يوحنا 13: 5)؟
انظر بماذا يشهد الروح القدس عنه قبل أن يغسل أرجل تلاميذه:
«يَسُوعُ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّ الآبَ قَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ إِلَى يَدَيْهِ،
وَأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَرَجَ، وَإِلَى اللهِ يَمْضِي» (يوحنا 13: 3).
فرغم علم الرب بأن الآب قد دفع كل شيء إلى يديه، ورغم علمه أنه من عند الله خرج وإلى الله يمضى، ماذا يقول الكتاب:
«قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ، وَخَلَعَ ثِيَابَهُ، وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا، ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَل، وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التَّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِرًا بِهَا» (يوحنا 13 : 4، 5).
انظر ماذا قال الرب لتلاميذه بعد أن غسل أرجلهم:
«فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ، فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ، لأَنِّي أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالاً، حَتَّى كَمَا صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ»
(يوحنا 13: 14- 16).
فهل بعد كل ما عمله المسيح وعلَّم به، يمكن أن يخطر ببال رسله أن يؤسسوا نظامًا بابويًا رئاسيًا سياديًا تسلطيًا؟
إن الذين ينسبون النظام البابوي إلى رسل المسيح، ويدّعون زورًا وبهتانًا، أن رسل المسيح هم من أسسوا النظام البابوي، عليهم أن يأتوا بالدليل الكتابي.
لقد هرب أحدهم عندما حوصر بالمطالبة بالإتيان بنص كتابي يثبت صحة عقيدته المنحرفة عن حق الإنجيل بالقول: «لا تقل لي أريد نصًا كتابيًا لأنه يوجد إنجيل آخر».
وآخر قال: «إن للكنيسة جناحين، أحدهما الكتاب المقدس، والآخر التقليد».
فهل يوجد أشرّ من الادعاء بأنه يوجد إنجيل آخر، أو أن يكون التقليد الذي هو تعاليم من نتاج عقل الإنسان الفاسد، ندًّا للكتاب المقدس، ويكون دستورًا لكنيسة المسيح؟
ألم يقل الرب عن التقليد أنه «تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ» (مرقس 7: 7).
ألم يوبخ الرب الفريسيين على تمسكهم بالتقليد وتركهم لوصية الله، قائلاً لهم:
«لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ» (مرقس 7: 8).
أيضًا، وبخهم الرب لأنهم لم يتركوا وصية الله فقط بل رفضوها في سبيل تمسكهم بالتقليد:
«حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ» (مرقس 7: 9).
وكذلك وبخهم لأنهم لم يتركوا وصية الله، ولم يرفضوها فقط، بل أيضًا أبطلوها:
«مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ» (مرقس 7: 13).
هل في سبيل الدفاع عن تقاليد باطلة يُهان الكتاب المقدس، وتداس تعاليمه. يا للحسرة.
يرد الرسول بولس على مَنْ يدّعون بوجود إنجيل آخر، قائلاً:
«إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هكَذَا سَرِيعًا عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيل آخَرَ!
لَيْسَ هُوَ آخَرَ (أي ليس إنجيلاً بالمرّة بل هو شيء مختلف تمامًا عن الإنجيل)، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ.
وَلكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا
كَمَا سَبَقْنَا فَقُلْنَا أَقُولُ الآنَ أَيْضًا: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُبَشِّرُكُمْ بِغَيْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا»
(غلاطية 1: 6-9).
إن الكتاب المقدس يحذّر الذين يزعجون المؤمنين بالإنجيل الآخر أي التقليد:
«وَلكِنَّ الَّذِي يُزْعِجُكُمْ سَيَحْمِلُ الدَّيْنُونَةَ أَيَّ مَنْ كَانَ» (غلاطية 5: 10).
فالتقيلد يحوي تعاليم تهين كمال وكفاية ذبيحة المسيح على الصليب لغفران الخطايا، ويستبدلها بذبيحة القداس كما يدعون، ولهؤلاء يقول الكتاب:
«فَكَمْ عِقَابًا أَشَرَّ تَظُنُّونَ أَنَّهُ يُحْسَبُ مُسْتَحِقًّا مَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ،
وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِسًا، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ» (عبرانيين 10: 29).
كما يحوي تعاليم تزعج المؤمنين من جهة ضمان مستقبلهم الأبدي، ويدوس على قول الرب:
«خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي.
وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي»
(يوحنا 10: 27، 28).
هناك تعاليم كثيرة في التقليد تهين شخص الرب يسوع المسيح، وتهين الكتاب المقدس، سوف نفرد لها أبحاثًا مستقلة بمشيئة الرب.
أسئلة عن الفصل الثالث
1- هل أسس رسل المسيح النظام البابوي؟ ما هو دليلك الكتابي، إن كانت إجابتك بالإيجاب أو بالنفي؟
2- هل تعاليم المسيح لرسله كانت تنُم عن بث روح التسلط والسيادة في نفوسهم، أم روح التواضع؟
3- ماذا تفهم من غسل المسيح لأرجل تلاميذه؟ وما هو التعليم وراء ذلك؟
4- ما هو رد فعل الرسل عند التفاف الناس من حولهم بعد أن أجرى الرب معجزات على يدهم؟
أ- هل نسبوا المعجزات لقداستهم الشخصية؟
ب- هل قبلوا التفاف الناس من حولهم وانتفخوا وتكبروا وتعظموا بذلك؟
جـ- أم أنهم أشاروا إلى المسيح صاحب الفضل في إجراء المعجزات؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق