الفصل الثامن
الخدمة تكليف وليست تشريف
إن الخادم الحقيقي لا يبحث عن ألقاب، ولا يسعى إلى نوال كرامة ومجد من الناس، بل من الواجب عليه أن يرفض مديح المنافقين، والألقاب التي يخلعها عليه المرائين، ومثالنا في ذلك الرب نفسه الذي قال: «مَجْدًا مِنَ النَّاسِ لَسْتُ أَقْبَلُ» (يوحنا 5: 41).
إن الخادم الحقيقي يضع في اعتباره أن الخدمة تكليف من الرب الذي قال لتلاميذه في كلمات محددة غير قابلة للتأويل أو التفسير:
«اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا.
مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ» (مرقس 16: 15، 16).
أيضًا:
«..اذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.
وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ.
وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ. (متى 28: 19، 20).
إن قول الرب: «وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» يؤكد أن التكليف ليس فقط لتلاميذه بل لكل الخدام الأمناء المدعوين من الرب للكرازة بالإنجيل، في كل العصور والأجيال.
الخدمة في العهد الجديد هي ضرورة موضوعة على الخادم الحقيقي، وليس له رفاهية رفضها، يقول الرسول بولس:
«لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ، إِذِ الضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ،
فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ» (1كورنثوس 9: 16).
لذلك كانت نصيحة الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس:
«احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ. اعْمَلْ عَمَلَ الْمُبَشِّرِ. تَمِّمْ خِدْمَتَكَ» (2تيموثاوس 4: 5).
لاحظ قوله: «احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ»، مما يعنى أن هناك مشقات كثيرة تواجه المبشر في خدمته.
ولكن بكل أسف تحوّل التكليف إلى مناصب وألقاب، فرفع كل أتباع طائفة أو كنيسة من شأن رئيسهم ليتباهوا به أمام العالم، فخلعوا عليه من الألقاب ما لا طاقة لإنسان يخاف الله أن يقبلها، وأحاطوه بهالة من الرهبة والقداسة حتى يكون موضع إجلال وهيبة من الآخرين. وبذلك صنعوا من البشر أنصاف آلهة يسجدون لها، ويقبّلون أياديها في مشهد مُنفّر، مُستفز لمشاعر الملايين، والويل كل الويل لمن لا يبدى الخضوع، بل الخنوع المُذّل لهؤلاء المغتصبين لألقاب الرب ووظائفه.
وبكل حزن وأسى قد صدّق هؤلاء الرؤساء الدينيين تلك الأكذوبة أنهم فوق البشر، حتى ولو تظاهروا بغير ذلك، فعزلوا أنفسهم عن الشعب في مقرّات هي في حقيقتها قصور يستقبلون فيها مَنْ يشاؤن، ويقف على بابها بالساعات الطوال في مذلة ومهانة، نفوس جاءت تتسول بركة موهومة أو تلتمس - بلا جدوى - مناصًا من جور الزمان، وإذا ما فُتح الباب وحاول أحد أبناء الكنيسة أو كما يتوهم هو ذلك، الدخول دفعه البواب بقوة بل وقسوة أيضًا، حتى يكاد أن ينطرح ذلك المسكين على ظهره من فوق درجات السلم. فكيف لبشر أن يقتربوا من أنصاف الآلهة دون إذن وميعاد مُسبق من طاقم السكرتارية.
ياللذل والمهانة التي لحقت بشعب دُعي عليه اسم المسيح.
أين أصحاب العظمة والقداسة والسيادة، مما قاله الكتاب عن الرب: «الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ..» (أعمال 10: 38). الذي كانت الجموع تزحمه (مرقس 5: 31؛ لوقا 8: 45) ولم ينتهر أحدًا منهم، ولم يطرد أحدًا من حضرته. وعندما «قُدِّمَ إِلَيْهِ أَوْلاَدٌ لِكَيْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَيُصَلِّيَ» وقام التلاميذ بانتهارهم، ماذا قال الرب لتلاميذه؟ «أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى مِنْ هُنَاكَ» (متى 19: 13-15).
بل إن أحدهم لا يلقى خطابه إلا بإطلاله من نافذة بأعلى القصر الذي يقيم فيه، وجموع الشعب في الساحة من أسفل، أعناقهم مشرئبة، وأبصارهم مُسلطة على تلك النافذة، تتطلع بلهفة وشوق إلى تلك اللحظة التي فيها يطل عليهم وريث بطرس، وكأن الرسول بطرس هو الذي اقتنى الكنيسة بدمه وليس الرب.
الخدمة في العهد الجديد هي تكليف تصحبه المشقات والأتعاب، وليست مجالاً لنوال التشريفات من حمل جوازات سفر دبلوماسية، والاستقبال في قاعة كبار الزوار...إلخ. هي ضرورة موضوعة على الخادم.
وهذا التكليف له كُلفته الغالية التي تُحتم على الخادم الحقيقي أن يتحملها بصبر وإيمان، ومن هذه الكلفة:
1- إنكار الذات واحتمال الآلام:
قال الرب لتلاميذه: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي» (متى 16: 24).
ما معنى «ينكر نفسه»؟ الكلمة اليونانية ἀπαρνέομαι تعني شخص ينسى نفسه، يَتغاضى عن نفسه ومصالحه الخاصة. فهل من سامع؟
قال الرب: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ» (متى 11: 15).
2- الخدمة وسط بشر لهم طبيعة وحشية:
قال الرب لتلاميذه: «اِذْهَبُوا! هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ حُمْلاَنٍ بَيْنَ ذِئَابٍ» (لوقا 10: 3).
هل يهنأ الراعي بالطعام والشراب، وتغمُض عيناه، ويغط في نوم عميق، والذئاب تحيط به من كل جهة؟
3- احتمال الضيقات:
قال الرب لتلاميذه: «فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ» (يوحنا 16: 33).
لم يَعِد الرب تلاميذه بامتلاك القصور والڤيلات، والفراديس والجنات، والحياة اليسيرة، والبحبوحة من العيش، بل قال لهم: «فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ».
4- العزل والشلح والاستعداد للشهادة:
قال الرب لتلاميذه:
«سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ، بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً ِللهِ»
(يوحنا 16: 2).
لقد فهم الرسول بولس دروس الرب، لذلك تحمّل كل ما أصابه من شرور بصبر وإيمان إذ قال:
«إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ نَجُوعُ وَنَعْطَشُ وَنَعْرَى وَنُلْكَمُ وَلَيْسَ لَنَا إِقَامَةٌ، وَنَتْعَبُ عَامِلِينَ بِأَيْدِينَا. نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ. يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ.
صِرْنَا كَأَقْذَارِ الْعَالَمِ وَوَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الآنَ» (1كورنثوس 4: 11-13).
«فِي الأَتْعَابِ أَكْثَرُ، فِي الضَّرَبَاتِ أَوْفَرُ، فِي السُّجُونِ أَكْثَرُ، فِي الْمِيتَاتِ مِرَارًا كَثِيرَةً. مِنَ الْيَهُودِ خَمْسَ مَرَّاتٍ قَبِلْتُ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً إِلاَّ وَاحِدَةً.
ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ضُرِبْتُ بِالْعِصِيِّ، مَرَّةً رُجِمْتُ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ انْكَسَرَتْ بِيَ السَّفِينَةُ،
لَيْلاً وَنَهَارًا قَضَيْتُ فِي الْعُمْقِ. بِأَسْفَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، بِأَخْطَارِ سُيُول، بِأَخْطَارِ لُصُوصٍ، بِأَخْطَارٍ مِنْ جِنْسِي، بِأَخْطَارٍ مِنَ الأُمَمِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْمَدِينَةِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْبَرِّيَّةِ،
بِأَخْطَارٍ فِي الْبَحْرِ، بِأَخْطَارٍ مِنْ إِخْوَةٍ كَذَبَةٍ. فِي تَعَبٍ وَكَدٍّ، فِي أَسْهَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً،
فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ، فِي أَصْوَامٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي بَرْدٍ وَعُرْيٍ. عَدَا مَا هُوَ دُونَ ذلِكَ: التَّرَاكُمُ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ، الاهْتِمَامُ بِجَمِيعِ الْكَنَائِسِ.
مَنْ يَضْعُفُ وَأَنَا لاَ أَضْعُفُ؟ مَنْ يَعْثُرُ وَأَنَا لاَ أَلْتَهِبُ؟» (2كورنثوس 11: 23-28).
ألا ينطبق ما ذكره آساف المرنم في مزمور 73: 4 - 7 على الكثيرين ممَنْ يحملون ألقابًا رنانة في المسيحية الإسمية: «.. جِسْمُهُمْ سَمِينٌ. لَيْسُوا فِي تَعَبِ النَّاسِ، وَمَعَ الْبَشَرِ لاَ يُصَابُونَ. لِذلِكَ تَقَلَّدُوا الْكِبْرِيَاءَ.. جَحَظَتْ عُيُونُهُمْ مِنَ الشَّحْمِ..». أين هؤلاء من قول الرسول بولس: «فِي تَعَبٍ وَكَدٍّ، فِي أَسْهَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ، فِي أَصْوَامٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي بَرْدٍ وَعُرْيٍ..»؟
أين الزهد والنسك، وإماتة الجسد، أيها الرهبان، يا مَنْ تركتم مسكنكم، ونزلتم إلى العالم لتنالوا كل هذا المجد الباطل؟ أليست هذه هي تعاليمكم عن الرهبنة؟
كيف تغمض أعين هؤلاء الرؤساء الدينيين، الذين يتنعمون بأطيب المأكولات وأفخر المشروبات، وفي رعيتهم مَنْ لا يجد قوت يومه، فيسافر إلى بلاد بعيده طلبًا للرزق، فيذبح على أيدي الأشرار؟
أين المسوح والرماد والتذلل أمام الرب أيها المتنعمون، وهناك في رعيتكم من يفترش الأرض بساطًا ويلتحف بالسماء غطاءً، ويفتش في النفايات علّه يجد كسرة خبز يسد بها رمقه؟
هل أنتم أفضل من ملك إسرائيل الذي لبس المسوح على جسده وقت المجاعة، لكي يرسل الرب الفرج على شعبه؟ مكتوب: «فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الْمَرْأَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَهُوَ مُجْتَازٌ عَلَى السُّورِ، فَنَظَرَ الشَّعْبُ وَإِذَا مِسْحٌ مِنْ دَاخِل عَلَى جَسَدِهِ» (2ملوك 6: 30).
إن الخادم الحقيقي عليه:
1- أن يحمل عار المسيح:
«فَلْنَخْرُجْ إِذًا إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ» (عبرانيين 13: 13).
والمحلة هنا تشير إلى الأنظمة الدينية التي انحرفت بعيدًا عن كلمة الله، وتمسكت بالتقاليد.
2- أن يُبَلّغ الرسالة بكل أمانة:
يقول الرسول بولس لشيوخ كنيسة أفسس الذين من المفترض أن يكونوا أمناء بعد رحيله:
«أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ دَخَلْتُ أَسِيَّا، كَيْفَ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ الزَّمَانِ، أَخْدِمُ الرَّبَّ بِكُلِّ تَوَاضُعٍ وَدُمُوعٍ كَثِيرَةٍ، وَبِتَجَارِبَ أَصَابَتْنِي بِمَكَايِدِ الْيَهُودِ. كَيْفَ لَمْ أُؤَخِّرْ شَيْئًا مِنَ الْفَوَائِدِ إِلاَّ وَأَخْبَرْتُكُمْ وَعَلَّمْتُكُمْ بِهِ جَهْرًا وَفِي كُلِّ بَيْتٍ، شَاهِدًا لِلْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّينَ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ وَالإِيمَانِ الَّذِي بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (أعمال 20: 18-21).
لاحظ قول الرسول: «أَخْدِمُ الرَّبَّ بِكُلِّ تَوَاضُعٍ وَدُمُوعٍ كَثِيرَةٍ.. كَيْفَ لَمْ أُؤَخِّرْ شَيْئًا مِنَ الْفَوَائِدِ إِلاَّ وَأَخْبَرْتُكُمْ وَعَلَّمْتُكُمْ بِهِ جَهْرًا وَفِي كُلِّ بَيْتٍ»، والسؤال هو:
أين زيارات وافتقادات المفروض أنهم رعاة، وفتح الكتاب المقدس في بيوت المسيحيين التي دب فيها الانقسام والخراب؟ أم أن الزيارات مقتصرة على رجال المال والأعمال، ووجهاء القوم؟
3- أن يحفظ الوديعة:
«يَا تِيمُوثَاوُسُ، احْفَظِ الْوَدِيعَةَ، مُعْرِضًا عَنِ الْكَلاَمِ الْبَاطِلِ الدَّنِسِ،
وَمُخَالَفَاتِ الْعِلْمِ الْكَاذِبِ الاسْمِ» (1تيموثاوس 6: 20).
والوديعة هنا تشير إلى كلمة الله الصادقة، دون زيادة أو نقصان.
4- ألا يغش كلمة الله:
«لأَنَّنَا لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، لكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلاَصٍ،
بَلْ كَمَا مِنَ اللهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ» (2كورنثوس 2: 17).
«بَلْ قَدْ رَفَضْنَا خَفَايَا الْخِزْيِ، غَيْرَ سَالِكِينَ فِي مَكْرٍ، وَلاَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ،
بَلْ بِإِظْهَارِ الْحَقِّ، مَادِحِينَ أَنْفُسَنَا لَدَى ضَمِيرِ كُلِّ إِنْسَانٍ قُدَّامَ اللهِ» (2كورنثوس 4: 2).
هل هناك مَنْ يغش كلمة الله؟ الإجابة: نعم
مَنْ هم الكثيرون الذين يغشون كلمة الله؟
إنهم المعلمون الكذبة الذين تخفّوا في ثياب التقوى، وأضافوا تعاليم، وتقاليد من نتاج ذهنهم الفاسد إلى كلمة الله النقية، حتى أن الكثيرين تمسّكوا بهذه التعاليم والتقاليد ورفضوا كلمة الله، بل وأبطلوها، ولم تعد كلمة الله لها سلطان على سلوكهم وضمائرهم.
5- أن يكون شعاره:
«وَلكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ» (أعمال 20: 24).
إن صاحب هذا الشعار المبارك استطاع أن يقول في نهاية حياته:
«قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا» (2تيموثاوس 4: 7، 8).
يا مَنْ تعظمتم وتسيدتم وتسلطتم وقبلتم أن يسجد تابعيكم لكم، وأن يقدموا لكم البخور وكأنكم آلهة، انظروا ماذا يقول الكتاب لكم:
«فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا:
الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ» (فيلبي 2: 5-8).
أسئلة عن الفصل الثامن
1- مَنْ هو الخادم الحقيقي للرب.. ما هي صفاته؟
2- ما هي طبيعة البشر التي يواجهها الخادم الحقيقي؟
3- ما هي طبيعة الأحوال المعيشية التي يواجهها الخادم الحقيقي للرب؟
4- اكتب انطباعاتك الشخصية في سطور قليلة على ما جاء في 1كورنثوس 4: 11 - 13؛ 2كورنثوس 11: 23 - 28؟
5- ما هي الواجبات الموضوعة على الخادم الحقيقي للرب؟
الخدمة تكليف وليست تشريف
إن الخادم الحقيقي لا يبحث عن ألقاب، ولا يسعى إلى نوال كرامة ومجد من الناس، بل من الواجب عليه أن يرفض مديح المنافقين، والألقاب التي يخلعها عليه المرائين، ومثالنا في ذلك الرب نفسه الذي قال: «مَجْدًا مِنَ النَّاسِ لَسْتُ أَقْبَلُ» (يوحنا 5: 41).
إن الخادم الحقيقي يضع في اعتباره أن الخدمة تكليف من الرب الذي قال لتلاميذه في كلمات محددة غير قابلة للتأويل أو التفسير:
«اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا.
مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ» (مرقس 16: 15، 16).
أيضًا:
«..اذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.
وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ.
وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ. (متى 28: 19، 20).
إن قول الرب: «وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» يؤكد أن التكليف ليس فقط لتلاميذه بل لكل الخدام الأمناء المدعوين من الرب للكرازة بالإنجيل، في كل العصور والأجيال.
الخدمة في العهد الجديد هي ضرورة موضوعة على الخادم الحقيقي، وليس له رفاهية رفضها، يقول الرسول بولس:
«لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ، إِذِ الضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ،
فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ» (1كورنثوس 9: 16).
لذلك كانت نصيحة الرسول بولس لتلميذه تيموثاوس:
«احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ. اعْمَلْ عَمَلَ الْمُبَشِّرِ. تَمِّمْ خِدْمَتَكَ» (2تيموثاوس 4: 5).
لاحظ قوله: «احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ»، مما يعنى أن هناك مشقات كثيرة تواجه المبشر في خدمته.
ولكن بكل أسف تحوّل التكليف إلى مناصب وألقاب، فرفع كل أتباع طائفة أو كنيسة من شأن رئيسهم ليتباهوا به أمام العالم، فخلعوا عليه من الألقاب ما لا طاقة لإنسان يخاف الله أن يقبلها، وأحاطوه بهالة من الرهبة والقداسة حتى يكون موضع إجلال وهيبة من الآخرين. وبذلك صنعوا من البشر أنصاف آلهة يسجدون لها، ويقبّلون أياديها في مشهد مُنفّر، مُستفز لمشاعر الملايين، والويل كل الويل لمن لا يبدى الخضوع، بل الخنوع المُذّل لهؤلاء المغتصبين لألقاب الرب ووظائفه.
وبكل حزن وأسى قد صدّق هؤلاء الرؤساء الدينيين تلك الأكذوبة أنهم فوق البشر، حتى ولو تظاهروا بغير ذلك، فعزلوا أنفسهم عن الشعب في مقرّات هي في حقيقتها قصور يستقبلون فيها مَنْ يشاؤن، ويقف على بابها بالساعات الطوال في مذلة ومهانة، نفوس جاءت تتسول بركة موهومة أو تلتمس - بلا جدوى - مناصًا من جور الزمان، وإذا ما فُتح الباب وحاول أحد أبناء الكنيسة أو كما يتوهم هو ذلك، الدخول دفعه البواب بقوة بل وقسوة أيضًا، حتى يكاد أن ينطرح ذلك المسكين على ظهره من فوق درجات السلم. فكيف لبشر أن يقتربوا من أنصاف الآلهة دون إذن وميعاد مُسبق من طاقم السكرتارية.
ياللذل والمهانة التي لحقت بشعب دُعي عليه اسم المسيح.
أين أصحاب العظمة والقداسة والسيادة، مما قاله الكتاب عن الرب: «الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ..» (أعمال 10: 38). الذي كانت الجموع تزحمه (مرقس 5: 31؛ لوقا 8: 45) ولم ينتهر أحدًا منهم، ولم يطرد أحدًا من حضرته. وعندما «قُدِّمَ إِلَيْهِ أَوْلاَدٌ لِكَيْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَيُصَلِّيَ» وقام التلاميذ بانتهارهم، ماذا قال الرب لتلاميذه؟ «أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ: دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى مِنْ هُنَاكَ» (متى 19: 13-15).
بل إن أحدهم لا يلقى خطابه إلا بإطلاله من نافذة بأعلى القصر الذي يقيم فيه، وجموع الشعب في الساحة من أسفل، أعناقهم مشرئبة، وأبصارهم مُسلطة على تلك النافذة، تتطلع بلهفة وشوق إلى تلك اللحظة التي فيها يطل عليهم وريث بطرس، وكأن الرسول بطرس هو الذي اقتنى الكنيسة بدمه وليس الرب.
الخدمة في العهد الجديد هي تكليف تصحبه المشقات والأتعاب، وليست مجالاً لنوال التشريفات من حمل جوازات سفر دبلوماسية، والاستقبال في قاعة كبار الزوار...إلخ. هي ضرورة موضوعة على الخادم.
وهذا التكليف له كُلفته الغالية التي تُحتم على الخادم الحقيقي أن يتحملها بصبر وإيمان، ومن هذه الكلفة:
1- إنكار الذات واحتمال الآلام:
قال الرب لتلاميذه: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي» (متى 16: 24).
ما معنى «ينكر نفسه»؟ الكلمة اليونانية ἀπαρνέομαι تعني شخص ينسى نفسه، يَتغاضى عن نفسه ومصالحه الخاصة. فهل من سامع؟
قال الرب: «مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ» (متى 11: 15).
2- الخدمة وسط بشر لهم طبيعة وحشية:
قال الرب لتلاميذه: «اِذْهَبُوا! هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ حُمْلاَنٍ بَيْنَ ذِئَابٍ» (لوقا 10: 3).
هل يهنأ الراعي بالطعام والشراب، وتغمُض عيناه، ويغط في نوم عميق، والذئاب تحيط به من كل جهة؟
3- احتمال الضيقات:
قال الرب لتلاميذه: «فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ» (يوحنا 16: 33).
لم يَعِد الرب تلاميذه بامتلاك القصور والڤيلات، والفراديس والجنات، والحياة اليسيرة، والبحبوحة من العيش، بل قال لهم: «فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ».
4- العزل والشلح والاستعداد للشهادة:
قال الرب لتلاميذه:
«سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ، بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً ِللهِ»
(يوحنا 16: 2).
لقد فهم الرسول بولس دروس الرب، لذلك تحمّل كل ما أصابه من شرور بصبر وإيمان إذ قال:
«إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ نَجُوعُ وَنَعْطَشُ وَنَعْرَى وَنُلْكَمُ وَلَيْسَ لَنَا إِقَامَةٌ، وَنَتْعَبُ عَامِلِينَ بِأَيْدِينَا. نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ. يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ.
صِرْنَا كَأَقْذَارِ الْعَالَمِ وَوَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الآنَ» (1كورنثوس 4: 11-13).
«فِي الأَتْعَابِ أَكْثَرُ، فِي الضَّرَبَاتِ أَوْفَرُ، فِي السُّجُونِ أَكْثَرُ، فِي الْمِيتَاتِ مِرَارًا كَثِيرَةً. مِنَ الْيَهُودِ خَمْسَ مَرَّاتٍ قَبِلْتُ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً إِلاَّ وَاحِدَةً.
ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ضُرِبْتُ بِالْعِصِيِّ، مَرَّةً رُجِمْتُ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ انْكَسَرَتْ بِيَ السَّفِينَةُ،
لَيْلاً وَنَهَارًا قَضَيْتُ فِي الْعُمْقِ. بِأَسْفَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، بِأَخْطَارِ سُيُول، بِأَخْطَارِ لُصُوصٍ، بِأَخْطَارٍ مِنْ جِنْسِي، بِأَخْطَارٍ مِنَ الأُمَمِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْمَدِينَةِ، بِأَخْطَارٍ فِي الْبَرِّيَّةِ،
بِأَخْطَارٍ فِي الْبَحْرِ، بِأَخْطَارٍ مِنْ إِخْوَةٍ كَذَبَةٍ. فِي تَعَبٍ وَكَدٍّ، فِي أَسْهَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً،
فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ، فِي أَصْوَامٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي بَرْدٍ وَعُرْيٍ. عَدَا مَا هُوَ دُونَ ذلِكَ: التَّرَاكُمُ عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ، الاهْتِمَامُ بِجَمِيعِ الْكَنَائِسِ.
مَنْ يَضْعُفُ وَأَنَا لاَ أَضْعُفُ؟ مَنْ يَعْثُرُ وَأَنَا لاَ أَلْتَهِبُ؟» (2كورنثوس 11: 23-28).
ألا ينطبق ما ذكره آساف المرنم في مزمور 73: 4 - 7 على الكثيرين ممَنْ يحملون ألقابًا رنانة في المسيحية الإسمية: «.. جِسْمُهُمْ سَمِينٌ. لَيْسُوا فِي تَعَبِ النَّاسِ، وَمَعَ الْبَشَرِ لاَ يُصَابُونَ. لِذلِكَ تَقَلَّدُوا الْكِبْرِيَاءَ.. جَحَظَتْ عُيُونُهُمْ مِنَ الشَّحْمِ..». أين هؤلاء من قول الرسول بولس: «فِي تَعَبٍ وَكَدٍّ، فِي أَسْهَارٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي جُوعٍ وَعَطَشٍ، فِي أَصْوَامٍ مِرَارًا كَثِيرَةً، فِي بَرْدٍ وَعُرْيٍ..»؟
أين الزهد والنسك، وإماتة الجسد، أيها الرهبان، يا مَنْ تركتم مسكنكم، ونزلتم إلى العالم لتنالوا كل هذا المجد الباطل؟ أليست هذه هي تعاليمكم عن الرهبنة؟
كيف تغمض أعين هؤلاء الرؤساء الدينيين، الذين يتنعمون بأطيب المأكولات وأفخر المشروبات، وفي رعيتهم مَنْ لا يجد قوت يومه، فيسافر إلى بلاد بعيده طلبًا للرزق، فيذبح على أيدي الأشرار؟
أين المسوح والرماد والتذلل أمام الرب أيها المتنعمون، وهناك في رعيتكم من يفترش الأرض بساطًا ويلتحف بالسماء غطاءً، ويفتش في النفايات علّه يجد كسرة خبز يسد بها رمقه؟
هل أنتم أفضل من ملك إسرائيل الذي لبس المسوح على جسده وقت المجاعة، لكي يرسل الرب الفرج على شعبه؟ مكتوب: «فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الْمَرْأَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَهُوَ مُجْتَازٌ عَلَى السُّورِ، فَنَظَرَ الشَّعْبُ وَإِذَا مِسْحٌ مِنْ دَاخِل عَلَى جَسَدِهِ» (2ملوك 6: 30).
إن الخادم الحقيقي عليه:
1- أن يحمل عار المسيح:
«فَلْنَخْرُجْ إِذًا إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ» (عبرانيين 13: 13).
والمحلة هنا تشير إلى الأنظمة الدينية التي انحرفت بعيدًا عن كلمة الله، وتمسكت بالتقاليد.
2- أن يُبَلّغ الرسالة بكل أمانة:
يقول الرسول بولس لشيوخ كنيسة أفسس الذين من المفترض أن يكونوا أمناء بعد رحيله:
«أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ دَخَلْتُ أَسِيَّا، كَيْفَ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ الزَّمَانِ، أَخْدِمُ الرَّبَّ بِكُلِّ تَوَاضُعٍ وَدُمُوعٍ كَثِيرَةٍ، وَبِتَجَارِبَ أَصَابَتْنِي بِمَكَايِدِ الْيَهُودِ. كَيْفَ لَمْ أُؤَخِّرْ شَيْئًا مِنَ الْفَوَائِدِ إِلاَّ وَأَخْبَرْتُكُمْ وَعَلَّمْتُكُمْ بِهِ جَهْرًا وَفِي كُلِّ بَيْتٍ، شَاهِدًا لِلْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّينَ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ وَالإِيمَانِ الَّذِي بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (أعمال 20: 18-21).
لاحظ قول الرسول: «أَخْدِمُ الرَّبَّ بِكُلِّ تَوَاضُعٍ وَدُمُوعٍ كَثِيرَةٍ.. كَيْفَ لَمْ أُؤَخِّرْ شَيْئًا مِنَ الْفَوَائِدِ إِلاَّ وَأَخْبَرْتُكُمْ وَعَلَّمْتُكُمْ بِهِ جَهْرًا وَفِي كُلِّ بَيْتٍ»، والسؤال هو:
أين زيارات وافتقادات المفروض أنهم رعاة، وفتح الكتاب المقدس في بيوت المسيحيين التي دب فيها الانقسام والخراب؟ أم أن الزيارات مقتصرة على رجال المال والأعمال، ووجهاء القوم؟
3- أن يحفظ الوديعة:
«يَا تِيمُوثَاوُسُ، احْفَظِ الْوَدِيعَةَ، مُعْرِضًا عَنِ الْكَلاَمِ الْبَاطِلِ الدَّنِسِ،
وَمُخَالَفَاتِ الْعِلْمِ الْكَاذِبِ الاسْمِ» (1تيموثاوس 6: 20).
والوديعة هنا تشير إلى كلمة الله الصادقة، دون زيادة أو نقصان.
4- ألا يغش كلمة الله:
«لأَنَّنَا لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، لكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلاَصٍ،
بَلْ كَمَا مِنَ اللهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ» (2كورنثوس 2: 17).
«بَلْ قَدْ رَفَضْنَا خَفَايَا الْخِزْيِ، غَيْرَ سَالِكِينَ فِي مَكْرٍ، وَلاَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ،
بَلْ بِإِظْهَارِ الْحَقِّ، مَادِحِينَ أَنْفُسَنَا لَدَى ضَمِيرِ كُلِّ إِنْسَانٍ قُدَّامَ اللهِ» (2كورنثوس 4: 2).
هل هناك مَنْ يغش كلمة الله؟ الإجابة: نعم
مَنْ هم الكثيرون الذين يغشون كلمة الله؟
إنهم المعلمون الكذبة الذين تخفّوا في ثياب التقوى، وأضافوا تعاليم، وتقاليد من نتاج ذهنهم الفاسد إلى كلمة الله النقية، حتى أن الكثيرين تمسّكوا بهذه التعاليم والتقاليد ورفضوا كلمة الله، بل وأبطلوها، ولم تعد كلمة الله لها سلطان على سلوكهم وضمائرهم.
5- أن يكون شعاره:
«وَلكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ» (أعمال 20: 24).
إن صاحب هذا الشعار المبارك استطاع أن يقول في نهاية حياته:
«قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا» (2تيموثاوس 4: 7، 8).
يا مَنْ تعظمتم وتسيدتم وتسلطتم وقبلتم أن يسجد تابعيكم لكم، وأن يقدموا لكم البخور وكأنكم آلهة، انظروا ماذا يقول الكتاب لكم:
«فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضًا:
الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ» (فيلبي 2: 5-8).
أسئلة عن الفصل الثامن
1- مَنْ هو الخادم الحقيقي للرب.. ما هي صفاته؟
2- ما هي طبيعة البشر التي يواجهها الخادم الحقيقي؟
3- ما هي طبيعة الأحوال المعيشية التي يواجهها الخادم الحقيقي للرب؟
4- اكتب انطباعاتك الشخصية في سطور قليلة على ما جاء في 1كورنثوس 4: 11 - 13؛ 2كورنثوس 11: 23 - 28؟
5- ما هي الواجبات الموضوعة على الخادم الحقيقي للرب؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق