السبت، 13 أغسطس 2016

الفصل الخامس

النظام البابوي في ضوء التاريخ

  بعد التأكد من الناحية الكتابية ومن خلال كتابات الآباء أن المسيح لم يؤسس هذا النظام، ولا رسله الكرام، ولا الآباء تلاميذ الرسل، كان من الأهمية بمكان الرجوع إلى مصادر أخرى لمعرفة مَنْ  الذي أسس هذا النظام.. مراجع تتسم بدقة البحث ومُعتمدة من الأوساط العلمية عالميًا، الأمر الذي يصدق على دوائر المعارف التي تمت الإشارة إليها في نهاية الفصل السابق.
ونظرًا للحقائق الصادمة التي سيكتشفها المُطّلع على هذا البحث، سيوضع النص كما جاء في دوائر المعارف باللغة الإنجليزية، ثم نقله إلى اللغة العربية، ثم التعليق عليه. والقصد من ذلك أن يكون النص الأساسي حاضرًا أمام الدارسين والباحثين.

النص في ER

PAPACY. The papacy is the central governing institution of the Roman Catholic church under the leadership of the pope, the bishop of Rome. The word papacy (Lat., papatus) is medieval in origin and derives from the Latin papa, an affectionate term for “father.”

الترجمة

البابوية. البابوية هي المؤسسة المركزية التي تحكم الكنيسة الكاثوليكية الرومانية بقيادة البابا، أسقف روما. إن كلمة بابوية (في اللاتينية  papatus)، ترجع أصولها إلى القرون الوسطى ومشتقّة في الأصل من الكلمة  اللاتينيِة  papa، وهي تعبير رقيق لكلمة father «أبِّ».

النص في EB

The word papacy (Latin papatia, derived from papa, «pope»; i.e., father) is of medieval origin. In its primary usage it denotes the office of the pope (of Rome) and, hence, the system of ecclesiastical and temporal government over which he directly presides.
الترجمة

كلمة البابوية (في اللاتينية papatia ، مشتقة من papa، بابا «pope»، أب father) ويرجع أصل الكلمة إلى القرون الوسطى. واستعمال الكلمة الرئيسي يدل على منصب البابا (بابا روما)، وبالتالي، يدل على نظام الحكم الكنسي والزمني اللذين يترأسهما مباشرة.

التعليق
من النصين السابقين نجد أن النظام البابوي يختص بالكنيسة الكاثوليكية الرومانية فقط، ولو كان هناك نظام بابوي في أي مكان آخر في العالم  لتمت الإشارة إليه، لأن العلماء الذين دونوا هذه المعلومات هم على دراية تامة بالأنظمة التي تحكم الكنائس في العالم. [الكنائس التقليدية في العالم يرأسها بطاركة وليس بابوات، حتى إلى وقت قريب كان بطريرك الأقباط في مصر يُدعى بأسقف المدينة العظمى الإسكندرية، ولكن المزورين  المنافقين بدّلوا هذه العبارة بـ «بابا الأسكندرية..»].
أيضًا نجد فيهما حقيقة أخرى في منتهى الأهمية هي أن كلمة بابوية ترجع أصولها إلى القرون الوسطى، وليس إلى العصر الرسولي، ولا عصر الآباء الرسوليين، الأمر الذي يستد أمامه كل فم.
ولذلك فإن أي إدعاء بوجود النظام البابوي قبل القرون الوسطى هو إدعاء باطل وعارٍ من الصحة، والقول بأن الرسول بطرس كان هو البابا الأول الجالس على كرسي روما، ومرقس الإنجيلي هو البابا الأول الجالس على كرسي الإسكندرية، هو قول لا سند له، لا من الأسفار الإلهية كما رأينا في الفصول السابقة، ولا من التاريخ كما هو واضح من دوائر المعارف، والمراد به تضليل جماهير المسيحيين من البسطاء وغير الدارسين.

النص في ER


THE EARLY PERIOD. This era, extending from the biblical origins of Christianity to the fifth century, was marked by the ever-increasing power and prestige of the bishop of Rome within the universal church and the Roman empire.
الترجمة

الفترة الباكرة. هذه الفترة، الممتدة من الأصول الكتابية للمسيحيةِ إلى القرن الخامسِ، قد تميزت بتزايد سلطة ونفوذ أسقف روما على نحو مستمر داخل نطاق الكنيسة ِالمسكونية، والإمبراطورية الرومانية.
التعليق
مما لاشك فيه كان يوجد أساقفة في زمن الرسل. بل إن كنيسة واحدة مثل كنيسة فيلبي - ولم يكن مر وقت طويل على تأسيسها - كان بها عدد من الأساقفة وليس أسقفًا واحدًا، مكتوب: «بُولُسُ وَتِيمُوثَاوُسُ عَبْدَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِينَ فِي فِيلِبِّي، مَعَ أَسَاقِفَةٍ وَشَمَامِسَةٍ» (فيلبي 1: 1).
ولكن في الفترة الممتدة من العصر الرسولي إلى القرن الخامس، تزايدت سلطة ونفوذ أسقف روما على نحو مستمر، ليس فقط في حدود أسقفيته، بل تعدت إلى كنائس العالم كافة الواقعة تحت سلطة الإمبراطورية الرومانية. إن ذلك  التزايد في سلطة ونفوذ أسقف روما كان يُنذر بقدوم نظام سلطوي.. سيادي.. أي النظام البابوي.

النص في ER


Scriptural foundation. Traditional Roman Catholic teaching holds that Jesus Christ directly bestowed upon the apostle Peter the fullness of ruling and teaching authority. He made Peter the first holder of supreme power in the universal church, a power passed on to his successors, the bishops of Rome... Two biblical texts are cited to substantiate this claim. In Matthew 16:18 there is the promise of Jesus: “You are Peter, and on this rock I will build my church, and the gates of Hades shall not prevail against it.” In John 21:15–16, this promise is fulfilled in the admonition of Jesus to Peter: “Feed my lambs. . . . Look after my sheep.”

الترجمة

الأساس الكتابي. التعليم التقليدي للكاثوليكية الرومانية يعتقد بأن يسوع المسيح منح الرسول بطرس، بصورة مباشرة، كامل السلطة في الحكم والتعليم. لقد جعل بطرس أول صاحب سلطة عليا في الكنيسة على المستوى المسكوني، تلك السلطة تنتقل إلى خلفاؤه، من أساقفة روما. نصان من النصوص المذكورة في الكتاب المقدس لإثبات هذا الادعاء. في متى 16: 18 حيث وعد المسيح: «أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا». وفي يوحنا 21: 15-16، هذا الوعد تم في عتاب يسوع لبطرس: «ارْعَ خِرَافِي.. ارْعَ غَنَمِي».

التعليق
تستعرض دائرة المعارف الأساس الكتابي الذي بنت عليه الكنيسة الكاثوليكية اعتقادها الخاطئ بأن أسقف روما له السلطة العليا على كنائس العالم كافة، ذلك لأنه خليفة الرسول بطرس الذي منحه المسيح كامل السلطة في الحكم والتعليم حسب الاعتقاد الخاطئ للكنيسة الكاثوليكية المبني على متى 16: 18 ويوحنا 21: 15-16.
مما لا شك فيه أن الهراطقة في كل العصور وجدوا في اقتطاع بعض نصوص الكتاب المقدس من سياقها سندًا لتعاليمهم المنحرفة، وتحقيقًا لمآربهم الشيطانية. والسؤال هنا: إن كانت الكنيسة الكاثوليكية وجدت حجة - وهي باطلة - في نصين لأقوال الرب، لإثبات سلطة أسقف روما على كنائس العالم كافة، فأسقف الإسكندرية على أي حجة يستند أنه بابا؟ هل قال الرب لمرقس الإنجيلي - الذي يدّعي أسقف الأسكندرية خلافته - «أعطيك مفاتيح الملكوت»؟ وهل قال الرب له: «ارْعَ خِرَافِي.. ارْعَ غَنَمِي» مثلما قال لبطرس الرسول؟ أسئلة يجب أن يجيب عنها النظام البابوي، وكل مَنْ هم يسبحون في فلكه؟
النص في ER

Modern Roman Catholic biblical scholars affirm the genuine authority of Peter among the Twelve but make the following observations: there is no New Testament evidence that Peter was ever a bishop or local administrator of any church (including Rome and Antioch); there is no direct biblical proof that Jesus established the papacy as a permanent office within the church; but there is other cogent evidence that Peter arrived in Rome late in his life and was martyred and buried there.

الترجمة
يُؤكّدُ علماءُ الكتاب المقدس الكاثوليك الرومانُ المعاصرين، السلطةُ الأصيلةُ لبطرس بين الاثني عشرَ لكنهم يبدون الملاحظاتَ التاليةَ: لا يوجد دليل في العهد الجديد أن بطرس كان في أي وقت أسقفًا أو مسئولاً محليّا يتولى إدارة أي كنيسة (بما في ذلك روما وأنطاكيا)؛ ليس هناك دليل كتابي مباشر أن يسوع أسس البابوية كمنصب دائم داخل الكنيسة؛ لكن هناك دليل مُقنع آخر وهو أن بطرس وَصلَ إلى روما في آخر حياته، واستشهد ودُفِنَ هناك.

النص في NEB

 ..There is no historical evidence that St. Peter was the first leader of the church of Rome 

الترجمة


ليس هناك دليل تاريخي بأن القديس بطرس كان أول قائد لكنيسة روما..


التعليق


يُفجّر علماء الكاثوليك مفاجأة صادمة للتقليديين، ويوجهون ضربة قاضية للنظام البابوي الذي بُنيّ على الزيف، وعلى تحريف كلام الله عَنْ مَوَاضِعِهِ.
من ER  نرى في شهادة علماء الكنيسة الكاثوليكية أمانة البحث، وعدم التدليس، والتزوير في كتابة التاريخ. فأمانة البحث أوصلتهم إلى نتائج عكس ما يؤمنون به من أن بابا روما هو وريث وخليفة الرسول بطرس، محطمين بذلك كل إدعاءات تنادي بالتمسك بالتقاليد الموروثة.
إن شهادتهم الأمينة أسقطت الإدعاء بأن بابا روما هو خليفة بطرس الرسول، لأن الرسول بطرس لم يكن في أي وقت أسقفًا على روما أو أنطاكية، وهذا ماورد في  NEB.
كما فجر علماء الكاثوليك مفاجأة صادمة لكل من يؤمن بالنظام البابوي وهي أنه لا يوجد دليل كتابي مباشر أن يسوع أسس البابوية كمنصب دائم داخل الكنيسة.
وهذا ما سبق توضيحه في الفصل الثاني أنه لا يوجد دليل مباشر أو غير مباشر أن الرب يسوع أسس النظام البابوي، بل حذّر الرب تلاميذه من التمثل بأنظمة العالم.
وقبل مواصلة استعراض باقي النصوص نلخص ما سبق في النقاط التالية:
1- إن كلمة بابوية، ترجع أصولها إلى القرون الوسطى (بدأت في القرن الخامس وانتهت في بداية القرن السادس عشر).
2- إن الفترة الممتدة من الأصول الكتابية للمسيحيةِ إلى القرن الخامسِ، قد تميزت بتزايد سلطة ونفوذ أسقف روما على نحو مستمر داخل نطاق الكنيسةِ الجامعة، والإمبراطورية الرومانية.
3- لا يوجد دليل في العهد الجديد أن بطرس كان في أي وقت أسقفًا أو مسئولاً محليّا يتولى إدارة أي كنيسة (بما في ذلك روما وأنطاكيا).
4- ليس هناك دليل كتابي مباشر أن يسوع أسس البابوية كمنصب دائم داخل الكنيسة.

النص في ER

First three centuries. The early Christian churches were not organized internationally. Yet Rome, almost from the beginning, was accorded a unique position, and understandably so: Rome was the only apostolic see in the West; it was the place where Peter and Paul were martyred; and it was the capital of the empire.
 Ignatius of Antioch, in his letter to the Romans (c. 110), called the Roman church the church “presiding in love” (4.3), and Irenaeus, in his Against Heresies (c. 180), referred to its “more imposing foundation” (3.3.2). Although these controverted texts may not be a proof of Roman primacy, they at least indicate the lofty stature of the see of Rome.

الترجمة

الثلاثة قرون الأولى. لَمْ تُنظم الكنائس المسيحية الباكرة بصفة مسكونية. إلا أن روما أحتلت موقعًا فريدًا من البداية، ولذا كان من السهل فهَمَ أن روما كَانتْ الكرسي الرسوليَ الوحيدَ في الغربِ. لقد كانت المكان الذي استشهد فيه بطرس وبولس، وكانت عاصمة الأمبراطورية.
أغناطيوس الأنطاكي في رسالته إلى أهل رومية (110 م.)، دعى كنيسة روما بكنيسة «الرئاسة في المحبة» (4: 3)، وإيريناؤس في رسالته ضد الهراطقة (180 م.)، أشار أنها «المؤسسة الأكثر بروزًا» (3: 3: 2). ورغم أن هذه النصوص قد لا تكون دليلاً على الأولوية الرومانية، إلا أنها على الأقل تشير إلى المكانة السامية لكرسي روما.
التعليق

في استعراض دائرة المعارف لحالة الكنائس المسيحية في القرون الثلاثة الأولى، يتكشف لنا أن الكنائس كانت محلية [على سبيل المثال: كنيسة كورنثوس، وكنيسة فيلبي، وكنائس غلاطية (غلاطية 1: 2)، وكنيسة التسالونيكيين (2تسالونيكي 1: 1)، والسَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا المذكورة في سفر الرؤيا إصحاح 2، 3)]، وكل كنيسة محلية من هذه الكنائس كانت لها ظروفها الخاصة بها، وكل كنيسة كان بها رعاتها ومدبريها، ولم تُنظم الكنائس بشكل مسكوني، لكن أسقف روما كونه أسقف عاصمة الإمبراطورية الرومانية التي كانت تحكم العالم آنذاك، وأيضًا أسقف العاصمة التي اُستشهد فيها الرسولان بطرس وبولس، هذا منحه مركزًا متميزًا على أساقفة العالم كافة، وفي هذا الصدد يقول الأنبا إغريغوريوس: «يمكن أن يقال أنه نظرًا لمكانة المدينة السياسية والثقافية والاجتماعية والدولية يعظم شأن الأسقف القائم بمسئوليتها الرعوية».

لذلك نجد في القرن الثالث عشر للميلاد أحد علماء الكنيسة القبطية وهو الشيخ صفي أبي الفضائل بن العسال  يقر برئاسة بابا روما على سائر البطاركة.
أيضًا رأينا أغناطيوس الأنطاكي في رسالته إلى أهل رومية (110 م.)، دعى كنيسة روما بكنيسة «الرئاسة في المحبة» (4: 3)، وإيريناؤس في رسالته ضد الهراطقة (180 م.)، أشار إلى أنها «المؤسسة الأكثر بروزًا» (3: 3: 2)، ومن المؤكد أن لهذه التعبيرات دلائل تشير إلى تنامي شعور العظمة والنفوذ لدى أسقف روما.

النص في ER


 The exact structure of the very early Roman church is not known, but it seems that by the middle of the second century monepiscopacy (the rule of one bishop) was well established.
The memory of Peter was kept alive in Rome, and its bishops were often involved in the affairs of churches outside their own area. Clement I (c. 90–c. 99), for example, sent a letter from the church of Rome to the church of Corinth to settle a dispute over the removal of several church officials. Victor I (c. 189–c. 198) sought, under threat of excommunication, to impose on the churches of Asia Minor the Roman custom for the celebration of Easter. Finally, Stephen I (254–257) reinstated two Spanish bishops who had been deposed by their colleagues and also decided, contrary to the custom in Syria and North Africa, that repentant heretics did not have to be rebaptized. Although Cyprian, bishop of Carthage (d. 258), objected to Stephen’s decisions, he was able to call Rome the “principal church” (letter 59, addressed to Cornelius, bishop of Rome) and to insist that for bishops to be legitimate they must be in communion with Rome.

الترجمة

التنظيم الدقيق للكنيسة الرومانية لم يكن معروفًا في وقت مبكر جدًا، ولكن يبدو أنه بحلول منتصف القرن الثاني قد تأسست سيادة الأسقف الواحد monepiscopacy (سيطرة الأسقف الواحد) بشكل جيد.
وبقِيت ذاكرة بطرس حيّة في روما، وفي أغلب الأحيان تدخَّل أساقفتها في شئونِ الكنائسِ  التي تقع خارج منطقتِهم.
 إكليمنضس الأول  (90م - 99م)، على سبيل المثال، أرسل رسالة من كنيسة روما إلى كنيسة كورنثوس لتسوية نزاع على استبعاد عدد من مسئولي الكنيسة.
 فيكتور الأول ( 189م - 198م) سعى - مهددًا بالحرمان الكنسي - فرض العادات الرومانية للاحتفال بعيد الفصح على كنائس آسيا الصغرى.
أخيرًا، أعادَ ستيفن الأول (254م - 257م) تنصيب الأسقفين الأسبانيين اللذين كَانا قَدْ عُزلا مِن قِبل زملائِهما وقرّر أيضًا - على نقيض العادة في سوريا وشمال أفريقيا - أن الهراطقة التائبينِ ليس لِزامًا عليهُمْ أَنْ تُعاد معموديتهم ثانيةً.
ومع أن كبريانوس، أسقف قرطاجة (توفى عام 258 م.)، إعترضَ على قراراتِ ستيفن، كَانَ قادرًا على دعوة روما بـ «الكنيسة الرئاسية» والاصرار على أنه من أجل أن يكون للأساقفةِ الشرعية يَجِبُ أَنْ يَكُونوا في الشركة مَع روما.
التعليق
إن البناء التنظيمي للبابوية لم يكن معروفًا من بداية المسيحية، مما يدل على أنه ليس من تسليم المسيح لرسله، وليس من تسليم رسل المسيح لغيرهم، الأمر الذي يُبطل حجة الذين يؤمنون بالتقليد الكنسي وبالخلافة الرسولية، وبحلول منتصف القرن الثاني تأسست سيادة (سيطرة) الأسقف الواحد monepiscopacy بشكل جيد، وتَدخُّل أساقفة روما في شئون الكنائس الأخرى، ..
وهنا بدأت بذرة النظام البابوي التي طرحها الشيطان وسط الحنطة لتشويه صورة المسيحية الحقيقية تنبت نبتتها الأولى.
«إن زاوية الانحراف بين ضلعين تبدو صغيرة في البداية، ولكن كلما امتدا الضلعان كلما كَبُرت زواية الانحراف»، هكذا الهرطقات والتعاليم المنحرفة عن أقوال الله، تبدو صغيرة في البداية، وربما لا يُلاحظها الكثيرون، ولكن بمرور الوقت تتبلور وتتشكّل، وتُمسي عقائد وتعاليم، وكأنها مُسلّمة من المسيح نفسه، أو من رسله الكرام.
 ورغم اعتراض كبريانوس، أسقف قرطاجة (توفى عام 258 م.) على قراراتِ ستيفن، إلا أنه دعى روما بـ «الكنيسة الرئاسية» أي الكنيسة صاحبة الرئاسة على الكنائس كافة، وأصرّ على أن الأساقفة يستمدون شرعيتهم من شراكتهم مَع أسقف روما.

النص في ER


The bishops of Rome in the third century claimed a universal primacy, even though it would be another 150 years before this idea was doctrinally formulated. Rome attracted both orthodox and heterodox teachers—some to have their views heard, others to seek confirmation. More and more, the bishop of Rome, either on his own initiative or by request, settled doctrinal and disciplinary disputes in other churches. Roman influence was felt as far away as Spain, Gaul, North Africa, and Asia Minor. The see of Peter was looked upon as the guarantor of doctrinal purity even by those who found fault with its leadership.

ترجمة بعض الفقرات

ادعى أساقفة روما في القرن الثالثِ الأولوية العالمية، بالرغم من أنَّه سَتَكُونُ 150 سنةَ أخرى أمام هذه الفكرةِ حتى تصاغ بشكل عقائدي... تدخل أسقف روما أكثر فأكثر... لتسوية النزاعاتَ المذهبيةَ والتأديبيةَ في الكنائس الأخرى. امتد نفوذ كنيسة روما أبعد بكثير حتى وصل إلى أسبانيا، والغال، وشمال أفريقيا، وآسيا الصغرى.

التعليق
رأينا بحلول منتصف القرن الثاني أن سيادة أو سيطرة الأسقف الواحد monepiscopacy قد تأسست بشكل جيد، وهنا نرى إدعاء أساقفة روما الأولوية على سائر كنائس العالم في القرن الثالث للميلاد، وتدخلهم في شئون الكنائس الأخرى، وامتداد نفوذ كنيسة روما حتى وصل إلى أسبانيا، وفرنسا وبلجيكا وهولندا وألمانيا، وشمال أفريقيا، وآسيا الصغرى.

النص في ER


Fourth and fifth centuries. With the Edict of Milan (313) the empire granted toleration of all religions and allowed Christians to worship freely. This policy ended the era of persecution, increased the number of Christians, and shaped the institutional development of the papacy. Once Emperor Constantine decided to move the seat of the empire to Constantinople in 324, the papacy began to play a larger role in the West. By the time Christianity became the official religion of the empire in 381, several popes were already affirming papal primatial authority. The critical period in the doctrinal systematization of Roman primacy took place in the years between Damasus I (366–384) and Leo I (440–461). In that period, the popes explicitly claimed that the bishop of Rome was the head of the entire church and that his authority derived from Peter.

الترجمة

القرن الرابع والخامس. بمرسومِ ميلان (313) منحت الإمبراطوريةَ التسامح الديني مع الأديان كافة، والسماح بحرية العبادة للمسيحيين. أنهتْ هذه السياسةِ عصرَ الإضطهادِ، وزيادة عددَ المسيحيين، وشكّلتْ التطويرَ المؤسساتيَ للبابويةِ. وعندما قرر الإمبراطور قسطنطين نقل عرش الإمبراطوريةِ إلى القسطنطينية في 324، بَدأَت البابوية بلعب دور أكبر في الغربِ. وبمرور الوقت اصبحت المسيحية الدين الرسمي للإمبراطورية في 381، والكثيرون من الباباوات كانوا قد أكدوا سلطة الرئاسة البابوية.
الفترة الحرجة في التنظيمِ العقائدي للأولوية الرومانيةِ حَدثَت في السَنَواتِ بين البابا دامسوس الأول (366-384) والبابا ليو الأول (440-461). في تلك الفترة، إدّعى الباباوات صراحة أن أسقف روما هو رأس الكنيسة برمتها وأنّ سلطتِه مستمدة مِنْ بطرس.

التعليق

في الفترة ما بين 366 و 461، إدّعى الباباوات صراحة أن أسقف روما هو رأس الكنيسة برمتها، وأنّ سلطتِه مستمدة مِنْ بطرس.
هل هناك وضوح أكثر من ذلك أن النظام البابوي لم يكن موجودًا قبل القرن الرابع للميلاد؟
أليست هذه الحقائق تكشف تدليس وكذب المؤرخين الذين يدعون بأن بطرس ومرقس كان ترتيبهم الأول في النظام البابوي، في روما والإسكندرية؟
أليس المسيح ورسله وتلاميذهم براء من الادعاء بأنهم مؤسسوا النظام البابوي البغيض، الذي أساء إلى المسيحية وصورتها أمام العالم؟

النص في ER

Damasus I, the first pope to call Rome the apostolic see, made Latin the principal liturgical language in Rome and commissioned Jerome to revise the old Latin version of the New Testament. At the Council of Rome (382), he declared that the primacy of the bishop of Rome is based on continuity with Peter. He deposed several Arian bishops. His successor,
Siricius (384–399), whose decretal letters are the earliest extant, promoted Rome’s primatial position and imposed his decisions on many bishops outside Italy.

الترجمة

دامسوس الأول، هو أول بابا دعى روما بالكرسي الرسولي، وجعل اللاتينية هي لغة العبادة الأساسية في روما وكلّفَ چيروم لمُرَاجَعَة النسخةِ اللاتينيةِ القديمةِ للعهد الجديدِ. وفي مجمع روما (382) أعلن بأن أولوية أسقف روما تستند على الاستمرارية مع بطرس. وقام بعزل عدة أساقفة أريوسيين.
خليفته، سيريسيوس Siricius (384-399)، الذي تعتبر مراسيمة التي أصدرها بشكل مبكر جدًا،  قد عززت  رئاسة أسقف روما، وفُرضَت قراراتَه على العديد مِنْ الأساقفةِ خارج إيطاليا.

التعليق

أين ضمائر الذين يزورون التاريخ من هذه الحقائق، ويخدعون قلوب البسطاء، ويدّعون بوجود كرسي رسولي في روما وآخر في الإسكندرية؟
أليس المدعو دامسوس هو أول من دعى روما بالكرسي الرسولي في نهاية القرن الرابع للميلاد؟ 

النص في ER

It was Leo I, the first of three popes to be called the Great, who laid the theoretical foundation of papal primacy. Leo took the title Pontifex Maximus, which the emperors no longer used, and claimed to possess the fullness of power (plenitudo potestatis). Governing the church through a tumultuous period of barbarian invasions and internal disputes, he relentlessly defended the rights of the Roman see. He rejected Canon 28 of the Council of Chalcedon (451), which gave the bishop of New Rome (Constantinople) privileges equal to those of the bishop of Old Rome and a rank second only to that of the pope. A favorite theme for Leo was the relationship between Peter and the pope. This idea had been advanced by earlier popes, but Leo elaborated it, in his sermons calling himself “Peter in Peter’s see” (2.2) and his “unworthy heir” (3.4). Thus, as he noted, a particular pope may be sinful, but the papacy as such still retains its Petrine character. The Leonine distinction between person and office has proved to be of immense value and has helped the papacy survive unsuitable popes. Leo believed that Peter’s successors have “the care of all the churches” (Sermons 3.4), and he exercised his authority over Christian churches in Italy, Africa, and Gaul.
The Western Roman empire ended in 476. The successors of Leo, especially Felix III (483–492) and Gelasius I (492–496), applied his principles, but the imperial government in Constantinople exerted continual pressure on the papacy.

ترجمة بعض الفقرات

 لقد كان ليو الأول هو أول ثلاث بابوات دعوا بـ «المعظم»، والذي وضع الأساس النظري للسلطة البابوية العليا.
أخذ ليو لقب  Pontifex Maximus، الذي لَمْ يَعُد الأباطرة يستعملونه، وادّعى إمتِلاك كامل السلطة (plenitudo potestatis) ... ودافعَ باستمرارعن حقوقِ الكرسي الروماني. رفض القانون 28 من مجمع خليقدونية (451)، الذي أعطى لأسقف روما الجديدة (القسطنطينية) امتيازات مساوية لتلك التي لأسقف روما القديمة..
وكان الموضوع المفضّل الخاص بـ «ليو» هو العلاقةَ بين بطرس والبابا. كانت هذه الفكرة التي تقدم بها البابوات في وقت سابق، ولكن ليو تناولها بالتفصيل، حيث دعى في خطبه أنه «بطرس الجالس على كرسي بطرس» (2.2) و «وريثه غير الجدير» (3.4). وهكذا، كما أشار أن الشخص المعين بابا قد يكون شريرًا،  لكن البابويةَ في حد ذاتها ما زالَتْ تَحتفظُ بشخصِيتها البطرسية. التفريق الليئاوي بين الشخصِ والمنصب أثبت قيمةً هائلةً في مساعدة البابويةَ على البقاء من الباباوات غير المناسبينِ. اعتقدَ ليو بأنّ خلافة بطرس تعني «العناية بكُلّ الكنائس» (عظة 3.4)، وهو مارسَ سلطتَه على الكنائسِ المسيحية في إيطاليا، وأفريقيا، وغرب أوربا  (فرنسا، وبلجيكا، وهولندا، وألمانيا ..).
انتهت الإمبراطورية الرومانية الغربية في 476. خلفاء ليو، لا سيما فيليكس الثالث (483-492)،  وجلاسيوس الأول (492-496)، طبقوا مبادئه، ولكن الحكومة الإمبراطورية في القسطنطينية مارست ضغوطًا مستمرة على البابوية.
التعليق
البابا ليو الأول في القرن الخامس هو:
* أول ثلاث بابوات لُقِبوا بالمعظم.
هذه هي شهادة التاريخ أن لقب «البابا المعظم» يرجع إلى القرن الخامس، وليس من تسليم المسيح لرسله.. المسيح الذي نهى تلاميذه عن التمثل بأنظمة العالم من سيادة وتسلط، وليس من تسليم الرسل الذين أنكروا ذواتهم عندما أجرى الرب معجزات فوق الطبيعة بواسطتهم، وليس من تسليم الآباء الرسوليين (آباء القرن الثاني، والثالث).. ولا نجد لهذا اللقب أثرًا في كتابات آباء ما قبل نيقية، وآباء نيقية، وآباء ما بعد نيقية.
والسؤال المطروح هنا، كيف يقبل شخص على نفسه لقب «المعظم» ويكون خادمًا للمسيح؟
وأي صورة للمسيح المتضع يمكن أن يقدمها للعالم هذا الشخص المُلقب بالمعظم؟
المسيح الذي قال عنه الكتاب: «الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ» (فيلبي 2: 6- 8).
 المسيح الذي قال عن نفسه:
«.. أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ»
(متى 20: 28).
ألا يرتعب هؤلاء الذين قبلوا هذا اللقب «المعظم»؟
ألا يخافون الله؟
هل نسوا أصلهم أنهم جُبلوا من تراب؟
ألم يسمعوا قول الرب لآدم: «لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ» (تكوين 3: 19)؟
أم «لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ» (رومية 3: 18)؟
أليس المعظم هو الله وحده لا شريك له؟
الم يقل الكتاب في تثنية 32: 3 «أَعْطُوا عَظَمَةً لإِلهِنَا»؟
ألم يُبارك داود الملك الرب أمام كل الجماعة قائلاً: «لَكَ يَا رَبُّ الْعَظَمَةُ وَالْجَبَرُوتُ وَالْجَلاَلُ وَالْبَهَاءُ وَالْمَجْدُ، لأَنَّ لَكَ كُلَّ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ. لَكَ يَا رَبُّ الْمُلْكُ، وَقَدِ ارْتَفَعْتَ رَأْسًا عَلَى الْجَمِيعِ» (1 أخ 29: 11)؟
داود الملك الممسوح من الرب يقول للرب: «ارْتَفَعْتَ رَأْسًا عَلَى الْجَمِيعِ»، لم يقل أنا الملك الممسوح من الرب، وأنا الرأس والرئيس لهذا الشعب، بل أعطى العظمة والإجلال للرب وحده.
أليس إنسان من تراب يقبل على نفسه لقب «المعظم» يكون مجدفًا ومتعديًا على الله، ومغتصبًا صفة من صفات الله وحده؟
أليس شعب في ضلال، وبعيد كل البعد عن الكتاب المقدس، من يتبع شخص يُلقّب بـ «المعظم»؟
أليست هناك دينونة عظيمة على مَنْ يطلقون هذا اللقب على إنسان من المفروض أنه خادم للمسيح؟
ألم يقل الرب عن هذا الشعب في إشعياء ٥: ‏١٣ «سُبِيَ شَعْبِي لِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ»؟ ومكتوب أيضًا: «قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ» (هوشع 4: 6).
من الطبيعي أن شخصًا يُلقب بـ «المعظم» يقبل أن تابعيه يسجدون له، وأن يقبلوا يديه بدعوى أنه نوع من الاحترام. أي احترام هذا؟ هل الاحترام يعني السجود للبشر، وتقبيل أياديهم، أم أنها عبودية؟ أم أن هذا المُلقّب بالمعظم قد ارتفع إلى مصاف الآلهة؟   
إن هذا المشهد.. مشهد السجود للمدعو بالمعظم.. يُعرض مرارًا وتكرارًا في مناسبات عدة على الفضائيات أمام الملايين من المشاهدين، الذين يتعثرون لرؤية هذه الأمور تحدث في دائرة المسيحية. فيرفضون المسيحية شكلاً وموضوعًا، وجملة وتفصيلاً. والسؤال هنا: هؤلاء المتعثرون، دماؤهم ممَنْ تُطلب؟
ثم نجد أن «ليو»:
* أول مَنْ وضع الأساس النظري للسلطة البابوية.
أي أن البابوية قبل «ليو» لم يكن لها أساس، وهذا يرد على نفاق بعض المؤرخين الذين أدعوا أن بطرس الرسول هو البابا الأول لروما، وأن مرقس الإنجيلي هو البابا الأول لمصر، أي خداع وتزوير للتاريخ هذا؟
ولنا أن نسأل: بأي سلطان يضع «ليو» أو غيره أساسًا لنظام لم يأمر به الرب باني الكنيسة ومقتنيها بدمه الكريم؟  أليس مكتوب: «مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ» (أفسس 2: 20).
وفي كورنثوس الاولى ٣:‏١١ مكتوب: «فَإِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاسًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي وُضِعَ، الَّذِي هُوَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ».
والسؤال المطروح هنا: أين الرب يسوع المسيح في النظام البابوي؟
والإجابة هي في رؤيا 3: 20 «هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ..». الرب باني الكنيسة ومقتنيها بدمه الكريم يقف خارج المسيحية الإسمية التي اختلست ألقابه كالسيد الوحيد والمعلم، ووظائفه كرئيس الكهنة والوسيط الوحيد بين الله والناس، وسيادته على شعبه. يا للحسرة.
ثم نجد أن «ليو»:
* أول مَنْ أتخذ لقب Pontifex Maximus  «الحبر (الكاهن) الأعظم أي رئيس الكهنة»، الذي لَمْ يَعُد الأباطرة الوثنيون يستعملونه بصفتهم رؤساء كهنة الأوثان.
لقد تخلى الأباطرة الوثنيون عن رئاسة الكهنوت، وتمسك بها البابوات. يا للعار.
نجد أيضًا أن «ليو»:
* أول مَنْ أدعى كامل السلطة (plenitudo potestatis)، أي أنه صاحب السلطة العليا فوق كل سلطة أخرى. وهذا تصرف منطقي لشخص مُلقّب بـ «المعظم»، ومُلقّب بـ «الحبر (الكاهن) الأعظم أو رئيس الكهنة»، فكيف لا تكون له السلطة العليا فوق كل سلطة أخرى؟
إن التاريخ يشهد بأن بعض البابوات كانوا يتحكمون في الملوك والأباطرة في أوربا، يرفعون إلى الحكم من يشاؤن، وينزلون من الحكم من يشاؤن.
ثم نجد أن «ليو»:
* أول مَنْ أعلن الخلافة الرسولية صراحة، فهو القائل عن نفسه في خطبه أنه «بطرس الجالس على كرسي بطرس..».
واعتقدَ «ليو» بأنّ خلافة بطرس تعني «الاهتمام بكُلّ الكنائس» (عظة 3.4)، لذلك مارسَ سلطتَه على الكنائسِ المسيحية في إيطاليا، وأفريقيا، وغرب أوربا  (فرنسا، وبلجيكا، وهولندا، وألمانيا، ..)، والبابوات الذين أتوا من بعده طبقوا مبادئه.
ومن هنا ندرك أن السلطة البابوية لم تكن موجودة في الأصل، وأنها ليست من تسليم المسيح لتلاميذه، وليست من تسليم رسل المسيح لغيرهم، ولكنها دخلت إلى المسيحية في غفلة من الزمن، وقت أن كان المسيحيون يغطون في سبات عميق كما أنبأ الرب بذلك في مثل العذارى: «وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ» (متى 25: 5).
وفي فترة نعاس المؤمنين، يقول الكتاب: «وَفِيمَا النَّاسُ نِيَامٌ جَاءَ عَدُوُّهُ وَزَرَعَ زَوَانًا فِي وَسْطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى» (متى 13: 25). والزوان نبات سام لايمكن تمييزه عن الحنطة إلا عند تكوين السنابل ويشير إلى المسيحيين بالاسم، الذين زرعهم الشيطان وسط المؤمنين الحقيقيين والمشار إليهم بالحنطة. ومن هؤلاء المسيحيين بالاسم خرج الهراطقة، والمعلمين الكذبة الذين لهم صورة التقوى، وغيرهم ممن أساؤا إلى المسيحية الحقيقية وشوّهوا صورتها أمام العالم. 
لكن ما يُعزي المؤمنين الحقيقيين أنه في نصف ليل المسيحية صار صراخ يُعلن عن مجيء العريس، ويُنهض النائمين من نعاسهم وسباتهم لملاقاته، مكتوب: «فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ» (متى 25: 6). وهذا البحث بمثابة صرخة مدوية بجانب صرخات رجال الإصلاح، لإيقاظ النائمين لملاقاة العريس، رأس الكنيسة الحقيقي ورئيسها.


أسئلة عن  الفصل الخامس

1- هل وردت كلمة «بابوية» في العهد الجديد؟
2- متى يرجع أصل كلمة بابوية؟
3- متى تزايدت سلطة ونفوذ أسقف روما داخل نطاق الكنيسةِ على المستوى المسكوني، والإمبراطورية الرومانية؟
4- وضّح بطلان الأساس الذي بنت عليه الكنيسة الكاثوليكية اعتقادها بأن أسقف روما له السلطة العليا على كنائس العالم كافة؟
5- ما هو رأي علماءُ الكتاب المقدس الكاثوليك الرومانُ المعاصرين، أولاً فيما يختص برئاسة بطرس، ثانيًا، في نظام البابوية؟
6- متى تأسست سيادة الأسقف الواحد monepiscopacy (سيطرة الأسقف الواحد)؟
7- من هو أول من دعى روما بالكرسي الرسولي؟ ومتى؟
8- مَنْ هم أول ثلاث بابوات دعوا بـ «المعظم»؟
9- من هو أول مَنْ وضع الأساس النظري للسلطة البابوية؟ وأول مَنْ أعلن الخلافة الرسولية صراحة؟ وأول مَنْ أدعى كامل السلطة (plenitudo potestatis)، أي أنه صاحب السلطة العليا فوق كل سلطة أخرى؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق