السبت، 13 أغسطس 2016

الفصل الحادي عشر

القس، مَنْ هو؟

الكلمة الثانية التي لم تُترجم في الـترجمة البيروتية في أعمال 14: 23؛ 20: 17وتم اشتقاقها من الترجمة السريانية بـ «قسوس» هي كلمة  πρεσβυτέρος (بريسبوتيروس) وكما سبق القول إن عدم ترجمتها في الموضعين المشار إليهما، يثير الريبة والشك، ويضع علامة استفهام كبيرة.
والسؤال المطروح، ماذا تعني كلمة πρεσβυτέρος؟
هل تعني شخص يحمل رتبة كهنوتية ويقوم بالشفاعة كما يظن التقليديون؟ أم هي وظيفة كنسية كما هو حادث في  طوائف البروتستانت، أم هي شيء آخر؟
لقد فسّر التقليديون  كلمة precbuterwc (بريسڤـيتيروس) التي وردت في الترجمة القبطية للعهد الجديد في أعمال 20: 17، وهي ذات الكلمة  πρεσβυτέρος اليونانية، ولكن بحروف قبطية، بـ «شفيع أو شيخ»، ثم أردفوا أن الكاهن يسمى شيخًا نظرًا لأهمية وظيفته، وتوقيرًا له حتى ولو لم يكن قد وصل إلى سن الشيخوخة. 
أراد التقليديون تحميل الكلمة أكثر مما تعني. نعم الكلمة تعني «شيخ» أي: «شخص متقدم في السن سواء كان رجلاً أو امرأة»، ولكن أن تُطلق على شاب كونه  رُسم كاهنًا (حسب اعتقاد الكنائس التقليدية) أو رُسم شيخًا أو قسًا (حسب اعتقاد الطوائف البروتستانتية)، فهذا كذب، ومن المعروف أن نصيب الكذبة هو البحيرة المتقدة  بالنار والكبريت «وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي» (رؤيا 21: 8).
وهل كلمة precbuterwc تعني «شفيع»؟ من أين جاءوا بهذا المعنى وكلمة πρεσβυτέρος في كل الكتاب المقدس بعهدية القديم والجديد لا تحمل معنى الشفاعة، لا من قريب، ولا من بعيد، كما سنرى؟
أم أنهم اختلسوا عمل الروح القدس كالشفيع ونسبوه للبشر؟ ألم يقرأوا: «وَلكِنَّ الرُّوحَ نَفْسَهُ يَشْفَعُ υπερεντυγχανει (أبيرينتونخاني) فِينَا بِأَنَّاتٍ لاَ يُنْطَقُ بِهَا... لأَنَّهُ (الروح القدس) بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ يَشْفَعُ εντυγχανει (إينتونخاني) فِي الْقِدِّيسِينَ» (رومية 8: 26، 27)؟
أم أنهم اختلسوا عمل الرب يسوع المسيح له المجد كالشفيع ونسبوه للبشر؟ ألم يقرأوا: «يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ παρακλητον  (باراكليتون وبالقبطية paraklhton) عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ» (1يوحنا 2: 1).
فهل الشخص المدعو كاهنًا (حسب اعتقاد الكنائس التقليدية) هو الشفيع الذي حلّ محل الروح القدس، وحلّ محل الرب يسوع المسيح؟
وبالرجوع إلى قاموس قبطي إنجليزي، BOHAIRIC - ENGLISH DICTIONARY  صفحة 85  نجد أن كلمة precbuterwc (بريسڤـيتيروس) لا تعني «شفيع».
ثم، هل حقًا الكاهن القبطي يُسمى شيخًا؟ لقد رأينا في الفصل السابق أن الأسقف (حسب الترجمة البيروتية) ἐπίσκοπος والشيخ πρεσβυτέρος هما شخص واحد، فهل يقبل الأقباط (حسب معتقداتهم) أن يكون الكاهن (القس أو القمص) في رتبة الأسقف؟
1- القس πρεσβυτέρος في  العهد القديم:
ربما عبارة «القس في العهد القديم» تكون صادمة للكثيرين، وتثير التساؤل:
هل يوجد قسوس في العهد القديم؟ 
لنرجع إلى الترجمة السبعينية للعهد القديم، ونبحث عن استخدمات كلمة πρεσβυτέρος، ثم البحث عن المرادف لها في الأصل العبري للعهد القديم لنرى ماذا تعني في العبرية، ثم البحث عن استخداماتها في العهد الجديد.
أولاً، كلمة   πρεσβυτέρος في الترجمة السبعينية:  
وردت كلمة  πρεσβυτέρος 14 مرة في العهد القديم (انظر تكوين 18: 12؛ 19: 31؛ 24: 1؛ 35: 29؛ 43: 27؛ 44: 20؛ يشوع 13: 1؛ 23: 1؛ 2صموئيل 19: 32؛ 1ملوك 1: 1؛ 12: 24؛ أيوب 42: 17؛ إرميا 6: 11؛ 32: 8).
وجاءت بصيغة المثنى والجمع (πρεσβυτέροι) 46 مرة (انظر تكوين 18: 11؛ 50: 7 (وردت مرتين)؛ خروج 18: 12؛ 34: 30؛ لاويين 4: 15؛ سفر العدد 11: 16، 30؛ 16: 25؛ يشوع 7: 6؛ 8: 10، 33؛ 9: 2، 11؛ قضاة 11: 5، 8، 10؛ 12: 16؛ راعوث 4: 11؛ 1صموئيل 4: 3؛ 16: 4؛ 2صموئيل 5: 3؛ 12: 17؛ 1ملوك 12: 24؛ 20: 8؛ 21: 11؛ 2ملوك 6: 32؛ 10: 5؛ 1أخبار 11: 3؛ 15: 25؛ 21: 16؛ 2أخبار 5: 4؛ عزرا 3: 12؛ 6: 7، 14؛ 10: 14؛ أيوب 32: 4؛ مراثي إرميا 2: 10؛ 5: 12؛ حزقيال 8: 1، 12؛ 27: 9؛ دانيال 12: 13؛ يوئيل 1: 2؛ 2: 28؛ زكريا 8: 4).
في كل المواضع السابقة نجد أن كلمة πρεσβυτέρος لا تعني بأي حال من الأحوال رتبة كهنوتية أو وظيفة كنسية، أو شفيع، ولكنها تتحدث عن كِبر السن «الشيخوخة»، أو شخص كبير في السن «شيخ» أو أشخاص كبار في السن «شيوخ».  فمثلا:
في تكوين 18: 12 مكتوب: «فَضَحِكَتْ سَارَةُ فِي بَاطِنِهَا قَائِلَةً: أَبَعْدَ فَنَائِي يَكُونُ لِي تَنَعُّمٌ، وَسَيِّدِي قَدْ شَاخَ πρεσβύτερος؟»
وفي تكوين 18: 11 مكتوب: «وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ شَيْخَيْنِ πρεσβύτεροι مُتَقَدِّمَيْنِ فِي الأَيَّامِ،..».
وفي يشوع 8: 10 مكتوب: «فَبَكَّرَ يَشُوعُ .. وَصَعِدَ هُوَ وَشُيُوخُ πρεσβύτεροι إِسْرَائِيلَ..».
فهل يُفهم من تكوين 18: 12 أن إبراهيم كان قسيسًا بمفهوم الكنائس التقليدية، أو بحسب معتقدات الطوائف البروتستانتية لكلمة قسيس؟ وإن كان الأمر كذلك، لنا أن نسأل: مَن هو الأسقف أو المطران، أو البطريرك، أو البابا أو ..إلخ. الذي هو أعلى رتبة وأسمى مقامًا من أبينا إبراهيم حتى يرسمه قسيسًا؟ وعلى أي كنيسة رسمه؟
وهل يُفهم من تكوين 18: 11 أن إبراهيم وسارة كانا قسيسيّن؟
من العار أن نجد الكنيسة الأنجليكانية قد رسمت امرأة أسقفًا، ومن الأشد عارًا وخزيًا أن نجد الكنيسة المشيخية في أمريكا ليس فقط رسمت المرأة قسيسًا، بل أيضًا رسمت المثليين (الشواذ جنسيًا) سواء من الرجال أو النساء قساوسة على منابر الكنيسة فى أمريكا.
فهل تقبل الكنيسة الأرثوذكسية أن ترسم المرأة قسيسًا ثم تترقى إلى درجة القمصية، فيقال أمنا القس.. أو أمنا القمص..؟
وهل يُفهم من يشوع 8: 10 أن يشوع صعد هو وقسوس إسرائيل؟
ولنا أن نسأل: ما هي رتبة يشوع الكنسية وسط هذا الجمع الغفير من القسوس؟ وأين الشمامسة؟
هذه التساؤلات هي لإثارة العقول المتبلدة الساكنة، والمتوقفة عن الحركة والتفكير، وايقاظ الضمائر التي تغط في سبات عميق، وعودة الوعي الروحي المبني على كلمة الله، ورجوع المخلصين من المُضَلّلين إلى التمسك بالكتاب المقدس ورفض التقاليد التي أبطلت سلطان كلمة الله على النفوس، أما المُضلّين فلهم دينونة عظيمة أمام  الديان العادل.

فكلمة πρεσβυτέρος التي لم تترجم في الڤـاندايك في أعمال 14: 23؛ 20: 17 واكتفوا باشتقاقها من السريانية «قسوس»، وفهمتها الكنائس التقليدية أنها رتبة كنسية، وفهمها البروتستانت أنه وظيفة كنسية، إنما تعني شيوخ سواء في الترجمة السريانية أو في النص اليوناني، أي أناس متقدمين في العمر، لا دخل لهم بأي رتبة أو وظيفة كنسية أو كهنوتية، أو تشفعية.
تبقى علامة استفهام كبيرة، لماذا لم يقم  مترجمو الـ (ڤاندايك) بترجمة الكلمة اليونانية إلى شيوخ، واكتفوا باقتباسها من السريانية «قسوس» رغم علمهم أن الكلمة السريانية أيضًا تعني شيوخ؟
ثانيًا، البحث عن الكلمة المرادفة لكلمة (πρεσβυτέρος) في النص العبري للعهد القديم:
ربما يحتج البعض بأن العهد القديم كُتب بالعبرية فلماذا الرجوع إلى الترجمة السبعينية، ولكي نُبطل هذه الحجة رغم مصداقية الترجمة السبعينية عند الكنائس كافة (رغم تحفظي على بعض ما جاء بها من كتابات)، وجدنا أن الكلمة العبرية المرادفة لكلمة πρεσβύτερος هي كلمة: זקנ (زِكن)  بمعنى شاخ، شيخ، وقد وردت 40 مرة في النص العبري للعهد القديم (انظر تكوين 18: 12؛ 19: 4، 31؛ 24: 1، 2؛ 25: 8؛ 27: 1؛ 35: 29؛ 44: 20؛ لاويين 19: 32؛ يشوع 6: 21؛ 13: 1؛ 23: 1؛ قضاة 19: 16؛ 1صموئيل 2: 22، 31، 32؛ 4: 18؛ 8: 1؛ 17: 12؛ 28: 14؛ 2صموئيل 19: 32؛ 1ملوك 1: 1، 15؛ 13: 11؛ 2ملوك 4: 14؛ 1أخبار 23: 1؛ 2أخبار 36: 17؛ أستير 3: 13؛ أيوب 42: 17؛ مزمور 133: 2؛ جامعة 4: 13؛ إشعياء 9: 15؛ 15: 2؛ 47: 6، إرميا 6: 11؛ 41: 5؛ 48: 37؛ 51: 22؛ حزقيال 8: 12).
وكلمة זקני (زكني) old men, women «شيوخ» وردت 62 مرة في النص العبري للعهد القديم (انظر تكوين 50: 7 (مرتين)؛ خروج 3: 16؛ 4: 29؛ 12: 21؛ 17: 6؛ 18: 12؛ لاويين 4: 15؛ سفر العدد 11: 16؛ 16: 25؛ 22: 4، 7؛ تثنية 19: 12؛ 21: 3، 4، 6، 19، 20؛ 22: 15، 17، 18؛ 25: 8؛ 31: 9، 28؛ يشوع 20: 4؛ قضاة 8: 16؛ 11: 5، 8، 9، 10، 11؛ 21: 16؛ راعوث 4: 4؛ 1صموئيل 4: 3؛ 8: 4؛ 11: 3؛ 15: 30؛ 16: 4؛ 2صموئيل 3: 17؛ 5: 3؛ 12: 17؛ 17: 4، 15؛ 19: 11؛ 1ملوك 8: 1، 3؛ 20: 7؛ 2ملوك 19: 2؛ 23: 1؛ 1أخبار 11: 3؛ 2أخبار 5: 2، 4؛ 34: 29؛ عزرا 10: 14؛ أمثال 31: 23؛ إشعياء 3: 14؛ 37: 2؛ إرميا 29: 1؛ مراثي 2: 10؛ حزقيال 8: 12؛ 20: 3؛ 27: 9). 
وكلمة וזקני (وزكني) «وشيوخ» وردت في النص العبري للعهد القديم 10 مرات (انظر خروج 3: 18؛ سفر العدد 11: 30؛ 22: 7؛ تثنية 27: 1؛ يشوع 7: 6؛ 8: 10؛ 1أخبار 15: 25؛ عزرا 9: 3؛ مراثي 1: 19؛ حزقيال 8: 1).
وعلى سبيل المثال نرجع إلى تكوين 19: 4 مكتوب: «.. أَحَاطَ بِالْبَيْتِ رِجَالُ الْمَدِينَةِ، رِجَالُ سَدُومَ، مِنَ الْحَدَثِ إِلَى الشَّيْخِ،..» حيث كلمة  «الشَّيْخِ» في النص العبري هي זקנ (زِكن) المرادفة لكلمة πρεσβύτερος اليونانية والتي جاءت في الترجمة البيروتية (الڤاندايك) للعهد الجديد «قسوس» في المواضع المشار إليها سابقًا .
والسؤال المطروح الذي يصدم كل الذين يعتقدون بالرتب الكهنوتية والوظائف الكنسية: هل كان رجال سادوم - الشواذ جنسيًا - قسوسًا أم كهنة أم شفعاء؟ (وكما رأينا يُفسر الأقباط الأرثوذكس كلمة precbuteroc  بـ (شفيع أو شيخ).
وهل كان لدى شيوخ سادوم (الشواذ جنسيًا) أساقفة وشمامسة؟
وما هي الشفاعة التي كان يقدمها رجال سادوم (الشواذ جنسيًا)، ولأجل مَنْ، ولمن يقدمونها؟
من هنا يتضح الخطأ الفادح في عدم ترجمة كلمة πρεσβύτερος في الترجمة البيروتية للعهد الجديد في أعمال 14: 23؛ 20: 17 والاكتفاء باشتقاقها من السريانية «قسوس»، رغم ترجمتها في مواضع أخرى «شيوخ...».
2- القس πρεσβυτέρος في  العهد الجديد:
وردت كلمة πρεσβυτέρος وتصريفاتها 67 مرة في العهد الجديد (انظر متى 15: 2؛ 16: 21؛ 21: 23؛ 26: 3، 47، 57، 59؛  27: 1، 3، 12، 20، 41؛ 28: 12؛ مرقس 7: 3، 5؛ 8: 31؛ 11: 27؛ 14: 43، 53؛ 15: 1؛ لوقا 1: 18؛ 7: 3؛ 9: 22؛ 15: 25؛ 20: 1؛ 22:  52؛ يوحنا 8: 9؛ أعمال 2: 17؛ 4: 5، 8، 23؛ 6: 12؛ 11: 30؛ 14: 23؛ 15: 2، 4، 6، 22، 23؛ 16: 4؛ 20: 17؛ 21: 18؛ 23: 14؛ 24: 1؛ 25: 15؛ 1تيموثاوس 5: 2، 17؛  تيطس 1: 5؛ فيلمون آية 9؛ عبرانيين 11: 2؛ يعقوب 5: 14؛ 1بطرس 5: 1، 5؛ 2يوحنا آية 1؛ 3يوحنا آية 1؛ رؤيا 4: 4، 10؛ 5: 5، 6، 8، 11، 14؛ 7: 11، 13؛ 11: 16؛ 14: 3؛  19: 4). بمعنى شيخ، شيوخ، ..إلخ. أي أناس متقدمين في العمر، ولم تتحدث عن أي رتبة كنسية أو كهنوتية، كما يعتقد التقليديون والبروتستانت، ولم تُشر لا من قريب أو بعيد إلى أي عمل  تشفعي.
ومن الشواهد السابقة - على سبيل المثال - نجد أن كلمة πρεσβύτερος تتحدث عن:
1- أشخاص كبار في السن: مثلاً في لوقا 15: 25 تتحدث عن شخص أكبر سنًا من آخر هو «الابن الأكبر» في المثل المعروف بـ «الابن الضال» أو «الابن التائب»، فهل كان الابن الأكبر قسيسًا بالمفهوم التقليدي أو البروتستانتي؟
وفي يوحنا 8: 9 تتحدث عن أشخاص أكبر سنًا من آخرين، مكتوب: «... خَرَجُوا وَاحِدًا فَوَاحِدًا، مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ»، فهل الشيوخ الذين أتوا ليرجموا المرأة التي أُمسكت في الزنا كانوا قسوسًا؟ (انظر أيضًا أعمال 2: 17).
وفي عبرانيين 11: 2 تتحدث عن الأسلاف أو الجدود في إسرائيل، مكتوب: «فَإِنَّهُ فِي هذَا شُهِدَ لِلْقُدَمَاءِ»، (انظر أيضًا متى 15: 2). فهل كان القدماء قسوسًا؟
وفي 1تيموثاوس 5: 2 تتحدث عن العجائز، مكتوب: «وَالْعَجَائِزَ كَأُمَّهَاتٍ،..». والسؤال المطروح هو: هل العجائز كن قسيسات؟ أم أن كلمة πρεσβύτερος هنا تتحدث عن سيدات كبار في السن؟
2- أشخاص كبار في السن يقومون بمسئولية معينة:
أ) بين الأمم: مثلاً في تكوين 50: 7 نقرأ عن شيوخ فرعون، مكتوب: «فَصَعِدَ يُوسُفُ لِيَدْفِنَ أَبَاهُ، وَصَعِدَ مَعَهُ جَمِيعُ عَبِيدِ فِرْعَوْنَ، شُيُوخُ بَيْتِهِ وَجَمِيعُ شُيُوخِ أَرْضِ مِصْرَ،..»؛  وفي سفر العدد 22: 7 نقرأ عن شيوخ موآب وشيوخ مديان، مكتوب: «فَانْطَلَقَ شُيُوخُ مُوآبَ وَشُيُوخُ مِدْيَانَ،..».
ب) بين الأمة اليهودية:
أولاً، في العهد القديم نقرأ عن رؤوس الأسباط والعائلات، على سبيل المثال، في سفر العدد 11: 16 نقرأ عن السبعين شيخًا المساعدين لموسى، مكتوب: «فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: اجْمَعْ إِلَيَّ سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ شُيُوخُ الشَّعْبِ وَعُرَفَاؤُهُ، وَأَقْبِلْ بِهِمْ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ فَيَقِفُوا هُنَاكَ مَعَكَ»، (انظر أيضًا تثنية 27: 1)، وهؤلاء الذين جمعهم سليمان: «حِينَئِذٍ جَمَعَ سُلَيْمَانُ شُيُوخَ إِسْرَائِيلَ وَكُلَّ رُؤُوسِ الأَسْبَاطِ، رُؤَسَاءَ الآبَاءِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.. وَجَاءَ جَمِيعُ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ،..» (1ملوك 8: 1، 3).
ثانيًا، في العهد الجديد نقرأ عن شيوخ إسرائيل الذين هم ضمن أعضاء السنهدريم (يتكون السنهدريم من شيوخ إسرائيل ورؤساء الكهنة والكتبة)، على سبيل المثال، في متى 16: 21 نقرأ: «مِنْ ذلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ»؛ أيضًا، متى 26: 47 «وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ، إِذَا يَهُوذَا أَحَدُ الاثْنَيْ عَشَرَ قَدْ جَاءَ وَمَعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ بِسُيُوفٍ وَعِصِيٍّ مِنْ عِنْدِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخِ الشَّعْبِ».
ثالثًا، أولئك الذين يديرون الشئون العامة في المدن المختلفة، على سبيل المثال، في لوقا 7: 3 «فَلَمَّا سَمِعَ (قائد المئة) عَنْ يَسُوعَ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ شُيُوخَ الْيَهُودِ يَسْأَلُهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَشْفِيَ عَبْدَهُ».
 3- الشيوخ (القسوس حسب الترجمة البيروتية) في الكنائس المسيحية:
هؤلاء هم النظّار («الأساقفة» حسب الترجمة البيروتية) الذين تحدث عنهم الرسول بولس في أعمال 20: 17 أنهم شيوخ (قسوس حسب الترجمة البيروتية) من جهة السن، وفي عدد 28 نرى أن عمل هؤلاء الشيوخ هو الرعاية «لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ»، (انظر أيضًا تيطس 1: 5 بالمقابلة مع عدد 7). وعمل هؤلاء الشيوخ هو رعاية المؤمنين، والتي تتطلب أن يكون الشيخ ناضجًا روحيًا، ليس حديث الإيمان لئلا يتصلف (1تيموثاوس 3: 6)، وأن يكون ملازمًا للكلمة (تيطس 1: 9)، أي ملتصقًا αντεχομενον (أنتيخومينون) وملتحمًا بالكلمة «فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِيَاهِ، الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ،..» (مزمور 1: 3)، ومن ثمّ يستطيع أن يقدم طعامًا روحيًا وإرشادًا من كلمة الله للمؤمنين، وأيضًا يوبخ المناقضين، ويقوّم المخطئين.
ولكن ربما يستند البعض على ما جاء في أعمال 14: 23 «وَانْتَخَبَا (برنابا وبولس) لَهُمْ قُسُوسًا فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ،..»، وفي تيطس 1: 5  حيث أوصى الرسول بولس تلميذه تيطس بأن يقيم في كل مدينة شيوخًا، مكتوب: «مِنْ أَجْلِ هذَا تَرَكْتُكَ فِي كِرِيتَ لِكَيْ تُكَمِّلَ تَرْتِيبَ الأُمُورِ النَّاقِصَةِ، وَتُقِيمَ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ شُيُوخًا πρεσβυτερους كَمَا أَوْصَيْتُكَ» أن هناك إقامة للشيوخ في الكنائس، أو كما يحلو للتقليديين والبروتستانت تعبير «رسامة» بدلاً من إقامة.
وللرد على حجج التقليديين والبروتستانت يجب ملاحظة الآتي:
1- مَنْ قام بإقامة الشيوخ (القسوس حسب الترجمة البيروتية) هما الرسولان بولس وبرنابا كما في أعمال 14: 23، أو من أنابهم الرسول بولس مثل تيطس (تيطس 1: 5)، وتيموثاوس (1تيموثاوس 5: 22).
2- إن الشيوخ الذين أقامهما الرسولان بولس وبرنابا أو الذين أقامهما تيطس وتيموثاوس لم يكن مُخوّل لهم إقامة شيوخ آخرين، وإلا لكان الكتاب ذكر لنا ذلك، مما يدل على أن إقامة شيوخ هي من اختصاص الرسل أو مَنْ أنابهم الرسل.
3- أن إقامة الشيوخ لم يكن في الكنائس كافة، فكنائس اليهودية لم تكن في حاجة إلى إقامة شيوخ، حيث أن الشيوخ في تلك الكنائس كانوا يقومون بخدماتهم التدبيرية والرعوية خير قيام دون أن يقيمهم أحد، بدليل قول الكتاب: «وَأَمَّا الْكَنَائِسُ فِي جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَالْجَلِيلِ وَالسَّامِرَةِ فَكَانَ لَهَا سَلاَمٌ، وَكَانَتْ تُبْنَى وَتَسِيرُ فِي خَوْفِ الرَّبِّ، وَبِتَعْزِيَةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ كَانَتْ تَتَكَاثَرُ» (أعمال 9: 31). ويجب ملاحظة:
أولاً، إن الحديث عن الكنائس في العهد الجديد ليس عن مبان من حجارة صماء وكاتدرائيات، ولكن عن جماعة المؤمنين الحقيقيين الذين قال عنهم الرسول بطرس: «كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ ­كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ­ بَيْتًا رُوحِيًّا، كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بطرس 2: 5)، فليس في المسيحية الحقيقية مبان تسمى «بيوت الله»، مكتوب: «.. الْعَلِيَّ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِالأَيَادِي..» (أعمال 7: 48)، ومكتوب أيضًا: «الإِلَهُ الَّذِي خَلَقَ الْعَالَمَ وَكُلَّ مَا فِيهِ هَذَا إِذْ هُوَ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِالأَيَادِي» (أعمال 17: 24)، وفي صلاة الملك سليمان عند تكريس الهيكل قال: «لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللهُ حَقًّا عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ بِالأَقَلِّ هذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ؟» (1ملوك 8: 27)، وفي إشعياء 66: 1، 2 يتساءل الرب: «السَّمَاوَاتُ كُرْسِيِّي، وَالأَرْضُ مَوْطِئُ قَدَمَيَّ. أَيْنَ الْبَيْتُ الَّذِي تَبْنُونَ لِي؟ وَأَيْنَ مَكَانُ رَاحَتِي؟ وَكُلُّ هذِهِ صَنَعَتْهَا يَدِي،..»، وفي الرسالة إلى العبرانيين يجيب الوحي على تساؤل الرب «أين البيت...» بقوله: «وَبَيْتُهُ نَحْنُ..» (عبرانيين 3: 6)، أي أن المؤمنين الحقيقيين هم بيت الله الحقيقي، أليس مكتوب: «أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟.. لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ» (1كورنثوس 3: 16، 17). ويجب ملاحظة دقة الوحي أنه تحدث عن جماعة المؤمنين بصفتهم «هيكل الله»  بصيغة المفرد وليس «هياكل الله» بصيغة الجمع، وذلك للتأكيد أن للرب هيكل واحد.   وبناء على هذا لنا أن نسأل التقليديين، كيف يكون للرب هيكلان في آن واحد، هيكل داخل المبنى الأصم الأبكم الذي تسمونه كنيسة، والذي به المذبح - الذي تعتقدون بأنكم تذبحون المسيح عليه - والذي لم يأمر به الرب، وكيف يكون المؤمنون الحقيقيون هم هيكل الله؟ ألم ينشق حجاب الهيكل في أورشليم عندما أسلم الرب يسوع الروح على الصليب؟ مكتوب: «فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ. وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ» (متى 27: 50، 51)، إعلانًا عن بطلان العبادة اليهودية، قبل حلول الروح القدس يوم الخمسين وسكناه في المؤمنين الحقيقيين، ليكونوا هيكل الله في العهد الجديد. أيضًا، الرب سبق وأنبأ تلاميذه بخراب الهيكل، مكتوب: «ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَمَضَى مِنَ الْهَيْكَلِ فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ لِكَيْ يُرُوهُ أَبْنِيَةَ الْهَيْكَلِ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: أَمَا تَنْظُرُونَ جَمِيعَ هَذِهِ؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ هَهُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ!» (متى 24: 1، 2)، وهذه النبوة تحققت حرفيًا سنة 70 ميلادية على يد تيطس القائد الروماني.  وأخيرًا نقول للتقليديين، كان في العهد القديم هيكل واحد تُقدم فيه العبادة للإله الحقيقي، أما أنتم فقد صنعتم هياكل، ففي كل مبنى تسمونه كنيسة تبنون هيكلا أو أكثر، وحقيقة الأمر أن صناعة الهياكل هي سمة من سمات الوثنية وليست من المسيحية الحقيقية في شيء، ألم تقرأوا في أعمال 19: 24 عن إِنْسَان اسْمُهُ دِيمِتْرِيُوسُ  «صَائِغٌ صَانِعُ هَيَاكِلِ..». 
ثانيًا، لم تنحصر إقامة الشيوخ على الرسل، أو من أنابهم الرسل، فرب الكنيسة في وسطها - في كل زمان ومكان - يقيم بالروح القدس مَنْ يراه مؤهلاً لهذه الخدمة، بدليل أن الروح القدس هو الذي أقام شيوخ كنيسة أفسس لرعاية المؤمين «الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا (وليس عليها) رعاة (أَسَاقِفَةً حسب الترجمة البيروتية)، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ» (أعمال 20: 28).
4- بعض كنائس الأمم لم تكن في حاجة إلى إقامة شيوخ للتدبير أو الرعاية، مثل كنيسة رومية التي كان بها مدبرون (رومية 12: 8)، وكنيسة كورنثوس حيث نقرأ عن بيت استفاناس: مكتوب: «وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ بَيْتَ اسْتِفَانَاسَ أَنَّهُمْ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ، وَقَدْ رَتَّبُوا أَنْفُسَهُمْ لِخِدْمَةِ الْقِدِّيسِينَ» (1كورنثوس 16: 15). وكذلك كنيسة أفسس كان بها شيوخ مقامين من الروح القدس (أعمال 20: 28)، وأيضًا كنيسة فيلبي التي كان بها عدد من الشيوخ (أساقفة حسب الترجمة البيروتية) في كنيسة واحدة، وهذا هو الترتيب الإلهي للكنيسة، أن يوجد عدد من الشيوخ (القسوس، الأساقفة حسب الترجمة البيروتية) في الكنيسة الواحدة، عكس كنائس المسيحية الإسمية  التقليدية حيث أن الشيخ (الأسقف) يرأس عدة كنائس (هذا هو الفرق بين المسيحية الحقيقية والمسيحية الإسمية التي هي نتاج عقل الإنسان الفاسد). ثم كنيسة تسالونيكي حيث نقرأ: «ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَعْرِفُوا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ بَيْنَكُمْ وَيُدَبِّرُونَكُمْ فِي الرَّبِّ وَيُنْذِرُونَكُمْ» (1تسالونيكي 5: 12)، فالمدبرون موجودون بين المؤمنين ويقومون بخدمتهم دون إقامة، وهم معروفون لدى المؤمنين.
5- بعض كنائس الأمم كانت في حاجة إلى تدخل الرسل أنفسهم أو من يرسلهم الرسل لينوبوا عنهم (تيطس وتيموثاوس) في إقامة الشيوخ، مثل الكنائس التي في مدن كريت،  فالكريتيون - بصفة عامة - يقول عنهم الكتاب: «الْكِرِيتِيُّونَ دَائِمًا كَذَّابُونَ. وُحُوشٌ رَدِيَّةٌ. بُطُونٌ بَطَّالَةٌ» (تيطس 1: 12)، ولاشك أن اجتماعات المؤمنين وسط أناس بهذه الصفات الشريرة، ودخول أناس بهذه الصفات وسط جماعات المؤمنين، مثل اللفيف (جماعة من المصريين) الذي خرج مع بني إسرائيل من مصر، وكانوا سببًا في تذمرات بني إسرائيل وغضب الرب عليهم، فمكتوب: «وَاللَّفِيفُ الَّذِي فِي وَسَطِهِمِ اشْتَهَى شَهْوَةً. فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضًا وَبَكَوْا وَقَالُوا: مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْمًا؟» (سفر العدد 11: 4)، ومثل الزوان الذي زرعه العدو وسط الحنطة، مكتوب: «وَفِيمَا النَّاسُ نِيَامٌ جَاءَ عَدُوُّهُ وَزَرَعَ زَوَانًا فِي وَسْطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى» (متى 13: 25)  كانوا في حاجة إلى شخص مثل تيطس، ممتلئًا ومنقادًا بالروح القدس.. لديه موهبة التمييز ولديه معرفة بتعاليم الرب ورسله الكرام، أن يقيم لهم شيوخًأ من المؤمنيين الحقيقيين وليس من اللفيف الذي بينهم. ولكي يكمل لهم ترتيب الأمور الناقصة في اجتماعاتهم.
التقليديون يتخذون من عبارة «لِكَيْ تُكَمِّلَ تَرْتِيبَ الأُمُورِ النَّاقِصَةِ» أن هناك أمورًا ناقصة لا يمكن معرفتها إلا عن طريق التقليد. ونقول لهؤلاء إن الإمور الناقصة كانت في اجتماعات المؤمنين في كريت، وليست في الإعلان الإلهي، وكانت تختص بكنائسهم دون سواهم، ولا تختص بالكنيسة العامة، بدليل عدم ذكرها وتدوينها بالروح القدس في أسفار العهد الجديد.
إن الذين يتخذون عبارة «لِكَيْ تُكَمِّلَ تَرْتِيبَ الأُمُورِ النَّاقِصَةِ» تكأة لإثبات أهمية التقاليد، إنما ينسبون النقص للوحي الإلهي وللكتاب المقدس، المكتوب عنه: «كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ» (2تيموثاوس 3: 16).

بعد البحث الكتابي السابق عن المقصود بكلمة شيخ (قس حسب الترجمة البيروتية) نأتي إلى  ما يُعلّمه التقليديون، وما يعتقدون به عن القس أو القمص لنرى مدى الانحراف بعيدًا عن كلمة الله، وما أحدثه التقليد من خراب في عقول التقليديين. 
مَنْ هو القس (أو القمص) في الكنائس التقليدية؟

[هو كاهن الكنيسة والاب الروحى لشعب المؤمنين ووجوده هو تطبيق لسر (الكهنوت) وهو أحد اسرار الكنيسة السبعة (المعترف بها لدى الطوائف الأرثوذكسية والكاثوليكية)، تتركز مهام القس فيما يلى:
1.    اقامة الصلوات والطقوس الدينية : مثل صلاة القداس الالهى وتقديم سر التناول (سر الافخارستيا) ,طقوس المعمودية (سر المعمودية) ,صلاة الاكليل أو الزواج الدينى، صلاة التجنيز على الموتى، صلوات المرضى وتبريك المنازل.
2.    التعليم : الوعظ الدينى والتعليم وتفسير للكتب الدينية.
3.    الإرشاد الروحى : تلقى الاعترافات (سر الاعتراف)، افتقاد المؤمنين وتقديم الإرشاد الروحى لهم.
رتبة القسيسية هي ثاني الرتب في الـرتب الكهنوتية المسيحية(اكليروس) وهي تعلو رتبة (الشموسية-شماس) وتعلوها رتبة (الاسقفية-أسقف)، وتنقسم إلى ثلاث درجات حسب حجم ونطاق الخدمة التي يقدمها القس، وهي مرتبة تصاعديا كالتالى :
1.    القس : وهو أحد كهنة الكنيسة.
2.    القمص : كبير القسوس في الكنيسة، وكلمة (قمص) مشتقة من كلمة يونانية بمعنى مدير أو مقدم.
3.    الخورى ابسكوبس: معاون الاسقف (خاصة في القرى)، وكلمة (خورى ابسكوبس) كلمة يونانية معناها اسقف القرى أو الحقول]. (انتهى الاقتباس).
بعض الملاحظات:
يعتقد التقليديون أن القس (أو القمص) هو كاهن الكنيسة، وإذا سألنا القس أو القمص من الذي أقامك كاهنًا فسيجيب على الفور سيدنا الأسقف أو المطران (فلان) أو البابا ...
إذن هو مقام من أشخاص أقيموا من غيرهم على غير أساس كتابي، كما سبق التوضيح. وما بُنيّ على باطل فهو باطل.
ثم إذا سألنا الكاهن، ما هي الذبيحة التي تقدمها؟
سيجيب على الفور ذبيحة المسيح، فأنا ليّ السلطان أن أستدعي الروح القدس (وكأن الروح القدس يعمل تحت أمر هذا الكاهن ويخضع لسلطانه المزعوم) ليحل على الخبز (القربانة) فيحوله إلى جسد المسيح الحقيقي، ويحل على الخمر (عصير الكرمة) ليحوله إلى دم المسيح الحقيقي.
وإذا سألناه هل يا ترى الخبز الذي تحول إلى جسد المسيح، والخمر الذي تحول إلى دم المسيح، هل هو متحد باللاهوت أم جسد ودم غير متحد باللاهوت؟
سيجيب على الفور طبعًا جسد ودم متحد باللاهوت، لأن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين. وهنا السؤال المنطقي: هل اللاهوت يؤكل مع الجسد ويشرب مع الخمر؟ وهل مصيرهما في المعدة مثل مصير باقي المأكولات والمشروبات؟
أليس هذا ما يفعله المدعو كاهن عندما يمسك القربانة بيده ويرفعها فوق رأسه وينادي: «الجسد المقدس» Picwma `e;ouab (بي سوما إثئواب) ويسجد لها مع الشعب، بزعم أنها تحولت إلى جسد المسيح، وكذلك الكأس أيضًا يرفعها فوق رأسه وينادي «والدم الكريم» Nem pi`cnof ettaihout (نيم بي إسنوف إتايوت) ويسجد لها مع الشعب بدعوى أن الخمر تحول إلى دم المسيح. ثم يصلي: «جسد مقدس ودم كريم حقيقي ليسوع المسيح ابن إلهنا. آمين». ثم يقول صلاة الاعتراف: «آمين. آمين. آمين. أؤمن أؤمن أومن واعترف إلى النفس الأخير. أن هذا (يشير إلى الخبز «القربانة») هو الجسد المحيي لابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح. أخذه من سيدتنا وملكتنا كلنا والدة الإله القديسة مريم. وجعله واحدًا مع لاهوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير. واعترف الاعتراف الحسن أمام بيلاطس البنطي. وأسلمه عنا على خشبة الصليب المقدس بإرادته وحده عنا كلنا. بالحقيقة أؤمن أن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين. يعطى عنا خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه. أؤمن أؤمن أؤمن أن هذا هو بالحقيقة. آمين».
هل يوجد ضلال أكثر من ذلك؟ لقد أوهم الشيطان التقليديين أن الكاهن له سلطان أن يحوّل القربانة إلى إله يُؤكل جسده ويُشرب دمه؟
ألم يصدق قول الكتاب: «الَّذِينَ يَأْتُونَ بِإِلَهِهِمْ فِي يَدِهِمْ!» (إيوب 12: 6).
هل القربانة تتحول إلى إله يمضغ في الفم وينزل إلى الأمعاء ويهضم ثم يخرج مع الفضلات.
وهل يُؤكل الجسد المتحد باللاهوت، أم من غير لاهوت؟ وهل اللاهوت يُؤكل بالفم؟ وهل لاهوته فارق ناسوته في القربانة التي يزعمون أنها تحولت إلى جسد حقيقي؟ أليست هذه كلها بدع وهرطقات أدخلها الشيطان ليضل بها اتباع المسيح بعيدًا عن كلمة الله، وأفكاره ومقاصده الأزلية من نحو البشر؟
حقًا قال عنهم الكتاب:
«يَتَلَمَّسُونَ فِي الظَّلاَمِ وَلَيْسَ نُورٌ»
(أيوب 12: 25).
أيضًا يعتقد التقليديون بأن وجود الكاهن هو تطبيق لسر (الكهنوت) وهو أحد اسرار الكنيسة السبعة (المعترف بها لدى الطوائف الأرثوذكسية والكاثوليكية)، ولنا أن نسأل، أين وردت أسرار الكنيسة السبعة في تعاليم الرب يسوع المسيح، أو في تعاليم رسله الكرام؟
لقد سبق الحديث أن مؤمني العهد الجديد كهنة يقدمون ذبائح روحية ذكرها الكتاب وليس من ضمنها تقديم المسيح ذبيحة بيد المدعو كاهن، لأن الرب يسوع المسيح هو الذي قدم نفسه ذبيحة على الصليب مرة واحدة وإلى الأبد، مكتوب: «.. نَحْنُ مُقَدَّسُونَ بِتَقْدِيمِ جَسَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَرَّةً وَاحِدَةً» (عبرانيين 10: 10)، وأيضًا: «وَأَمَّا هذَا فَبَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إِلَى الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ» (عبرانيين 10: 12)، ثم يعلن لنا الكتاب حقيقة تُبطل كل ادعاءات التقليديين في تقديم القرابين كل يوم أحد، وفي الأعياد والمناسبات وأن هذه القرابين تهب الخلاص وغفران الخطايا والحياة الأبدية لكل من يأكل منها، مكتوب:
 «لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى الأَبَدِ الْمُقَدَّسِينَ»
(عبرانيين 10: 14).
فالأفخارستيا، أو عشاء الرب، أو التناول..إلخ. هو تذكار وليس ذبيحة، مكتوب:
«اِصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي»
(لوقا 22: 19)
أما عن مهام القس (الكاهن) في الكنائس التقليدية فهي:

1.    اقامة الصلوات والطقوس الدينية : مثل صلاة القداس الالهى وتقديم سر التناول (سر الافخارستيا) ,طقوس المعمودية (سر المعمودية) ,صلاة الاكليل أو الزواج الدينى، صلاة التجنيز على الموتى، صلوات المرضى وتبريك المنازل.
التعليق:
من المعلوم لدى التقليديين أنه لا يمكن إقامة صلوات القداس بدون الكاهن التقليدي، وكأن كل الشعب التابع لهذا النظام هو جمهور من المتفرجين على مسرحية متكررة.. كلماتها إما أن تقال بلغة مفهومه أو تقال بلغة قد اندثرت من مئات السنين، الجمهور يسمعها ولا يفهمها، وكذلك الكاهن الذي يتلوها أيضًا.
ولأن الكاهن التقليدي أعلى مرتبة من الشعب المسكين فهو الذي يستلم هذا الشعب من المهد إلى اللحد (القبر). فهو الوحيد الذي له سلطان أن يعمد الأطفال تحت ادعاء ممارسة سر المعمودية، ثم يرشمهم بزيت الميرون تحت ادعاء حلول الروح القدس فيهم من خلال هذا الزيت المزعوم، ثم يقوم بصلاة الإكليل أي الزواج، تحت ادعاء أنه يستدعي الروح القدس ليتحد العروسين ليصيرا جسدًا واحدًا، ثم يأخذ الاعترافات تحت إدعاء أن له سلطان أن يغفر خطايا الناس، فيأتي إليه الأفراد من الذكور والإناث، كل على انفراد، وفي سرية تامة يأخذ اعترافاتهم من خطايا وشرور، وأن [بعض الكهنة والآباء «يعصرونهم» لأخذ اعترافاتهم]  وبعض المنحرفين من المدعوين آباء وكهنة (وهم بشر في كل الأحوال بهم ضعف) يستغل هذه الاعترافات التفصيلية في أمور ذكرها قبيح.
ثم يُصلي صلاة التجنيز على الموتي لكي يفتح لهم الرب أبواب السماء، وكأن الرب يأتمر بأمر هذا المدعو كاهن.
إن شخصًا بهذا السلطان الوهمي يستلم الناس من المهد إلى اللحد، ألا يُستعبد الشعب له؟
أين رب الكنيسة ومقتنيها بدمه وسط هذه التعاليم الشيطانية؟
ألم يكتب الرب إِلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَرْغَامُسَ «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، وَأَيْنَ تَسْكُنُ حَيْثُ كُرْسِيُّ الشَّيْطَانِ» (رؤيا 2: 13).
لقد فشل الشيطان في إبادة المسيحيين في عصور الاضطهاد والاستشهاد، ولكنه نجح (فيما الناس نيام) في غرس تعاليمه الشيطانية وسط المسيحية، والتي هي ضد تعاليم الكتاب المقدس، فإين جاء في كلمة الله أن رتبة القسيسية هي ثاني الرتب في الـرتب الكهنوتية المسيحية (اكليروس) وهي تعلو رتبة (الشموسية - شماس) وتعلوها رتبة (الاسقفية - أسقف)، وتنقسم إلى ثلاث درجات حسب حجم ونطاق الخدمة التي يقدمها القس، وهي مرتبة تصاعديا كالتالى:
1.    القس : وهو أحد كهنة الكنيسة.
2.    القمص : كبير القسوس في الكنيسة، وكلمة (قمص) مشتقة من كلمة يونانية بمعنى مدير أو مقدم.
3.    الخورى ابسكوبس: معاون الاسقف (خاصة في القرى)، وكلمة (خورى ابسكوبس) كلمة يونانية معناها اسقف القرى أو الحقول.
أين جاءت هذه الرتب وهذا التقسيم في كلمة الله؟
وأين جاء في كلمة الله أن  شعب المسيح منقسم إلى إكليروس وعلمانيين؟
«قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ»
(هوشع 4: 6).


أسئلة عن الفصل الحادي عشر

1- ما معنى كلمة قس، وما هو أصل الكلمة ؟
2- ما هي الترجمة العربية لكلمة قس؟
3- هل يوجد قسوس في العهد القديم؟
4- علل، لماذا كنائس اليهودية لم تكن في حاجة إلى إقامة شيوخ؟
5- اذكر بعض كنائس الأمم التي لم تكن في حاجة إلى إقامة شيوخ؟
6- لماذا كنائس (جماعات المؤمنين) في كريت كانوا في حاجة إلى إقامة شيوخ بينهم؟
7- ماذا تعني عبارة «لِكَيْ تُكَمِّلَ تَرْتِيبَ الأُمُورِ النَّاقِصَةِ»؟
8- هل يوجد نقص في كلمة الله؟
9- ما هي خطورة القول بأن هناك أمورًا ناقصة في كلمة الله؟
10- مَنْ هو القس في الطوائف البروتستانتية؟
11-  مَنْ هو القس في الكنائس التقليدية؟
12- وضح الانحرافات التعليمية في مفهوم القس في كلا الفريقين؟
13- وضح كيف أن القس في الكنائس التقليدية يستلم تابعيه من المهد إلى اللحد؟
14- وضح مدى التجديف في القول بأن القس (أو الأسقف، أو البابا) الأرثوذكسي له سلطان تحويل الخبز إلى جسد حقيقي للرب يسوع وتحويل الخمر (عصير الكرمة) إلى دم حقيقي للرب يسوع؟
15- أين ورد في الكتاب المقدس أن الروح القدس يحل على الخبز ويحوله إلى جسد المسيح، ويحل على الخمر (عصير الكرمة) ويحوله إلى دم المسيح؟
16- هل أوصى الرب رسله بالذهاب إلى العالم لتدشين مذابح، أم الكرازة بالإنجيل؟
17- هل العشاء الأخير للرب مع تلاميذه، كان على مائدة أم على مذبح؟
18- هل في 1كورنثوس 10: 21 يتحدث الرسول بولس عن مائدة الرب أم عن مذبح الرب؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق