خاتمة البحث
رأينا، في هذا البحث، أنه في غفلة من الزمن، وفي سبات عميق من المؤمنين الحقيقيين، أطلّ النظام البابوي على العالم بوجهه القبيح ليعلن عن مسيحية فاشلة، ممسوخة ومشوهة، عثرة للذين هم من خارجها، وعثرة أيضًا لمَنْ هم من داخلها، بل وطاردة للكثيرين منهم..
رأينا كيف أعلن هذا النظام عن مسيحية غريبة عن المسيح وعن رسله الكرام.. مسيحية أبعد ما تكون عن المسيحية الحقيقية..
مسيحية اغتصب فيها الإنسان مركز الرئاسة، والسلطة، والسيادة، والكهنوت، وغفران الخطايا من الرب يسوع المسيح..
مسيحية ادعى فيها الإنسان أنه المُعظّم، وصاحب القداسة، أي أنه مصدر القداسة ومنبعها، الأمر الذي يعتبر تجديفًا على الله، فالله وحده هو صاحب القداسة، لأنه مصدرالقداسة ومنبعها..
مسيحية صرفت مسامعها عن الحق، وانحرفت إلى الخرافات (2تيموثاوس 4: 4)..
مسيحية طردت الرب خارجها، وأوصدت الباب في وجهه الكريم حتى أنه قال: «هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ..» (رؤيا 3 : 20).
فبدلاً أن يأخذ الرب مكانه الطبيعي وسط المؤمنين حسب ما هو مكتوب: «لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ» (متى 18: 20)، وكما هو مكتوب أيضًا: «وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسْطِهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ:«سَلاَمٌ لَكُمْ!» (لوقا 24 : 36).. اغتصب الإنسان مركز الوسط، وطرد المسيح خارجًا..
مسيحية أدعى فيها الإنسان رئاسته للكنيسة.. ورئاسته للكهنوت.. ورئاسته على المسيحيين التابعين له.. وقَبِل فيها الإنسان أن يدعوه الناس سيدي ..سيدي.. الأمر الذي حذّر الرب تلاميذه من قبوله (متى 23: 7).
رأينا في هذا البحث كيف تحولت الكنيسة من جماعة مؤمنين يلتفون حول سيدهم الوحيد ربنا يسوع المسيح، إلى جماعة من الأسياد والعبيد..
أسياد هم أصحاب الأمر والنهي.. وعبيد خانعين لهم.. مُساقين ومنساقين.. مُذلين..
أسياد يُذيقون المُرّ لكل مَنْ يخالفهم الرأي.. والويل كل الويل لمن ينادي بالمسيح مخلصًا بالانفصال عن وساطتهم.. فشلحه وعزله وفضحه يكون على صفحات الجرائد.
لقد نجح الشيطان في غرس النظام البابوي داخل دائرة المسيحية حتى يدّمر صورتها الجميلة التي تمثلت في المسيح الوديع والمتواضع الذي قال بفمه الكريم: «لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (متى 20: 28)، بعد أن فشل في هيجانه لإبادة المؤمنين فيما سمي في التاريخ بعصر الاستشهاد، والذي كان أزهى عصور المسيحية على وجه الإطلاق.
لقد أطلّ النظام البابوي أمام العالم بالتيجان المرصعة بالأحجار الكريمة، والصلبان المصنوعة من الذهب الخالص، والثياب غالية الثمن والمطرزة بخيوط الذهب، والمزركشة، ذات الألوان الصادمة للعين.. منظر يستفز مشاعر المؤمنين الحقيقيين، وكذلك مشاعر الذين هم من خارج دائرة المسيحية، والذين يتطلعون لرؤية المسيح المتواضع، معاشًا في مَنْ يحملون اسمه، ويدّعون تبعيته وخدمته. حتى أن أحد الأدباء عقد مقارنة على لسان أحد شخصيات روايته «عزازيل» بين مظهر أسقف الإسكندرية (كيرلس المدعو بعمود الدين) وهو يرتدي ثيابه الفاخرة، وبين المسيح المصلوب، قال:
«نظرتُ إلى الثوب الممزّقَ في تمثال يسوع، ثم إلى الرداء الموشى للأسقف! ملابسُ يسوع أسمالٌ باليةٌ ممزقةٌ عن صدره ومعظم أعضائه، وملابسُ الأسقف محلاةٌ بخيوط ذهبية تغطيه كله، وبالكاد تُظهر وجهه. يَدُ يسوع فارغة من حطام دُنيانا، وفي يد الأسقف صولجان أظنه، من شدة بريقه، مصنوعًا من الذهب الخالص. فوق رأس يسوع أشواكُ تاج الآلام، وعلى رأس الأسقف تاج الأسقفيةِ الذهبي البرَّاق.. بدا لي يسوع مستسلمًا وهو يقبل تضحيته بنفسه على صليب الفداء، وبدا لي كِيرُلُّس مقبلاً على الإمساك بأطراف السماوات والأرض».
لم يكن الأديب معاصرًا لكيرلس أسقف الإسكندرية حتى يصفه بكل هذه الصفات، ولكنه ربما عبّر عما يشاهده في عصرنا الحاضر، من مظاهر البذخ والترف التي يحياها خلفاء كيرلس وغيره..
وربما هذا الأديب كان يعبر أيضًا عن مشاعر الملايين ممن سيقرأون روايته، والذين تستفزهم مظاهر الغنى الفاحش، والثراء الفادح، والتمثل بعظماء وملوك هذا العالم، وذلك في ممن يُفترض أنهم خدام المسيح.. المسيح المتواضع
إنه بحق مشهد يستفز مشاعر المؤمنين الحقيقيين أيضًا، الذين لم يعهدوا مثل هذه المسيحية في تعاليم المسيح، ولا في تعاليم رسله الكرام..
عار على النظام البابوي أن يحيا في هذا الترف، وهناك خمسة من أصحاب المليارات في العالم يعتزلون الكماليات ويعيشون حياة متواضعة ويقودون سياراتهم القديمة بأنفسهم ويسكنون منازل بسيطة. سوف يقوم هؤلاء الخمسة في يوم الدينونة العظيم ويدينون هذا النظام الذي يعمل ضد منهاج المسيح.. المسيح المتواضع.
وزاد عار النظام البابوي بالاحتماء بالحرّاس Bodyguards، ولكن الاحتماء ممن؟ هل الأب يأتي بالحراس ليحمى نفسه من أولاده؟ وهل إذا اقترب الأولاد من أبيهم ليأخذوا بركة كما يظنون يدفعهم الحرّاس، ثم تحدث اشتباكات بين الطرفين؟ ثم ينشر هذا على صفحات الجرائد. ياللعار والحسرة.
ولم يكتف النظام بذلك، بل أقتنى كلاب للحراسة، والتي اطلقت على مَنْ لهم مطالب - مما سميَّ في الإعلام «بموقعة الكلب» - وأيًا كانت مطالبهم، فهم من المفترض أبناء وبنات الكنيسة. وفي هذا الصدد يعلن أحد رجال النظام البابوي بأن: «الكلاب» كانت الوسيلة الوحيدة للحفاظ علي هيبة الكنيسة. ياللعار، والحسرة.
لقد بات حفظ هيبة الكنيسة منوطًا بكلاب الحراسة.
أي عار يلحق بالنظام البابوي، الذي لم يضع ثقته في حماية الرب وملائكته، ووثق في الاحتماء بالبشر Bodyguards والكلاب. أليس من العار، وضع البشر والكلاب في مقابلة مع الرب وملائكته؟! ألم يقرأوا في المزامير: «مَلاَكُ الرَّبِّ حَالٌّ حَوْلَ خَائِفِيهِ، وَيُنَجِّيهِمْ» (مزمور 34 : 7).
هل سمعتم عن مكان عبادة في العالم، أيً كان هذا المكان، وأيً كانت العبادة المقامة فيه، يأتي أصحابه بالكلاب لحفظ هيبته؟
سجل يا تاريخ في صفحة سوداء، لعصر حالك الظلمة تمرّ به الكنيسة المنسوبة للمدينة العظمى الإسكندرية أن: «الكلاب» كانت الوسيلة الوحيدة للحفاظ علي هيبة الكنيسة.
أي عار يلحق بالنظام البابوي عندما ترفع ضده الدعاوي القضائية، أمام محاكم الدولة. ومنها أب يقاضي الكنيسة لأنها ضمت ابنته للرهبنة دون إذنه!
أي عار يلحق بالنظام البابوي عندما يفكر بعض الكهنة في تأسيس نقابة لهم، لتخفيف قبضة الأساقفة عليهم. ياللحسرة.
أي عار يلحق بالنظام البابوي الذي يقوم على رهبان خانوا العهد الذي قطعوه على أنفسهم أمام الله أنهم ماتوا عن العالم وما عادوا يرجعون إليه. فكيف لمن خانوا العهد أن يحملوا الأمانة؟
ألم يقل أحدهم:
«نشأت الرهبنة كحياة وحدة وصلاة، بعيدة بُعدا كاملاً عن العالم وعن الخدمة وعن الكهنوت، لأشخاص ماتوا عن العالم، وما عادوا يرجعون إليه...». وللعلم، أن قائل هذه العبارة هو أول من رجع إلى العالم، وإلى الخدمة، وإلى الكهنوت، بل، وإلى رئاسة الكهنوت (كما يعتقد التقليديون).
لماذا رجعتم أيها الرهبان إلى العالم وإلى الخدمة وإلى الكهنوت (سواء كان ذلك بإرادتكم، أو بإرادة الآخرين) ونقضتم عهودكم؟
هل ظننتم في أنفسكم أنكم أفضل من الخدام العلمانيين (كما تسمونهم) سواء من المتبتلين أو من المتزوجين، في خدمة الشعب الذي دُعيّ عليه اسم المسيح؟
ألم تتعلموا في الرهبنة الهروب من المجد الباطل؟ أم أن الشيطان أصابكم بالكبرياء الذي ملأ قلوبكم، وسيطر على أفكاركم؟
متى تستفيقوا وتعودوا إلى أديرتكم؟ أم أن للمناصب بريقها الذي يُنسي الإنسان عهوده، ويدوس على كل تعهادته التي قطعها على نفسه؟
أليس الكبرياء أخذ من بعضكم كل مأخذ، حتى وصل الأمر إلى التكالب على المناصب الدينية؟
ألم نقرأ في الجرائد عن أسقف جنوب الولايات المتحدة الأمريكية أنه يحلم بتنصيب نفسه بطريركًا على أمريكا؟ وأعلن انشقاقه عن الكنيسة المصرية الأرثوذكسية، وإنشاء كنيسة مستقلة باسم «الكنيسة الأرثوذكسية الأمريكية الإسكندرية»، واختصارها «AOCA»، وقال فى بيان رسمى «الكنيسة الجديدة شقيقة للكنيسة الأرثوذكسية المصرية لكن لا تندرج تحت رئاستها». وأكد أن كنيسته الجديدة ستبدأ بثمانى كنائس، كخطوة أولى ثم تضم بقية الكنائس الأرثوذكسية فى الولايات المتحدة، على أن تلغى كلمة قبطية من كنائسه وإيبراشياته، مؤكدًا ذلك بقوله: «كلمة قبطى تعنى مصرى ولا تناسب الكنيسة الجديدة». يا للعار والحسرة.
بل إن التكالب على المناصب وصل إلى حد التآمر، والسعي نحو الإطاحة بالبابا الحالي من 5 شخصيات، ويكون عنوان المقال في إحدى الصحف: «خطة لإدارة الكرسى المرقسى عبر لجنة أسقفية «الصباح» تكشف مؤامرة الأساقفة لعزل البابا..»... المصادر تؤكد أن عددًا من الأساقفة الموجودين داخل الكنيسة، والمعروفين بـ«مجموعة الحرس القديم»، يثيرون هذه الأزمات حول البابا، حتى يثبتوا للشعب القبطى أن ... ليس اختيارًا إلهيًا، وأنه تم تمريره عن طريق قرعة مشكوك فى مصداقيتها.
أليس هذا التكالب على احتلال المناصب الدينية، يؤكد مرة أخرى أن النظام البابوي، هو نظام كهنوتي، سيادي، سلطوي، رئاسي (رئاسة دويلة داخل دولة)، على العكس تمامًا مما عَلّم به الرب، وما حذّر منه تلاميذه؟
لماذا أيها الرهبان، أيًا كانت مراكزكم الدينية، تُدخلون أنفسكم في تجربة؟
لماذا لا ترجعون إلى أديرتكم، وقلاليكم، ومغائركم، وخلوتكم، ودموعكم، وصلواتكم؟
أليس شعب المسيح في حاجة إلى صلواتكم ودموعكم المنسكبة أمام الرب إن كنتم حقًا مؤمنين حقيقيين، أكثر من خدماتكم الطقسية، الجامدة، الفاشلة.
أليس لسان حال الراهب: «أنا في البيداء وحدي ليس لي شأن بغيري».
فكيف لمن لا شأن له بغيره أن يترك وحدته وخلوته وقلايته أو مغارته، وينزل إلى العالم الذي هرب منه، ليدير أحوال الملايين من المسيحيين؟
وكيف لمن اعتاد هدوء الصحراء، أن يتحمل ضوضاء وضجيج العالم؟
وكيف لمن هرب من المجد الباطل أن يعود إليه مرة أخرى، ويقبل أن تُقبّل يده، ويُسجد له، وأن يدعوه الناس، سيدنا سيدنا؟ الأمور التي هي ضد إنجيل المسيح وتعاليمه.
لن أتحدث عن الإرهاب البابوي في العصور الوسطى في أوربا، ومحاكم التفتيش The Inquisition، وحرق البيوت التي يجدون فيها نسخة من الكتاب المقدس، بمن فيها من أطفال، ونساء، وشيوخ.. أليست محاكم التفتيش التي هي حاضرة على الدوام في ذاكرة التاريخ، تمثل وصمة عار في جبين النظام البابوي؟
أليس الإرهاب البابوي، موجود في كل العصور حتى لو أخذ أشكالاً مختلفة، وأساليبًا متعددة؟
أليس الحرمان والشلح، والعزل، والتحريض على عدم قراءة مؤلفات بعينها، وإشاعة الشائعات المُغرضة.. واتهام الطوائف غير التقليدية، والمنتسبة إلى الإنجيل، أن مصيرها جهنم وبئس المصير، نوعًا من الإرهاب..
إي عار يلحق بالنظام البابوي أن يكون قِبلة لرجال السياسة والإعلام، ويتحول إلى فاتيكان آخر، دويلة داخل دولة.
هل كان المسيح رجل سياسة؟ ألم يقل: مملكتي ليست من هذا العالم؟ (يوحنا 18: 36).
وهل رسله الكرام أقحموا أنفسهم في الأمور السياسية؟ ألم تؤخذ المآخذ على النظام البابوي عندما أقحم نفسه في السياسة؟ ألم يجلب العار على اسم المسيح؟ ألم تُحرق عشرات الكنائس، ويُذبح ويُقتل المسيحيون في أنحاء مختلفة سواء داخل مصر أو خارجها، وتُحرق بيوتهم، ويُسحل بعضهم في الشوارع بسبب ذلك؟ دماء هؤلاء، ممَنْ تُطلب؟
إن أحدًا لا يزايد على محبة المسيحيين لوطنهم، الذي سُفكت على ترابه دماء أجدادهم القديسين في عصور الاستشهاد، وفي كل العصور. والتاريخ خير شاهد على ذلك. ولكن للسياسة رجالاتها وأدواتها. أليس هناك من المستشارين والمحامين، ورجال الأعمال والمثقفين من الأقباط الذين يستطيعون تمثيل المسيحيين خير تمثيل أمام الدولة، بعيدًا عن مَنْ يخدمون الإنجيل، أو مَنْ يدّعون ذلك.
عار على النظام البابوي ألا يكرز بالإنجيل، حتى في المناسبات الدينية. فأين الكرازة بتجسد الكلمة الأزلي، في مناسبة الميلاد؟ وأين الكرازة بالخلاص العظيم الذي صنعه الرب بموته على الصليب وقيامته من بين الأموات منتصرًا على الموت، في مناسبة القيامة؟
أين قول الكتاب: «إِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فَكَأَقْوَالِ اللهِ..» (1بطرس 4: 11).
أين الكرازة بالإنجيل في هاتين المناسبتين؟ أليس في الحضور مَنْ يجهل المسيحية، ويتشوّق إلى معرفتها؟
ماذا صنع النظام البابوي - على مرّ التاريخ - لاسم المسيح؟
إن المسيحيين يتكاثرون بالتوالد الجسدي، وليس بالكرازة بالإنجيل، وكما قال الرب: «اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ..» (يوحنا 3: 6). والكثير من هؤلاء يتركون المسيحية، ويجحدون المسيح، أو على الأقل فهم مسيحيون بالاسم.
إن تاريخ البابوية سواء في الشرق أو في الغرب، مملؤ بالخزي والعار، والتاريخ خير شاهد على ذلك.
إن هذا البحث مقدم شهادة أمام رب الكنيسة وبانيها ومقتنيها بدمه الكريم، الذي قال بفمه الطاهر ومازالت أصداء قوله تدوي في هذا الكون الفسيح: «على هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها» (متى 16: 18).
وهذه الشهادة هي استكمال لما بدأه رجال الإصلاح المباركين الذين عانوا على أيدي رجال النظام البابوي من العذابات ما يندى له الجبين، وتقشعر له الأبدان، ويشيب له الولدان.
كما أنه مقدم أمام التاريخ ليسجل أنه في بداية القرن الحادي والعشرين، في مصر أم الدنيا، والتي اختص الرب شعبها دون شعوب العالم أجمع بأن نسبه إلى نفسه قائلاً: «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ»، أقام الرب شهادة تكشف حقيقة هذا النظام، غرضها إنارة العقول - التي أظلمت بالتقاليد البشرية التي أبعدت كثرة من المدعوين مسيحيين عن حق الإنجيل، وأيضًا لتحرير النفوس التي استعبدت للبشر وأسلمت رقابها لمن يسوقها.. فمن مصر القديمة خرج نور العلم والمعرفة لإنارة العالم، ومن مصر الحديثة.. خرج قبس من نور الإنجيل، الذي من شأنه أن ينذر ببداية عصر نهضة وتنوير وإصلاح في شرقنا كما حدث في أوربا عندما تحررت شعوبها من قبضة رجال الدين، أو قل من قبضة المتاجرين بالدين، بتعاليمهم المنحرفة عن حق الإنجيل، ومظاهرهم الخدّاعة.
عزيزي القارئ، والدارس، والباحث عن الحق والحقيقة
إذا كانت لديك تساؤلات، لا تتردد في الاتصال بي
محمول : 01227183709
بريد إلكتروني : saidmih @yahoo.com
الرب معك.
رأينا، في هذا البحث، أنه في غفلة من الزمن، وفي سبات عميق من المؤمنين الحقيقيين، أطلّ النظام البابوي على العالم بوجهه القبيح ليعلن عن مسيحية فاشلة، ممسوخة ومشوهة، عثرة للذين هم من خارجها، وعثرة أيضًا لمَنْ هم من داخلها، بل وطاردة للكثيرين منهم..
رأينا كيف أعلن هذا النظام عن مسيحية غريبة عن المسيح وعن رسله الكرام.. مسيحية أبعد ما تكون عن المسيحية الحقيقية..
مسيحية اغتصب فيها الإنسان مركز الرئاسة، والسلطة، والسيادة، والكهنوت، وغفران الخطايا من الرب يسوع المسيح..
مسيحية ادعى فيها الإنسان أنه المُعظّم، وصاحب القداسة، أي أنه مصدر القداسة ومنبعها، الأمر الذي يعتبر تجديفًا على الله، فالله وحده هو صاحب القداسة، لأنه مصدرالقداسة ومنبعها..
مسيحية صرفت مسامعها عن الحق، وانحرفت إلى الخرافات (2تيموثاوس 4: 4)..
مسيحية طردت الرب خارجها، وأوصدت الباب في وجهه الكريم حتى أنه قال: «هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ..» (رؤيا 3 : 20).
فبدلاً أن يأخذ الرب مكانه الطبيعي وسط المؤمنين حسب ما هو مكتوب: «لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ» (متى 18: 20)، وكما هو مكتوب أيضًا: «وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسْطِهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ:«سَلاَمٌ لَكُمْ!» (لوقا 24 : 36).. اغتصب الإنسان مركز الوسط، وطرد المسيح خارجًا..
مسيحية أدعى فيها الإنسان رئاسته للكنيسة.. ورئاسته للكهنوت.. ورئاسته على المسيحيين التابعين له.. وقَبِل فيها الإنسان أن يدعوه الناس سيدي ..سيدي.. الأمر الذي حذّر الرب تلاميذه من قبوله (متى 23: 7).
رأينا في هذا البحث كيف تحولت الكنيسة من جماعة مؤمنين يلتفون حول سيدهم الوحيد ربنا يسوع المسيح، إلى جماعة من الأسياد والعبيد..
أسياد هم أصحاب الأمر والنهي.. وعبيد خانعين لهم.. مُساقين ومنساقين.. مُذلين..
أسياد يُذيقون المُرّ لكل مَنْ يخالفهم الرأي.. والويل كل الويل لمن ينادي بالمسيح مخلصًا بالانفصال عن وساطتهم.. فشلحه وعزله وفضحه يكون على صفحات الجرائد.
لقد نجح الشيطان في غرس النظام البابوي داخل دائرة المسيحية حتى يدّمر صورتها الجميلة التي تمثلت في المسيح الوديع والمتواضع الذي قال بفمه الكريم: «لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (متى 20: 28)، بعد أن فشل في هيجانه لإبادة المؤمنين فيما سمي في التاريخ بعصر الاستشهاد، والذي كان أزهى عصور المسيحية على وجه الإطلاق.
لقد أطلّ النظام البابوي أمام العالم بالتيجان المرصعة بالأحجار الكريمة، والصلبان المصنوعة من الذهب الخالص، والثياب غالية الثمن والمطرزة بخيوط الذهب، والمزركشة، ذات الألوان الصادمة للعين.. منظر يستفز مشاعر المؤمنين الحقيقيين، وكذلك مشاعر الذين هم من خارج دائرة المسيحية، والذين يتطلعون لرؤية المسيح المتواضع، معاشًا في مَنْ يحملون اسمه، ويدّعون تبعيته وخدمته. حتى أن أحد الأدباء عقد مقارنة على لسان أحد شخصيات روايته «عزازيل» بين مظهر أسقف الإسكندرية (كيرلس المدعو بعمود الدين) وهو يرتدي ثيابه الفاخرة، وبين المسيح المصلوب، قال:
«نظرتُ إلى الثوب الممزّقَ في تمثال يسوع، ثم إلى الرداء الموشى للأسقف! ملابسُ يسوع أسمالٌ باليةٌ ممزقةٌ عن صدره ومعظم أعضائه، وملابسُ الأسقف محلاةٌ بخيوط ذهبية تغطيه كله، وبالكاد تُظهر وجهه. يَدُ يسوع فارغة من حطام دُنيانا، وفي يد الأسقف صولجان أظنه، من شدة بريقه، مصنوعًا من الذهب الخالص. فوق رأس يسوع أشواكُ تاج الآلام، وعلى رأس الأسقف تاج الأسقفيةِ الذهبي البرَّاق.. بدا لي يسوع مستسلمًا وهو يقبل تضحيته بنفسه على صليب الفداء، وبدا لي كِيرُلُّس مقبلاً على الإمساك بأطراف السماوات والأرض».
لم يكن الأديب معاصرًا لكيرلس أسقف الإسكندرية حتى يصفه بكل هذه الصفات، ولكنه ربما عبّر عما يشاهده في عصرنا الحاضر، من مظاهر البذخ والترف التي يحياها خلفاء كيرلس وغيره..
وربما هذا الأديب كان يعبر أيضًا عن مشاعر الملايين ممن سيقرأون روايته، والذين تستفزهم مظاهر الغنى الفاحش، والثراء الفادح، والتمثل بعظماء وملوك هذا العالم، وذلك في ممن يُفترض أنهم خدام المسيح.. المسيح المتواضع
إنه بحق مشهد يستفز مشاعر المؤمنين الحقيقيين أيضًا، الذين لم يعهدوا مثل هذه المسيحية في تعاليم المسيح، ولا في تعاليم رسله الكرام..
عار على النظام البابوي أن يحيا في هذا الترف، وهناك خمسة من أصحاب المليارات في العالم يعتزلون الكماليات ويعيشون حياة متواضعة ويقودون سياراتهم القديمة بأنفسهم ويسكنون منازل بسيطة. سوف يقوم هؤلاء الخمسة في يوم الدينونة العظيم ويدينون هذا النظام الذي يعمل ضد منهاج المسيح.. المسيح المتواضع.
وزاد عار النظام البابوي بالاحتماء بالحرّاس Bodyguards، ولكن الاحتماء ممن؟ هل الأب يأتي بالحراس ليحمى نفسه من أولاده؟ وهل إذا اقترب الأولاد من أبيهم ليأخذوا بركة كما يظنون يدفعهم الحرّاس، ثم تحدث اشتباكات بين الطرفين؟ ثم ينشر هذا على صفحات الجرائد. ياللعار والحسرة.
ولم يكتف النظام بذلك، بل أقتنى كلاب للحراسة، والتي اطلقت على مَنْ لهم مطالب - مما سميَّ في الإعلام «بموقعة الكلب» - وأيًا كانت مطالبهم، فهم من المفترض أبناء وبنات الكنيسة. وفي هذا الصدد يعلن أحد رجال النظام البابوي بأن: «الكلاب» كانت الوسيلة الوحيدة للحفاظ علي هيبة الكنيسة. ياللعار، والحسرة.
لقد بات حفظ هيبة الكنيسة منوطًا بكلاب الحراسة.
أي عار يلحق بالنظام البابوي، الذي لم يضع ثقته في حماية الرب وملائكته، ووثق في الاحتماء بالبشر Bodyguards والكلاب. أليس من العار، وضع البشر والكلاب في مقابلة مع الرب وملائكته؟! ألم يقرأوا في المزامير: «مَلاَكُ الرَّبِّ حَالٌّ حَوْلَ خَائِفِيهِ، وَيُنَجِّيهِمْ» (مزمور 34 : 7).
هل سمعتم عن مكان عبادة في العالم، أيً كان هذا المكان، وأيً كانت العبادة المقامة فيه، يأتي أصحابه بالكلاب لحفظ هيبته؟
سجل يا تاريخ في صفحة سوداء، لعصر حالك الظلمة تمرّ به الكنيسة المنسوبة للمدينة العظمى الإسكندرية أن: «الكلاب» كانت الوسيلة الوحيدة للحفاظ علي هيبة الكنيسة.
أي عار يلحق بالنظام البابوي عندما ترفع ضده الدعاوي القضائية، أمام محاكم الدولة. ومنها أب يقاضي الكنيسة لأنها ضمت ابنته للرهبنة دون إذنه!
أي عار يلحق بالنظام البابوي عندما يفكر بعض الكهنة في تأسيس نقابة لهم، لتخفيف قبضة الأساقفة عليهم. ياللحسرة.
أي عار يلحق بالنظام البابوي الذي يقوم على رهبان خانوا العهد الذي قطعوه على أنفسهم أمام الله أنهم ماتوا عن العالم وما عادوا يرجعون إليه. فكيف لمن خانوا العهد أن يحملوا الأمانة؟
ألم يقل أحدهم:
«نشأت الرهبنة كحياة وحدة وصلاة، بعيدة بُعدا كاملاً عن العالم وعن الخدمة وعن الكهنوت، لأشخاص ماتوا عن العالم، وما عادوا يرجعون إليه...». وللعلم، أن قائل هذه العبارة هو أول من رجع إلى العالم، وإلى الخدمة، وإلى الكهنوت، بل، وإلى رئاسة الكهنوت (كما يعتقد التقليديون).
لماذا رجعتم أيها الرهبان إلى العالم وإلى الخدمة وإلى الكهنوت (سواء كان ذلك بإرادتكم، أو بإرادة الآخرين) ونقضتم عهودكم؟
هل ظننتم في أنفسكم أنكم أفضل من الخدام العلمانيين (كما تسمونهم) سواء من المتبتلين أو من المتزوجين، في خدمة الشعب الذي دُعيّ عليه اسم المسيح؟
ألم تتعلموا في الرهبنة الهروب من المجد الباطل؟ أم أن الشيطان أصابكم بالكبرياء الذي ملأ قلوبكم، وسيطر على أفكاركم؟
متى تستفيقوا وتعودوا إلى أديرتكم؟ أم أن للمناصب بريقها الذي يُنسي الإنسان عهوده، ويدوس على كل تعهادته التي قطعها على نفسه؟
أليس الكبرياء أخذ من بعضكم كل مأخذ، حتى وصل الأمر إلى التكالب على المناصب الدينية؟
ألم نقرأ في الجرائد عن أسقف جنوب الولايات المتحدة الأمريكية أنه يحلم بتنصيب نفسه بطريركًا على أمريكا؟ وأعلن انشقاقه عن الكنيسة المصرية الأرثوذكسية، وإنشاء كنيسة مستقلة باسم «الكنيسة الأرثوذكسية الأمريكية الإسكندرية»، واختصارها «AOCA»، وقال فى بيان رسمى «الكنيسة الجديدة شقيقة للكنيسة الأرثوذكسية المصرية لكن لا تندرج تحت رئاستها». وأكد أن كنيسته الجديدة ستبدأ بثمانى كنائس، كخطوة أولى ثم تضم بقية الكنائس الأرثوذكسية فى الولايات المتحدة، على أن تلغى كلمة قبطية من كنائسه وإيبراشياته، مؤكدًا ذلك بقوله: «كلمة قبطى تعنى مصرى ولا تناسب الكنيسة الجديدة». يا للعار والحسرة.
بل إن التكالب على المناصب وصل إلى حد التآمر، والسعي نحو الإطاحة بالبابا الحالي من 5 شخصيات، ويكون عنوان المقال في إحدى الصحف: «خطة لإدارة الكرسى المرقسى عبر لجنة أسقفية «الصباح» تكشف مؤامرة الأساقفة لعزل البابا..»... المصادر تؤكد أن عددًا من الأساقفة الموجودين داخل الكنيسة، والمعروفين بـ«مجموعة الحرس القديم»، يثيرون هذه الأزمات حول البابا، حتى يثبتوا للشعب القبطى أن ... ليس اختيارًا إلهيًا، وأنه تم تمريره عن طريق قرعة مشكوك فى مصداقيتها.
أليس هذا التكالب على احتلال المناصب الدينية، يؤكد مرة أخرى أن النظام البابوي، هو نظام كهنوتي، سيادي، سلطوي، رئاسي (رئاسة دويلة داخل دولة)، على العكس تمامًا مما عَلّم به الرب، وما حذّر منه تلاميذه؟
لماذا أيها الرهبان، أيًا كانت مراكزكم الدينية، تُدخلون أنفسكم في تجربة؟
لماذا لا ترجعون إلى أديرتكم، وقلاليكم، ومغائركم، وخلوتكم، ودموعكم، وصلواتكم؟
أليس شعب المسيح في حاجة إلى صلواتكم ودموعكم المنسكبة أمام الرب إن كنتم حقًا مؤمنين حقيقيين، أكثر من خدماتكم الطقسية، الجامدة، الفاشلة.
أليس لسان حال الراهب: «أنا في البيداء وحدي ليس لي شأن بغيري».
فكيف لمن لا شأن له بغيره أن يترك وحدته وخلوته وقلايته أو مغارته، وينزل إلى العالم الذي هرب منه، ليدير أحوال الملايين من المسيحيين؟
وكيف لمن اعتاد هدوء الصحراء، أن يتحمل ضوضاء وضجيج العالم؟
وكيف لمن هرب من المجد الباطل أن يعود إليه مرة أخرى، ويقبل أن تُقبّل يده، ويُسجد له، وأن يدعوه الناس، سيدنا سيدنا؟ الأمور التي هي ضد إنجيل المسيح وتعاليمه.
لن أتحدث عن الإرهاب البابوي في العصور الوسطى في أوربا، ومحاكم التفتيش The Inquisition، وحرق البيوت التي يجدون فيها نسخة من الكتاب المقدس، بمن فيها من أطفال، ونساء، وشيوخ.. أليست محاكم التفتيش التي هي حاضرة على الدوام في ذاكرة التاريخ، تمثل وصمة عار في جبين النظام البابوي؟
أليس الإرهاب البابوي، موجود في كل العصور حتى لو أخذ أشكالاً مختلفة، وأساليبًا متعددة؟
أليس الحرمان والشلح، والعزل، والتحريض على عدم قراءة مؤلفات بعينها، وإشاعة الشائعات المُغرضة.. واتهام الطوائف غير التقليدية، والمنتسبة إلى الإنجيل، أن مصيرها جهنم وبئس المصير، نوعًا من الإرهاب..
إي عار يلحق بالنظام البابوي أن يكون قِبلة لرجال السياسة والإعلام، ويتحول إلى فاتيكان آخر، دويلة داخل دولة.
هل كان المسيح رجل سياسة؟ ألم يقل: مملكتي ليست من هذا العالم؟ (يوحنا 18: 36).
وهل رسله الكرام أقحموا أنفسهم في الأمور السياسية؟ ألم تؤخذ المآخذ على النظام البابوي عندما أقحم نفسه في السياسة؟ ألم يجلب العار على اسم المسيح؟ ألم تُحرق عشرات الكنائس، ويُذبح ويُقتل المسيحيون في أنحاء مختلفة سواء داخل مصر أو خارجها، وتُحرق بيوتهم، ويُسحل بعضهم في الشوارع بسبب ذلك؟ دماء هؤلاء، ممَنْ تُطلب؟
إن أحدًا لا يزايد على محبة المسيحيين لوطنهم، الذي سُفكت على ترابه دماء أجدادهم القديسين في عصور الاستشهاد، وفي كل العصور. والتاريخ خير شاهد على ذلك. ولكن للسياسة رجالاتها وأدواتها. أليس هناك من المستشارين والمحامين، ورجال الأعمال والمثقفين من الأقباط الذين يستطيعون تمثيل المسيحيين خير تمثيل أمام الدولة، بعيدًا عن مَنْ يخدمون الإنجيل، أو مَنْ يدّعون ذلك.
عار على النظام البابوي ألا يكرز بالإنجيل، حتى في المناسبات الدينية. فأين الكرازة بتجسد الكلمة الأزلي، في مناسبة الميلاد؟ وأين الكرازة بالخلاص العظيم الذي صنعه الرب بموته على الصليب وقيامته من بين الأموات منتصرًا على الموت، في مناسبة القيامة؟
أين قول الكتاب: «إِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فَكَأَقْوَالِ اللهِ..» (1بطرس 4: 11).
أين الكرازة بالإنجيل في هاتين المناسبتين؟ أليس في الحضور مَنْ يجهل المسيحية، ويتشوّق إلى معرفتها؟
ماذا صنع النظام البابوي - على مرّ التاريخ - لاسم المسيح؟
إن المسيحيين يتكاثرون بالتوالد الجسدي، وليس بالكرازة بالإنجيل، وكما قال الرب: «اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ..» (يوحنا 3: 6). والكثير من هؤلاء يتركون المسيحية، ويجحدون المسيح، أو على الأقل فهم مسيحيون بالاسم.
إن تاريخ البابوية سواء في الشرق أو في الغرب، مملؤ بالخزي والعار، والتاريخ خير شاهد على ذلك.
إن هذا البحث مقدم شهادة أمام رب الكنيسة وبانيها ومقتنيها بدمه الكريم، الذي قال بفمه الطاهر ومازالت أصداء قوله تدوي في هذا الكون الفسيح: «على هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها» (متى 16: 18).
وهذه الشهادة هي استكمال لما بدأه رجال الإصلاح المباركين الذين عانوا على أيدي رجال النظام البابوي من العذابات ما يندى له الجبين، وتقشعر له الأبدان، ويشيب له الولدان.
كما أنه مقدم أمام التاريخ ليسجل أنه في بداية القرن الحادي والعشرين، في مصر أم الدنيا، والتي اختص الرب شعبها دون شعوب العالم أجمع بأن نسبه إلى نفسه قائلاً: «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ»، أقام الرب شهادة تكشف حقيقة هذا النظام، غرضها إنارة العقول - التي أظلمت بالتقاليد البشرية التي أبعدت كثرة من المدعوين مسيحيين عن حق الإنجيل، وأيضًا لتحرير النفوس التي استعبدت للبشر وأسلمت رقابها لمن يسوقها.. فمن مصر القديمة خرج نور العلم والمعرفة لإنارة العالم، ومن مصر الحديثة.. خرج قبس من نور الإنجيل، الذي من شأنه أن ينذر ببداية عصر نهضة وتنوير وإصلاح في شرقنا كما حدث في أوربا عندما تحررت شعوبها من قبضة رجال الدين، أو قل من قبضة المتاجرين بالدين، بتعاليمهم المنحرفة عن حق الإنجيل، ومظاهرهم الخدّاعة.
عزيزي القارئ، والدارس، والباحث عن الحق والحقيقة
إذا كانت لديك تساؤلات، لا تتردد في الاتصال بي
محمول : 01227183709
بريد إلكتروني : saidmih @yahoo.com
الرب معك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق